في سبعينيات القرن الماضي تحولت مناطق واسعة من الشمال الموريتاني لساحة حرب طويلة بين جبهة
البوليساريو والجيش الموريتاني، ثم انقشع غبار المعركة عام 1979 عن حقول
ألغام تحولت لاحقا إلى كابوس يهدد سالكي
الصحراء الموريتانية المترامية الأطراف.
يقول، المختار ولد محمدو، وهو خبير في مسالك الصحراء وأماكن زرع الألغام بفعل تجربته الميدانية، إن استمرار عوامل التعرية بالمنطقة كشف عن حجم الألغام التي تم زرعها في سبعينيات القرن الماضي، مؤكدا أن تفاديها ربما أصبح أكثر سهولة.
لكن ولد محمدو ينصح، في حديث لـ"عربي21"، سالكي تلك الصحراء من غير السكان المحليين بأن يصطحبوا دليلا مختصا، وأن يتجنبوا السفر ليلا، فصحراء الشمال في معظمها أرض ملغومة.
فقد زرعت كل من جبهة البوليساريو من جهة والجيش الموريتاني من جهة أخرى، مئات العبوات الناسفة في المنقطة التي دارت فيها رحا الحرب في سبعينيات القرن الماضي، فيما كشفت إحصاءات حكومية أن مساحة المنطقة المزروعة بالألغام في الصحراء الموريتانية تقدر بحوالي 400 كيلومتر مربع.
وتشير إحصاءات رسمية أُعلنت مؤخرا، أن هذه الألغام خلفت في السنوات الأخيرة أكثر من 357 قتيلا، ومئات الإصابات، لكن السكان يؤكدون أن عدد الضحايا يبلغ أضعاف ما أعلنته الإحصاءات الرسمية.
وتؤكد الحكومة أن الألغام باتت تهدد حياة نحو 300 ألف شخص، فيما حصدت حقول الألغام هذه أيضا أرواح المئات من رؤوس الماشية والحيوانات البرية التي باتت على وشك الانقراض في تلك المنطقة.
وتشكل هذه الألغام المصدر الأول للإعاقة بموريتانيا، خصوصا في صفوف الأطفال، حيث يؤكد سكان مناطق الشمال أن الأطفال ما دون سن الخامسة عشرة هم أكثر ضحايا هذه الألغام.
وبحسب معطيات نشرتها المجلة الفصلية التي يصدرها الجيش الموريتاني "أخبار الجيش"، فإن عدد الألغام بالصحراء الموريتانية يبلغ أكثر من مليون لغم، وأن 12 في المئة من سكان الشمال الموريتاني مهددون بفعل الألغام. وبحسب المجلة، فإن اتساع مساحة الأرض المزروعة بالألغام يمنع الاستفادة الاقتصادية من مساحات واسعة بصحراء الشمال الموريتاني، ويعيق جهود التنمية.
وأعلنت الحكومة الموريتانية عن برنامج وطني لإزالة الألغام ضمن برنامج أطلقته الأمم المتحدة قبل سنوات، ويقضي بالوصول إلى "أفريقيا بدون ألغام سنة 2015"، لكن من المؤكد أن أفريقيا وموريتانيا بشكل خاص "لا تزال أرضا ملغومة"، بحسب تعبير الإعلامي أحمد ولد سيدي، في تصريح لـ"عربي21".
ويقول الجيش الموريتاني، المكلف بتنفيذ برنامج نزع الألغام، إن عدم وجود حواجز طبيعية يجعل عمليات نزع الألغام صعبة، خصوصا أن العلمية تجري في ظل غياب أي خرائط واضحة لحقول الألغام بالمنطقة.