كتب حشمت بابا أوغلو: لقد أغضبنا الانقلابُ كثيرا وأصابنا حزنٌ كبير على أحداث رابعة، فكان موقفنا من
السيسي حازما.
وكنا بذلك محقين.
ولكننا نسينا بسرعة!
وأظن أننا لم نفهم جيدا حقيقة الأحداث.
وبالطبع، فإن "حبّ السيسي" الذي بدأ يتصاعد شيئا فشيئا في عالمنا الأكاديمي وإعلامنا وسياستنا بعد ذلك ملفتٌ للنظر.
فحين كان الإقليميون يقفون إلى جانب الأسد أصرّ القوميون والمنفتحون والتنظيمات الموازية على أن
تركيا أخطأت بحقّ السيسي.
لقد رأيتُ بعضهم على التلفاز ولم أعلم لماذا تلمع أعينهم حين يذكرون السيسي.
فهل في
مصر الجديدة خواصّ أخرى تهم محبي أمريكا والقوميين والمنفتحين عندنا؟
...
كما هو معلوم، فقد ظهر في الفترة الأخيرة أن مصر تخطّط لبناء عاصمةٍ أخرى بدل القاهرة. وستكون بكبر سنغافورة، وسيعيش فيها خمسة ملايين شخص وسيشارك المهندسون العالميون في تصميمها وللآن تُحسب تكلفتها بـ 45 مليار دولار.
وقد تحدّثت قناة CNN عن مشروع العاصمة الجديدة هذا بكلّ فرحٍ قائلة:
"فلتنسوا التحرير والأهرام وازدحام المرور وتلوّث الهواء، فقد أصبحت مصرُ جاهزة لترك القاهرة وبناء مدينةٍ لامعة".
ليس هناك داعٍ للكلام الكثير فالأمرُ واضح.
ليس من السهل على أي دولة أن تُنشئ عاصمةً جديدة أو تترك مدينتها التاريخية. هذا هو رمزُ التطرّف في الانفتاح والانقطاع عن التاريخ والعادات والتقاليد. فلندوّن هذا هنا!
...
لنأت إلى الفترة التي أُطلق عليها اسم "إصلاحات السيسي"...
لقد كان 1 كانون الثاني/ يناير 2015 مُهما. فقد ألقى السيسي خطابا في الأزهر ووجّه دعوة لثورة في الإسلام.
نحن نعرف مفهوم "العقول النيّرة"
لقد طلب السيسي إعادة تفسير النصوص الدينية من قبل عقولٍ نيّرة.
وفي الأسبوع نفسه حين قام بزيارة الكنيسة القبطية في مصر أعاد التأكيد على "تفسير الدين بحسب احتياجات الحاضر".
وفي هذه الأثناء كانت الإصلاحاتُ التعليمية سارية.
ويجب التنبيه إلى أن وسائل الإعلام الغربية قدّمت دعما قويا لمشروع السيسي الذي يقتضي بإعادة كتابة المناهج الدراسية وتنفيذ إصلاحاتٍ علمية تدعم السلام وتبتعد عن التطرف.
..
سأتحدث دون إطالة..
لن يهدأ غضبنا على السيسي وعلى النظام في مصر حتى تتحقّق إرادة الشعب فيها.
ولكن هناك نقطة ينبغي أن نعلم بها: نحن لا نواجه انقلاباً "من صناعة مصر" بل للأمر أبعادٌ أخرى أكبر بكثير.
الغرب يريد أن يصنع نموذج "دولةٍ متحضّرة" في غرب البحر المتوسط. هذه هي القضية.
وهذه الفترة ستؤثّر بتركيا والشرق الأوسط بشدة.
(عن صحيفة "صباح" التركية- ترجمة وتحرير: تركيا بوست)