قال المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في
سوريا، محمد حكمت وليد، إن تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون
كيري حول الحوار مع النظام سلبية ومفاجئة ومستنكرة، مبينا أن أي حوار مع النظام يُذهب تضحيات السوريين سدى.
جاء ذلك في لقاء صحفي عقده في مدينة إسطنبول، الثلاثاء، حيث أفاد أنه "بعدما قال معظم المسؤولين في أمريكا إن بشار
الأسد خارج المعادلة، يأتي كيري ليقول بأنه يجب التفاوض مع نظام الأسد، ما اضطر مسؤولين آخرين لتصحيح ما قاله، بأنه لم يقصد بقاءه، وإنما التفاوض مع النظام".
وطالب وليد، الوزير كيري بأن "تكون تصريحاته محسوبة أكثر لكي لا تصحح، ويقولون عموما إن هناك حلا سياسيا، والجماعة أيضا تقول ذلك، ولكن تستغرب كلام كيري، ومن قبله المبعوث الأممي دي مستورا، لأن الشعب لم يقم بثورته وتضحياته، لكي يقبل بوجود الظلم والظلمة على رأس حكومته، واعتبر ذلك إجحافا، ولا يمكن لجماعة الإخوان وأي سوري يقدر تضحيات الشعب أن يقبل بحل يكون فيه الأسد جزءا، بل هو جزء من المشكلة على الدوام".
من ناحية أخرى، بين أنه "من المؤسف ربط مصير الأسد بمصير بعض الطوائف، وكأنه يقول للناس إذا ذهب سينقض البقية عليهم وتجري المذابح"، مؤكدا أن "في سوريا شعبا ومجتمعا عاشت مذاهبه وأطيافه وأعراقه منذ فجر التاريخ، ومنذ الاستقلال عاشوا بسلام وأمن، ومن الخطأ أن يرتبط مصير أي طائفة بشخص"، على حد وصفه.
وشدد على أن "الثورة السورية لم تعد بين شعب مضطهد وحاكم مستبد، بل أصبحت مسرحا لمشاريع عدة تتقاتل وتتنافس على الأرض، وهناك مشروع إيراني، وآخر غربي صهيوني، وآخر هو مشروع الغلو والتطرف، وهو ما بدا جليا في السنتين الأخيرتين، واصفا المشكلة بأنها معقدة، والكل يعلم ذلك، ولكن كل التعقيدات لا يمكن لها أن تبرر المجازر والذبح، وانتهاك القانون الجاري في سوريا، وأصبحت مسرحا للقتال".
وأكد أن "سوريا المستقبل التي تطمح لها الجماعة هي الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية، الدولة التي يتساوى فيها المواطنون بحقوقهم وواجباتهم، ويجد فيه كل الشعب السوري، بكل أطيافه ومذاهبه، كرامته وحريته وحقوقه، ويلتزم بواجباته تجاه أمته وشعبه".
وفي الإطار ذاته، انتقد وليد "إيران التي لا تعمل لحماية الأسد فقط، بل لها مشروع مذهبي يعمل على نشر المذهب الشيعي، ويثير ردود أفعال ليست في صالح المنطقة، وكثير من المسؤولين لا يخفون توجهات إيران ومشروعها، بل مندهشون كيف ينتشر بسرعة، وما تفعله إيران مشروع متكامل يطمح للتوسع"، متوجها بالنصح لهم بعدم التفكير بهذه الطريقة، لأنه سيضر بمصالحهم "والشعب السوري لن ينسى جراحه بالآلام التي تسبب بها الإيرانيون"، على حد تعبيره.
ووصف تركيا بأنها "من الدول القليلة التي ما زالت تقف إلى جانب الشعب السوري، وتُعَدّ الرئة التي تتنفس منها الثورة، وهي البلد الذي استضاف الملايين، وحال اللاجئين مقارنة بالدول العربية يُظهر الفارق والمعاملة، وما أسدوه للثورة هو فضل لا ينسى، فيما انتقد الانتقائية في التحالف الدولي الذي يرى مجازر طرف دون الآخر، متجاهلا ممارسات النظام السوري، ومركزا على تنظيم الدولة، والتركيز على معارك عين العرب (كوباني)".
ورفض وليد "الأعمال الوحشية التي تجري على الأرض السورية، والإخوان والإسلام براء منها، ولا يمكن لأي إنسان أو شريعة ان تقبل تلك الوحشية التي تجري على الأرض، وهو ليس الإسلام وفكره، والجماعة تختلف عن داعش التي تدعو للغلو، فيما هم يدعون للوسطية والاعتدال، والإخوان يريدون دولة مدنية، وداعش يريد خلافة بمفهومه".
ومضى قائلا: "مفهوم الخلافة حكما وشكلا، هو مفهوم تاريخي استمر لقرون، وأصل الحكم في الإسلام تطبيق العدل والشرع، والمساواة بين الناس أيا كان شكل الحكم، وتطبيق العدل، فالحكم في الإسلام في المضمون أكثر من الشكل، فيما أعتبر أن جبهة النصرة فصيل مقاتل له ارتباطات فكرية وأصولية بالقاعدة، وهو من الغلو الذي ترفضه الجماعة، وإن كان هناك مراجعة فكرية للانفكاك من فكر القاعدة، فهو فكر إيجابي مبشر".
وأوضح أنه "في سوريا حاليا من يحارب النظام، وهناك فئات متطرفة إرهابية كثيرة على الأرض، منها السني والشيعي، ومنها ما يقاتل إلى جانب النظام، والإخوان مع كل بندقية ضد النظام، وأنهم ضد التعريف الغربي الذي يصنف المجموعات السنية، ويرفض المجموعات الشيعية التي تقوم بالذبح والمجازر كما النظام".
ورفض وليد "الاتهامات بالسيطرة على مؤسسات المعارضة، فهم في الائتلاف الوطني خمسة أعضاء فقط من مجموع 111، معتبرا أن مؤتمري القاهرة وموسكو لم يكونا لصالح الثورة، وهما تحدثا عن عدم مناقشة مصير الأسد، وفي القاهرة رفضوا الإخوان وأي شخصية إسلامية، مستشهدا بمنع هشام مروة من الدخول إلى مصر باعتباره شخصية إسلامية".
كما دعا "السعودية والإمارات لمراجعة مواقفهما بتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، مشددا على أنهم يجدون التجربة التونسية الأقرب إليهم، رغم أن الإخوان في كل مكان توجهاتهم الفكرية واحدة، ولكن التوجهات السياسية مختلفة، وهم مع تغليب المصلحة الوطنية على مصلحة الجماعة، مستشهدا بموقف زعيم حركة النهضة التونسية الخاسر في الانتخابات راشد الغنوشي، الذي قال بأنهم خسروا وربحت تونس".
ومحمد حكمت وليد من مواليد مدينة اللاذقية، اختير من أربعة أشهر مراقبا عاما لمدة أربع سنوات، درس الطب في جامعة دمشق، واختص بطب العيون من بريطانيا، ومارس العمل الدعوي والسياسي منذ كان طالبا، وله أربعة دواوين شعرية، وله مؤلفات طبية، من أهمها ديوان العين، وهو قاموس طبي عيني بالإنكليزية والعربية.
وخلال مقابلة مسجلة أجراها الوزير الأمريكي مع قناة "سي بي إس نيوز" الأمريكية، وأذيعت الأحد الماضي، كشف كيري عن سياسة جديدة في التعامل مع الأزمة السورية، التي تدخل عامها الخامس، عندما أشار إلى أن واشنطن ستضطر في النهاية إلى التفاوض مع نظام الأسد، وذلك بعكس الموقف الذي تتبناه الإدارة الأمريكية، وكثيرا ما كررته، وهو أن الأسد فقد شرعيته، ويجب عليه الرحيل.
وصادف يوم 15 آذار/ مارس الجاري الذكرى الرابعة لاندلاع الثورة السورية التي تحولت بعد أشهر من اندلاعها إلى صراع مسلح خلّف نحو 220 ألف قتيل، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية سورية، فضلًا عن أكثر من 10 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها.
ومنذ 15 آذار/ مارس 2011 تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من 44 عامًا من حكم عائلة الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة، غير أن النظام السوري اعتمد الخيار العسكري لوقف ما يسميها بـ"الأزمة"، ما دفع سوريا إلى دوامة من العنف، ومعارك دموية بين قوات النظام والمعارضة، لا تزال مستمرة حتى اليوم.