في 9 حزيران من العام الماضي سقطت
الموصل في يد "
داعش"، قبل ذلك لم يكن هناك لا "داعش" ولا "نصرة" ولا هذا المسلسل المتصاعد من الترويع، الذي لن يكون آخره شريط الذبح في درنة الليبية، حيث تعمّد "المخرجون الكبار" الإيحاء عبر فقش الموج الأحمر بأنهم على استعداد لصنع بحار من الدم!
لم يكن هناك "داعش" كان الذبح يتمّ بالكيميائي في الغوطتين وقطع الرؤوس والأطراف بالبراميل المتفجرة في حمص وحلب والاحياء السورية التي سوّيت بالأرض، وكان باراك اوباما يشيح النظر عن مئات آلاف القتلى بينما كان فلاديمير بوتين يسهر على جسره الجوي لتغذية المعارك التي تدمّر سوريا.
ذُبح المراقبون العرب الذين أرسِلوا لوقف النار في سوريا، ثم ذُبح المراقبون الدوليون ومن بعدهم
كوفي أنان ونقاطه الست، ثم ذُبح الأخضر الابرهيمي، والآن يذبح دو ميستورا وأوهامه... ويا حصرماً رأيته في حلب!
الوضع في العراق لم يكن أفضل لأن نوري المالكي ذبح بلده مرتين، مرة عندما صنع جيشاً من الأشباح واستولى على المليارات، ومرة ثانية عندما طبق سياسات كيدية مذهبية فتنوية بغيضة ضد البعثيين والمناطق السنّية، فكان أسوأ من صدام حسين، والأسوأ ان الأميركيين كانوا في العراق يراقبون ويضحكون في سرّهم، فقد جاء من يشعل النار ويوقظ الماضي ويُحيي الأحقاد لتشتعل حرب المئة عام بين الشيعة والسنّة ولا من منتصر، يرتاح الأعداء في اسرائيل وتتفرج أميركا والغرب.
في 8 آب من العام الماضي بدأ الطيران الاميركي بقصف "داعش" لمنعه من الاستيلاء على سد الموصل وإغراق بغداد، ثم عُقد مؤتمر جدة الذي حضره جون كيري، ثم أُعلن عن قيام "التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب" الذي يضم 40 دولة، وبعد ثمانية اشهر واصل الدواعش الضرب في العراق وسوريا وباريس وكوبنهاغن وليبيا وسيناء ونيجيريا، وقبل يومين اختطفوا 120 عراقياً ربما لتصوير فيلم جديد عن مذبحة جديدة!
كل هذه المقدمة لأطرح سوالاً واحداً:
هل عرفت الحربان العالميتان الأولى والثانية قيام تحالفات فاشلة من عشرات الدول، وكيف يسقط صدام حسين في 9 أيام وتتمدد داعش في 9 أشهر؟
مجرد اسئلة بسيطة أطرحها، أولاً على المؤتمر الدولي الذي يستضيفه أوباما ويضم 60 دولة للبحث في مواجهة الإرهابيين، وثانياً على الاجتماع الخامس لقادة الجيوش ورؤساء الأركان في 26 دولة يجتمعون في جدة للغرض نفسه، في حين يستمر "داعش" في التحرك والتوسّع!
عجيب، كل العالم لا يقوى على "داعش"... كل الطيران والجيوش والمخابرات تعجز أمام ذبّاحين يعيشون في الأوكار... فكروا جيداً وتساءلوا لماذا والى أين من هنا أيها الأذكياء؟!
(نقلا عن صحيفة النهار اللبنانية)