شكلت أحكام الإعدام والسجن المؤبد التي أصدرتها محكمة مصرية، السبت، على عدد كبير من مناهضي الانقلاب، على رأسهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، صدمة في الشارع المصري، انعكست على مواقع التواصل، دعت للغضب وترك السلمية.
وضجت صفحات الناشطين وأهالي المعتقلين، منددة بأحكام الإعدام والمؤبدات التي حصل عليها العديد من الشباب المصري، الذي كان له دور في ثورة 25 يناير، ورفض الانقلاب العسكري الذي قام به عبدالفتاح السيسي في تموز/ يوليو 2013.
ففي رسالة لوالدة الصحفي المعتقل عبدالله الفخراني، قالت: "يكفي بكاء ونواح، يكفينا أن نكون مثل الذين كلما يسقط منهم أحد يقولون أرأيتم ماذا حدث له؟ وهكذا حتى يسقط واحد آخر، فيتوجهون نحوه، ويبكون هنا بعض الوقت، وهناك بعضا آخر !! لا هذا ليس صحيحا".
وأضافت: "خلاص الذي حصل حصل، والذين ماتوا كثر، والذين سجنوا أكثر، دورنا أن نقلص الوقوع في المستقبل، ونجعلها دفعات للأمام، ونخطط للنصر، نخطط بأناس تقرأ، ومجتمعات عارفة مثقفة، وأناس أخرى في أماكن أخرى يقومون بعمل أشياء خفية لا تقال".
وقال الصحفي مصطفى النوبي: "الآن .. هناك 53 أسرة، الله وحده أعلم بحالهم بسبب أن اليوم الحكم في قضية ظالمة فيها 39 شاب من أرجل وأنقى وأصدق ما عرفت في حياتي، ليتكم صبرتم يا شعب غبي وجبان نصف ما تصبرون عليه الآن، وتركتم لنا أحبائنا الشهداء والمعتقلين والمطاردين".
فيما قال عبدالرحمن الفخراني، وهو شقيق المعتقل عبدالله، مواسياً أهل الصحفي سامحي: "والدة سامحي قضت حياتها كلها في المعتقلات، الأول زوجها (مؤبد) وتوفي في السجن، والآن ابنها (مؤبد)، ربنا يرده إليها بالسلامة، عاجلا غير آجل، أظن أنها منذ أن كان عمرها 19 أو 20 سنه، وهي لم تتهنا بنومة، وكانت تحمل سامحي على كتفها وهو صغير، وتدور به معتقلات مصر كلها".
وقال الصحفي عمرو فراج، أحد المحكوم عليه غيابيا بالسجن المؤبد: "عشرات العائلات والأسر والأمهات و الآباء يبكون الآن... و يلعنون هذه البلد الظالم أهلها... يبكون حال أبنائهم الذين حكم عليهم بعدم رؤية الحرية مجدداً أو حتى مغادرة الدنيا شنقاً على يد هذا النظام البائس الذي لا يعيش إلا بالدم... ادعوا الله أن يثبت أهالي المحكوم عليهم جميعاً.. و أن يرينا في ناجي شحاته آيه من آيات العذاب عاجلاً غير آجل".
وحكمت المحكمة المصرية برئاسة القاضي المثير للجدل ناجي شحاتة، بالسجن المؤبد على ثلاثة صحفيين، هم سامحي مصطفى وعبد الله الفخراني وعمرو فراج (غيابيا)، وهم جميعا من مجلس إدارة شبكة رصد الإخبارية، فضلا عن الحكم على رئيس قناة "أحرار25" مسعد البربري.
ردود فعل غاضبة
وقال البرلماني الكويتي السابق ناصر الدويلة: "استمرار صدور أحكام الإعدام في مصر سيؤدي حتما إلى تفجر ثورة مسلحه تأكل الأخضر واليابس، والدم يفجر الدم".
وأشار أستاذ الأخلاق السياسية بكلية قطر، محمد المختار الشنقيطي، إلى أن أحكام الإعدام ستحيي عقيدة الجهاد عند الإخوان.
ودعا العديد من أصدقاء وذوي المعتقلين للغضب والثورة ضد الأحكام، وقالت أسماء العناني: "شتان مابين سلمية واستسلامية.. ألا تملك قوه رادعة "يعلمها خصمك" فلا تقل سلمية، بل قل استسلامية.. أن تورط معك الملايين وأنت على علم أنك لا تملك لهم نفعا، ولاتمنع عنهم ضر، فلا تقل سلميه بل استسلامية".
وأضافت العناني: "الاستسلامية ليست من الإسلام ولا الحكمة ولا الرجولة في شيء.. إذا كنت تلبس الهوان والضعف ثوب الحكمة.. فلمن تلبسه!؟ ألخصمك الذي لن يري سوي جسدك العاري.!؟ أم لتابعيك الذين لا يزيدهم اتبعاهم لك إلا سجنا وموتا!؟ لم نقرأ في التاريخ عن شيء مما جئتم به.. ولا عيب لمن على مر السنين أظهروا شخصية المسلم بالدرويش المستكين مرتعش اليدين مضطرب الأنفاس".
فيما قال سيف ناصف: "أريد أن أطرح عليكم وعلى نفسي تساؤلا حيرني، لماذا لا يقتص الإخوان من قاتليهم وجلاديهم ويرفعوا رايات الجهاد ويحرروا الأمة من العملاء والخونة؟ لماذا يتعاطف الإخوان مع القاتل، ويقولون (عسكري غلبان)، ولا ينظرون بعين الرحمة للمعتقل والشهيد والمغتصبة؟ هل هنا وهانت علينا دماء وأعراض المسلمين لهذه الدرجة من الضعف والخور؟".
من ناحيتها، وصفت حركة "صحفيون ضد الانقلاب" (صدق) الأحكام بأنها "تعبير عن قرارات "عسكرية"، مشيرة إلى أنها أحكام صادمة، وغير موضوعية، وغير مسبوقة فى التاريخ على حملة الأقلام.
وقالت الحركة في بيان لها تلقى موقع "عربي21" نسخة منه: "إنها تنظر إلى تلك الأحكام بوصفها قرارات عسكرية تم إلباسها ثوب الاحكام القضائية، داعية إلى التوحد حول إنقاذ زملاء في المهنة يقعون تحت نير الاستبداد".
أما "رابطة أسر معتقلي الصحافة بمصر"، فوصفت أحكام الإعدام والمؤبدات بأنها "انتكاسة جديدة تشهدها
مصر علي يد القضاء الذي يفترض أن ينحاز للعدالة، غير أن الكارثة أنه استباح أرواح أصحاب رأي وصحفيين مصريين بتهم باطلة هي، والعدم سواء".
وأعربت الرابطة في بيان تلقى "عربي21" نسخة منه- عن رفضها أحكام الإعدام والسجن بالمؤبد التي طالت الصحفيين والإعلاميين وكتاب الرأي".
بدورها، أدانت حركة "صحفيون من أجل الإصلاح" في بيانها تلك الأحكام.
وقال البيان: "قضاء الانقلاب لم يكن في هذا القضية سوى أداة ومطيّة لتنفيذ رغبات الانقلاب وقادته الذين لا يريدون حولهم أي صحفي أو إعلامي يؤدي رسالته المهنية الحقيقية، فالانقلاب لا يريد سوى إعلام مأجور لا يعدو عن كونه بوقا لنشر فسادهم بلا وازع من ضمير".
وأضاف: "هذا اليوم يجب أن تُنكس فيه أعلام الصحافة والإعلام في العالم كله حدادا على وأد تلك المهنة، وحريتها في مصر الآن".
نقابة الصحفيين تتحرك
تعليقا على الأحكام، صدر بيان من لجنة الحريات بنقابة الصحفيين قالت فيه إنها بصدد تشكيل لجنة قانونية لدراسة أوضاع جميع الزملاء الصحفيين (نقابيين وغير نقابيين) الذين صدرت بحقهم أحكام في قضية "غرفة عمليات رابعة".
وأضافت اللجنة -في بيان لها السبت- أن اللجنة ستدرس أيضا السبل القانونية لإطلاق سراح الصحفيين المحتجزين في القضية نفسها لحين البت النهائي في القضية.
وأعربت اللجنة عن تضامنها مع الزملاء في إجراءات الطعن على الأحكام الصادرة بحقهم، وأنها ستجدد الطلبات التي قدمتها النقابة للجهات المعنية خلال الشهور الأخيرة للإفراج عن جميع الزملاء بضمان النقابة لحين صدور أحكام نهائية.
وحملت وزارة الداخلية مسؤولية الحالة الصحية لهاني صلاح الدين؛ الذي أكد أطباء السجن أنه يحتاج إلى جراحة عاجلة، وطالبت بسرعة الاستجابة لطلبات النقابة بشأن علاجه، وتحسين أوضاع كل الزملاء بالسجون، والوقوف عل شكاواهم.
من جهته، أكد نقيب الصحفيين يحيى قلاش عقد مجلس النقابة اجتماعا الأربعاء المقبل، لبحث موضوعات عدة، منها ملف الصحفيين الذين صدرت ضدهم الأحكام.
وقال -في تصريحات صحفية-: "ستشكل النقابة لجنة قانونية بها قانونون وحقوقيون وأعضاء من مجلس النقابة والجمعية العمومية، لبحث كيفية التحريك في ملف الحريات، وتقديم أوجه الدعم للصحفيين وأسرهم ".
الأحكام الجائرة.. وبيان المرصد
وقضت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار محمد ناجي شحاتة، السبت، بمعاقبة الصحفي "وليد عبد الرءوف شلبي، الصحفي بجريدة الحرية والعدالة، ومدير مكتب مرشد
الإخوان للشئون الإعلامية، (محبوس)، بالإعدام شنقا.
كما قضت بالسجن المؤبد على عشرة من الصحفيين والإعلاميين؛ هم: جمال نصار (صحفي ومذيع- هارب)، أحمد سبيع (مدير مكتب قناة الأقصى بالقاهرة- محبوس)، هاني صلاح الدين (صحفي بجريدة اليوم السابع ومدير الأخبار بقناة مصر 25- محبوس)، مسعد حسين عبدالله البربري (مدير قناة مصر 25- هارب)، خالد محمد حمزة عباس (رئيس تحرير موقع إخوان ويب- هارب)، مجدي عبد اللطيف حمودة (مسؤول بموقع إخوان أون لاين- هارب)، إبراهيم الطاهر السيد (صحفي- هارب)، محمد مصطفى العادلي (مراسل ومذيع بقناة أمجاد الفضائية- محبوس)، حسن حسني القباني (منسق "صحفيون من أجل الإصلاح"- محبوس).
وشمل الحكم أربعة من مؤسسي شبكة "رصد" الإعلامية، ليرتفع بذلك عدد الصحفيين المحكومة عليهم بالمؤبد والإعدام إلى 15 صحفيا ومذيعا، وهم: سامح مصطفى أحمد عبدالعليم (مدير تنفيذي لشبكة رصد - محبوس) - عبدالله أحمد إسماعيل الفخراني (عضو مؤسس شبكة رصد - محبوس) - محمد صلاح الدين سلطان (عضو مجلس إدارة شبكة رصد - محبوس) - عمرو عبدالمنعم فراج درويش (عضو مؤسس شبكة رصد - هارب).
وكان "المرصد العربي لحرية ا?علام والتعبير"، أدان ا?حكام. وقال، في بيان له، إن الحكم هزلي، ويتطلب موقفا صارما من كل أنصار الحرية والعدالة والقانون داخل مصر وخارجها، ?نقاذ العدالة وأرواح بريئة تواجه أحكاما بإنهاء حياتها بمثل هذه ا?حكام.
وذكر البيان أن الحكم شمل إعدام الكاتب الصحفي وليد شلبي، وهو أول حكم إعدام بحق شخص استخدم قلمه في نقد النظام السياسي، كما تضمنت ا?حكام السجن المؤبد لـ 14 صحفيا وإعلاميا آخرين في القضية، وهو أكبر عدد من ا?علاميين في قضية واحدة يتعرض لهذه ا?حكام القاسية، بحسب المرصد.