نشر موقع "سبوتنيك" الفرنسي، المختص في الأخبار العسكرية والعلاقات الدولية، تقريراً حول تأثير الاتفاق النووي الذي تم توقيعه على اقتصاد
إيران والمنطقة والعالم، قال فيه إن رفع
العقوبات الدولية سيؤدي إلى انفتاح الاقتصاد الإيراني على أسواق جديدة في أسيا والشرق الأوسط وأوروبا، وزيادة حجم المبادلات التجارية مع دول مثل الصين، وارتفاع كبير في صادرات النفط الإيراني.
وأوضح الموقع في التقرير الذي رصده مراسل "عربي21" أن العقوبات كانت تعيق الاستيراد والتصدير، وتمنع التعامل مع البنك الإيراني الحكومي "سيباه"، وعدة شخصيات وشركات، أغلبها مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.
وقال الموقع إن رفع العقوبات من الدول الكبرى التي توصلت للاتفاق مع إيران سيتم على مراحل، وأن أكثر من عشرين مليون برميل من النفط الخام موجودة في ناقلات النفط الضخمة القابعة في موانئ إيران، تنتظر الضوء الأخضر ليتم إرسالها مباشرة للأسواق العالمية.
ونقل الموقع أن 14 ناقلة نفط ثقيلة كانت تنتظر منذ الشهر الماضي عما ستسفر عنه المحادثات في لوزان السويسرية، منها تسعة ناقلات تم شحنها بالكامل، والباقية في طور الإعداد.
وتنتظر إيران استعادة ناقلات أخرى اضطرت لتأجيرها للصين، بسبب الحظر المفروض عليها، بالإضافة لاستعادة مدخرات كبيرة من النفط مخزنة في حاويات في الصين.
وأضاف الموقع ذاته، أن أسعار النفط التي تشهد هبوطاً في الفترة الماضية بسبب زيادة الإنتاج، ستواصل انخفاضها، بالنظر إلى تدفق كميات جديدة من النفط للسوق العالمي.
ونقل التقرير عن الباحث السياسي الإيراني في معهد الدراسات الأورو-آسيوي، رضا حجة شامامي، قوله إن رفع العقوبات سيكون له تأثير كبير على الاقتصاد الإيراني، ولكن تأثيره على دول المنطقة سيكون محدوداً، لعدم ارتباط اقتصادها بالاقتصاد الإيراني.
وأضاف أن إيران تعودت على العيش تحت وقع العقوبات منذ 1979، ولكن هذه العقوبات التي شهدت نسقاً تصاعدياً بدأت تؤثر كثيراً على الوضع الداخلي الاقتصادي والسياسي في السنوات الأخيرة، حيث وصلت نسب التضخم إلى أربعين في المائة سنوياً، وانهار سعر صرف الريال الإيراني مع تراجع صادرات النفط إلى حدود مليون برميل يومياً.
ولذلك فإن رفع العقوبات سيكون له تأثير إيجابي فوري، يؤدي لإنعاش الاقتصاد والظروف الاجتماعية على المدى القريب، من خلال زيادة الإنفاق الحكومي، وكبح جماح التضخم.
أما على المدى البعيد فإن التأثير مرتبط بارتفاع أسعار النفط الذي يرتبط بدوره بالتوترات التي يشهدها الشرق الأوسط، حيث إن الأحداث التي يشهدها اليمن يمكن أن تتوسع لتشمل دولاً مجاورة، وتهدد إنتاج النفط، وبالتالي تؤدي إلى ارتفاع سريع للأسعار، بما أن أغلب الدول المصدرة للنفط توجد في هذه المنطقة.
وأضاف الموقع أنه مع اقتراب رفع العقوبات، بدأت إيران تدرس إمكانية تصدير
الغاز الطبيعي نحو
أوروبا، ففي الخريف الماضي وعلى هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، عرض الرئيس الإيراني حسن روحاني على نظيره النمساوي، هاينز فيشر، أن تقوم إيران بتزويد أوروبا بالغاز الطبيعي في ظل تواصل الخلافات الروسية الأكرانية، التي تسببت في تعطيل وصول الغاز الروسي إلى أوروبا.
وقال روحاني إن إيران قادرة على تأمين الغاز بصفة دائمة، وبكميات كبيرة، وعبر عن استعداده لإنشاء خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي إلى النمسا، ومنها إلى بقية الدول الأوروبية.
وذكر الموقع أن وزير النفط الإيراني، علي ماجدي، كان قد أكد في 2014 قدرة إيران على تصدير الغاز لأوروبا، والاستجابة لرغبتها في تنويع مصادرها الطاقية لتجنب الانقطاعات المفاجئة، وعمليات الابتزاز التي قد تتعرض لها في شتائها القارس.
وذكر أن المسؤولين الإيرانيين والأوروبيين كانوا قد درس بعضهم مع بعض المسارات الممكنة لنقل الغاز نحو أوروبا، ويُنتظر بعد رفع العقوبات أن يتم التعمق أكثر في هذه الدراسات.
ورغم أن إيران لا تملك بنية تحتية متطورة لاستخراج وتصدير الغاز، فإن الخبراء يعتقدون أنها قادرة على تطوير إمكانياتها لتصبح قادرة على إنتاج 35 مليار متر مكعب بحلول سنة 2020. وهي أرقام يأخذها الاتحاد الأوروبي بعين الاعتبار في بحثه عن مصادر طاقة جديدة تنهي تبعيته لروسيا، التي تؤمن في الوقت الحالي ثلث حاجياته من الغاز، أي ما يعادل 163 مليار متر مكعب سنوياً.
كما أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا الغربية على
روسيا، سرعت من نسق بحثها عن بدائل.
وذكر الموقع الفرنسي أن الاتحاد الأوروبي أعلن بشكل غير رسمي أن إيران هي أحد الحلول التي يعكف على دراستها للتحرر من التبعية الطاقية لروسيا، وأن إيصال الغاز الإيراني إلى أوروبا ليس صعباً من الناحية التقنية، وأن الأمر يبقى رهين الحسابات السياسية.
وتشير تقديرات الخبراء إلى أن مشروع تصدير الغاز الإيراني لأوروبا بكميات كبيرة، قد يستغرق حوالي ثماني سنوات من تاريخ رفع العقوبات، ولكن في المقابل فإن تصدير النفط يبقى أمراً سهلاً وسريعاً.
ولكن على المدى القريب لا يمكن اعتبار إيران بديلاً عن روسيا في مجال الطاقة، أما على المدى المتوسط، فإن عوامل عديدة مثل المشهد الدولي وتطورات الأوضاع في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، والوضع الداخلي الإيراني، ستحدد التغييرات التي قد تطرأ على تعاقدات التزود بالطاقة في أوروبا.
وفي الأثناء، تحاول وسائل إعلام غربية التركيز على إمكانية استحواذ إيران على دور روسيا في تصدير الغاز إلى أوروبا الغربية، بهدف خلق توترات بين هذين البلدين اللذين تجمعها الخصومة مع الغرب.
للاطلاع على النص الأصلي للتقرير اضغط
هنا