رأى مراسل جريدة لوموند الفرنسية أن "دولة جديدة تولد في الشرق الأدنى، في مربّع تحدّه مدينتا الموصل وبغداد من الشرق، ومدينتا حلب ودمشق من الغرب.
وأشار مارك اياد في تقريره إلى أن هذه الدولة هي الدولة الإسلامية أو الخلافة، فهما سواء، فداخل هذه الدولة، تُمحى الحدود الدولية، ويتنقل السكّان مرغمين أو برضاهم، وتُقام سلطة جديدة.
وتابع مراسل جريدة "لوموند"، في تقريره الذي نُشِر الأربعاء واطلعت عليه "عربي21"، "
تنظيم الدولة الإسلامية، من خلال دولته، يحمل مشروعا أكبر بكثير من مجرّد جماعة سياسية، عسكرية إرهابية، أو جهادية".
واستطرد قائلا: "دولة سنستان من الموصل إلى حلب: المشروع سَلَفي والأساليب بعثيّة"، أن "الدولة الإٍسلامية التي ولدت من تقاطع السلفية المقاتلة مع
البعث العراقي تمثّل مشروعا لا يضاهيه أي مشروع آخر، وليست له سابقة، مشروع إنشاء بلد بديل للسنّة العرب في العراق وسوريا يكون خاضعا لأحكام الإسلام في تأويلها الأكثر تشدّدا".
وفي وصف منه لواقع الدولة، قال: "شعارات الدولة الإسلامية أمام قصر صدّام حسين في دولة تتمتّع بكل رموز السيادة: أرض، ووزارات، وإدارة، وشرطة، وجيش، ونظام قضائي، وخدمات اجتماعية وصحّية، وقيود أحوال شخصية، وعِملة، ووسائط إعلام، وحتى مراكز استجمام".
ولفت إلى شعار الدولة الذي يتلخّص في كلمة "باقية، ومعه السبابة المرفوعة نحو السماء للدلالة على وحدانية الله، وهو الشعار الذي أطلقه أبو بكر
البغدادي، في 29 حزيران/ يونيو 2014.
ورأى الكاتب أن "هياكل الحكم المُقامة في الدولة الإسلامية، تعبر عن الأصول السلفية والبعثية المزدوجة للتنظيم، فمن السلفية استعار التنظيم كل إحالات الطهر الأسطوري للإسلام الأصلي، الخلافة، بصفتها مرجعا مجيدا لا جدال حوله في التاريخ الإسلامي، والشريعة بصفتها القانون الجنائي الوحيد، والإعدام بالسيف، كما في عهد النبي.
إزاء ذلك، اعتبر أنه "إذا كانت الخلافة تبدو مغرية إلى هذا الحدّ اليوم، فلأنها ولدت بعد إخفاق حركات الربيع العربي، التي انتهى معظمها في حمّام دم"، منوها إلى أن "الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين بمصر في العام 2013، جاءت لتقنع أنصار الإسلاميين بأن الديمقراطية ليست واحدا من الخيارات المتاحة للوصول إلى السلطة".
وواصل الصحفي سرد الصور الدعائية التي تحيط بالدولة الإسلامية، فأشار إلى "الرموز التي تستقي جذورها من إسلام أصلي مُتوَهَّم تجد تمثّلاتها في دعاية بارعة، تستخدم بتقنية غربية ممتازة صور أبطال أسطوريين يضحّون بأنفسهم من أجل الأمة، على غرار أفلام الفيديو المخصصة لـ"الشهداء"، أي الانتحاريين الذين يتم استخدامهم كقنابل بشرية موجّهة".
واستشهد الكاتب باقتباس لزميل كاتب آخر، كتب في مجلة "أورينت21" يدعى موسى بورقبة، الذي رأى أن "السيطرة على أرض الدولة الإسلامية بهذا الاتساع، التي تضم ثلث العراق ونصف
سوريا، أي ما يعادل مساحة بريطانيا، تتطلّب كل خبرات ومهارات الضبّاط القدامى في نظام صدام حسين."
واستطرد في وصف هياكل الدولة الإسلامية، قائلا: "تم تقسيم خلافة الدولة الإسلامية إلى مقاطعات على رأس كل منها حاكم، ويمارس الحاكم وظائف القائد العسكري كذلك، ولكنه يكون محاطا بجهاز استخبارات محلّي يرفع تقاريره مباشرة إلى القيادات العليا الموجودة في الموصل، وتلك طريقة بعثية نموذجية للمراقبة، تعود أصولها إلى جهاز ستازي الألماني الشرقي أكثر مما تعود إلى النبي محمد".
في الختام، ينتهى الصحفي مارك اياد إلى نظرية يحاول من خلالها تلمس سبب نجاح الدولة الإسلامية في الصمود والتمدد، قائلا: "إذا كانت خلافة أبي بكر البغدادي تصادف مثل هذا النجاح رغم الحرب التي يشنها عليها، منذ سنة، ائتلاف دولي ومعه جيشا العراق وسوريا، فذلك لا يعود إلى شعارات الماضي المجيد للمسلمين في عهود الأمويين والعباسيين، بقدر ما يستند إلى التهميش السياسي للسُنّة في العراق، بعد الغزو الأميركي في 2003، وفي سوريا، حيث يمثّل السُنّة أكثرية مقموعة منذ استيلاء عائلة الأسد، التي تنتمي إلى طائفة أقلية، على السلطة في العام 1970"، مؤكدا أنه "طالما لم يتم العثور على حل سياسي للمشكلة السنّية، فستظل الدولة الإسلامية قائمة ومزدهرة".