كتب المعلق سايمون هندرسون، مدير برنامج الخليج والطاقة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، معلقا على أحداث
اليمن، حيث يرى أن انقلاب الحوثيين على السلطة سيكون كابوسا للسعودية.
ويشير هندرسون في تحليله إلى حالة الارتباك التي سادت اليمن بعد أن استولى المتمردون
الحوثيون على القصر الرئاسي في 20 كانون الثاني/ يناير، وحاصروا مقر الرئيس عبده ربه منصور هادي، ومنزل رئيس الوزراء خالد بحاح. فيما أطلق الرصاص على سيارة تابعة للسفارة الأمريكية.
ويورد التقرير أن شبكة "سي إن إن" الأمريكية ذكرت أن سفينتين تابعتين للبحرية الأمريكية تمركزتا في البحر الأحمر لإجلاء الرعايا الأمريكيين من السفارة إذا لزم الأمر.
ويذكر الكاتب أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما كان يحضر لإلقاء خطابه عن حالة الاتحاد عندما بدأت أحداث اليمن تتوالى. وجاء تطور الأحداث بعد مرور أقل من أسبوعين على الهجمات التي شهدتها باريس، التي ربطت باليمن، وبعد مرور أربعة أشهر من إشادة الرئيس الأمريكي باليمن، باعتبارها مثالاً ناجحاً للاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب.
ويرى هندرسون أنه بعيدا عن الموقف الأمريكي فإن آثار ما يجري في اليمن ستترك أبعادا كبيرة على الواقع الإقليمي، خاصة أن
السعودية "شبه مذعورة من جارتها الفقيرة". وهذا الخوف نابع من أسباب تاريخية ومخاطر حالية.
ويضيف الكاتب أن اليمن يطالب بأراضٍ في السعودية، وهذا هو السبب، كما يرى الكثير من المراقبين، الذي يجعل الإحصاءات السكانية السعودية تميل غالبا لإظهار عدد سكان المملكة أكبر من عدد سكان اليمن، "الأمر الذي يؤثر سلباً على أي عملية انتقام تقوم بها اليمن لاسترجاع الأراضي التي فقدتها البلاد تاريخياً".
ويفيد التقرير بأنه يقال أن الملك عبد العزيز بن سعود، مؤسس المملكة، حذر وهو على فراش الموت ورثته بعدم السماح لليمن، الذي كان مقسما في ذلك الحين إلى دولتين، بالاتحاد.
ويستدرك الكاتب بأن عملية الوحدة تمت في النهاية عام 1990، الأمر الذي دفع بالرياض إلى مساندة حركة انشقاق جنوبية في عام 1994 إلا أن قوات الرئيس علي عبد الله صالح ألحقت هزيمة كبيرة بتلك الحركة. ولم يؤدِ ذلك الحدث سوى إلى توسيع مساحة عدم الثقة بين البلدين. وفي النهاية تمت الإطاحة بالرئيس صالح في عام 2012، بعد ما شهده اليمن من "ربيع عربي" خاص به.
ولاحظ هندرسون التكتم السعودي الرسمي، وعدم رده على العنف الذي شهده اليمن في الأيام القليلة الماضية، مع أن الصحف في المملكة أوردت عناوين تسلط الضوء على الفوضى المتزايدة.
ويعتقد الكاتب أن بطء الرد السعودي على ما يجري في اليمن راجع بالضرورة للحالة الصحية التي يمر بها العاهل السعودي الملك عبد الله.
ويبين هندرسون أن هناك من يقول أن السبب راجع لتقسيم ملف اليمن بين وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، الذي يتولى قضايا مكافحة الإرهاب، ووزارة الدفاع، تحت إدارة ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز، الذي يعاني من المرض، وهي الوزارة التي تشرف على الدفعات المخصصة للقبائل الحدودية.
ويجد الكاتب أنه لا يمكن تفسير ما يجري في اليمن إن كان تعبيرا عن حالة فوضى، أم فراغا في السلطة. مشيرا إلى أن الحوثيين الذين طالما اشتكوا من الظلم يحاولون الآن فرض سيطرتهم على البلاد. ولم يعرقل الرئيس عبد ربه منصور هادي دخولهم إلى العاصمة في أيلول/ سبتمبر الماضي؛ بسبب خوفه من أن يُتهم بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
أما بالنسبة لمبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر، وهو دبلوماسي مغربي، فلم يكن له أي تأثير يذكر.
ويلفت الكاتب إلى أن تقدم الحوثيين سيفسر بالنسبة للسعودية على أنه تقدم استراتيجي لإيران، التي دعمت الحوثيين في السابق.
ويقول هندرسون إنه رغم ما تم التوصل إليه من اتفاق بين الرئيس هادي والحوثيين فلا مفر من دخول البلاد في حالة من الفوضى وزعزعة الاستقرار. وهذا يعد نكسة لجهود الولايات المتحدة، التي تقوم بحشد القوى لمواجهة القاعدة في اليمن.
ويكشف الكاتب أن السيناريو الأخطر هو انقسام اليمن، "فهذا سيزيد من حالة الفوضى وغياب القانون، وسيؤثر على مضيق باب المندب الاستراتيجي، الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي".
ويخلص هندرسون إلى أنه بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فإن أحداث صنعاء تعني أنه يتوجب على الرياض أن تتعامل على نحو متزايد مع جبهتين: قوات تنظيم
الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف بـ "داعش" السنية في الشمال، والقوى الشيعية الحوثية، التي تعدها المملكة عميلة لإيران في الجنوب.