نشرت مجلة كريستيان ساينس مونيتور تقريرا للصحافية ماجي مايكل، حول تنامي قوة
القاعدة في
اليمن؛ بسبب ضربات الطائرات دون طيار، بالإضافة إلى الطفرة التي حصلت في قوة
الحوثيين، وتحول الصراع في اليمن إلى صراع طائفي إلى حد كبير.
ويشير التقرير إلى أن نهضة هذه الحركة المتطرفة تأتي بعد تحديات متعددة، منها غارات الطائرات الأمريكية دون طيار، حيث أتبعت هذه الغارات بداية العام الماضي بهجوم قامت به القوات اليمنية على قاعدة للتنظيم في الجبال النائية، كما أن التنظيم عانى على مدى العام الماضي من منافسة تنظيم الدولة، الذي حاول التمدد في اليمن.
وتستدرك المجلة بأن تمدد الحوثيين
الشيعة شكل منحة إلهية للقاعدة في شبه الجزيرة العربية، كما يسمى التنظيم في اليمن، حيث أخذت الاضطرابات في اليمن منحى طائفيا، ما ساعد القاعدة (السنية) على تجنيد أعداد جديدة من الشباب. ولأن التنظيم خسر شخصيات مهمة في الغارات الأمريكية في الأعوام الماضية، بعضهم من قبائل مهمة، ازداد تأييد رجال القبائل للتنظيم.
وهذا برأي بيل روجيو، من مجلة "لونغ وار"، على المدى الطويل سيؤثر سلبا على حملة الولايات المتحدة للقضاء على التنظيم في اليمن.
ويقول روجيو للأسوشييتد برس: "المحلي يغذي الخارجي، فكلما قوي التنظيم محليا أصبح خطره الخارجي أكبر"، مضيفا أن إضعاف حليف أمريكا عبد ربه منصور هادي سيجعل مقدرة أمريكا على ضرب القاعدة أضعف بسبب خسارة الحليف، بحسب المجلة.
ويذكر التقرير أن الحوثيين، الذين يحظون بتأييد الرئيس المعزول علي عبد الله صالح، امتدت سيطرتهم لتصل إلى العاصمة صنعاء خلال شهر أيلول/ سبتمبر، ومنذ ذلك الحين أصبحت حكومة هادي تحت قبضتهم، ونشرت قوات الحوثي منذ ذلك التاريخ سيطرتها على ثماني محافظات من أصل 21 محافظة يمنية.
وتلفت الكاتبة إلى أن الصراع مع الحوثيين ابتدأ على خطوط سياسية وقبلية، ولكن الآن ومع دخول الحوثيين إلى مناطق سنية في وسط اليمن، وإعلانهم أنهم يحاربون القاعدة، اتخذ الصراع منحى طائفيا، ما أفاد القاعدة، المحسوبة على
السنة، حيث ردت بحرب عصابات وحملة هجمات انتحارية ضد الحوثيين.
ويورد التقرير قول أحد أعضاء التنظيم لوكالة أسوشييتد برس في مقابلة على الإنترنت إن قوة الحوثيين "ساعدت على زيادة عضوية القاعدة"، وإن خطة القاعدة هي جر الحوثيين، الذين تمددوا من قاعدتهم في الشمال، "إلى حرب طويلة لإرغامهم على التراجع".
وتبين المجلة أن مدينة رداع في وسط اليمن تعد خير شاهد على استفادة القاعدة من تمدد الحوثيين، حيث شكلت المنطقة ميدان المعارك الأشرس، وتعكس استفادة القاعدة من الأجواء الراهنة، حيث يتم قصف مواقع الحوثيين في المنطقة كل ليلة، وذهب ضحية هذا القصف عشرات من الحوثيين على مدى الأسابيع القليلة الماضية.
وتنقل المجلة عن علي أبو صريمة، أحد القيادات القبلية المحلية، الذي يعارض وجود الحوثيين والقاعدة، قوله إن القيادات القبلية تسمح للقاعدة بالمرور لمحاربة الشيعة.
وتذكر المجلة أن مدينة رداع تعد من المراكز القوية للقاعدة، وقد سيطرت عليها عام 2012 لفترة قصيرة، حيث طردتها منها القوات الحكومية بمعاونة رجال القبائل، ولكن احتلال الحوثيين للمدينة جعل رجال القبائل يلجأون للقاعدة، بحسب شخصيات قبلية محلية.
وأخبر الشيخ أحمد الجابري المجلة، وهو أحد شيوخ القبائل في رداع أن "المسألة مسألة ثأر ضد الحوثيين، ويمكن للقبائل أن تتحالف مع الشيطان".
وتجد الكاتبة أن كثيرا من السكان يرون بأن القاعدة هي "آخر القلاع التي تحمي سنة اليمن" ضد الحوثيين، بحسب تصريح متحدث باسم الحكومة في محافظة البيضاء، حيث تقع مدينة رداع.
وقال المسؤول الذي تحدث بشرط عدم ذكر اسمه؛ خوفا من الانتقام: "ستنتهي هذه المواجهة بتكتلات من السنة ضد الشيعة، بينما تتبخر سلطة الحكومة"، وفق التقرير.
وتقول المجلة إنه وغيره في المنطقة قالوا بأن هناك شعورا بأن أمريكا تعمل مع الحوثيين، وسط ادعاءات بأن ضربات الطائرات دون طيار استهدفت مقاتلي القاعدة بينما كانوا يقاتلون الحوثيين، مع أن واشنطن انتقدت سيطرة الحوثيين على السلطة، إلا أن القاعدة تسعى لتنمية هذا الشعور، ففي مؤتمر صحافي على الإنترنت وصف القائد العسكري للقاعدة في اليمن ناصر العنسي الحوثيين بـ "اليد الاستخباراتية" للولايات المتحدة.
ويفيد التقرير بأن عناصر من حزب الإصلاح لجأوا إلى القاعدة بعد أن هزم الحوثيون مسلحي الحزب في طريقهم إلى صنعاء، وسعى الحزب لحل القضية سياسيا بدلا من قتال الحوثيين، بحسب المحلل أحمد الزرقا.
وتشير الكاتبة إلى أن واشنطن تعد القاعدة في شبه الجزيرة العربية أخطر فروع تنظيم القاعدة، حيث حاول القيام بعمليتي تفجير عامي 2009 و 2010، وكانت أمريكا ولا تزال تشن حملة غارات بالطائرات الموجهة عن بعد ضد التنظيم في اليمن.
وتضيف أنه في اليمن وصلت قوة التنظيم قمتها عام 2011، عندما سيطر على عدة مدن في الجنوب، وأقام شبه حكومة خاصة به مع محاكم إسلامية ومسؤولين عن الخدمات العامة. ولكنه تراجع أمام هجمة الجيش اليمني بمساعدة الولايات المتحدة، الذي شرد المقاتلين في أنحاء مختلفة.
ويوضح التقرير أن الجيش اليمني مدعوما بالطائرات الأمريكية كان قد سيطر على قاعدة مخفية تابعة للتنظيم تقع في جبل في الجنوب، بالقرب من بلدة المحفد، وقامت اللجنة الأمنية في التنظيم بعد ذلك بتوزيع نشرات على أعضائها تعلمهم فيها كيف يتجنبون هجمات الطائرات دون طيار، وتنصحهم فيها بالركض إلى موقع آخر لدى سماعهم لصوت الطائرة دون طيار، بناء على نظرية تقول أن لديك 12 ثانية قبل أن يصل الصاروخ المطلق من الطائرة.
وتكشف الكاتبة عن أن التنظيم شدد من إجراءاته ضد الجواسيس بعد أن ألقى القبض على عدد من "المخبرين"، وتم إعدامهم بعد أن عرض اعترافات مصورة لهم يعترفون فيها بأنهم زرعوا شرائح إلكترونية لمراقبة مقاتلين لمساعدة الطائرات الأمريكية على ضربهم، وأصدر التنظيم تعليمات لمقاتليه بعدم قبول الهدايا والكومبيوترات المحمولة من أي شخص مشبوه، كما أنه يتم البحث في خلفيات المجندين الجدد للتأكد من عدم كونهم جواسيس.
وتختم المجلة تقريرها بالإشارة إلى أن التنظيم يوجد في 12 محافظة من أصل 21 محافظة يمنية، بحسب تقرير يعود لعام 2013 لمعهد (أميريكان إنتربرايز)، بينما قال عضو القاعدة للأسوشيوتيد برس إن التنظيم يوجد في 16 محافظة.