وجه رئيس الوزراء
العراقي، الثلاثاء، انتقادا شديد اللهجة إلى الأسرة الدولية، منددا بـ"فشلها في وقف تقدم تنظيم الدولة"، وذلك قبيل بدء اجتماع الائتلاف الدولي ضد "التنظيمات الجهادية" في باريس، لبحث الاستراتيجية الواجب اتباعها.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده
العبادي الثلاثاء، قبيل مشاركته في مؤتمر دولي حول مواجهة تنظيم الدولة، في العاصمة الفرنسية باريس، في وقت لاحق مساء اليوم، حيث أوضح أن "سلاح الجو التابع لدول التحالف، لا يزود القوات البرية العراقية بمعلومات استخباراتية كافية حول تنقلات عناصر التنظيم".
ومنذ عام، رغم شن الائتلاف قرابة أربعة آلاف غارة جوية، فإن تنظيم الدولة يواصل تقدمه في العراق وسوريا، وبات يسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي بين البلدين.
وأضاف العبادي: "في ما يتعلق بدعم العراق، الكلام كثير لكن الأفعال قليلة على الأرض".
وأكد العبادي "عدم حصولهم على أسلحة وذخيرة كافية من قبل هذه الدول"، مشيرا إلى الصعوبات المالية التي تواجهها حكومته في شراء الأسلحة من الخارج، فضلا عن المعوقات في استلام الأسلحة التي اشترتها الحكومة السابقة من روسيا، بسبب العقوبات الأمريكية على موسكو.
وأشار إلى تزايد عدد المقاتلين الأجانب في صفوف تنظيم الدولة، مقدرا أنهم يشكلون 60% مقابل 40% من العراقيين، على حد قوله، مضيفا أن "هناك مشكلة دولية لا بد من حلها".
وتابع بأن "علينا أن نجد تبريرا لقدوم هذا العديد الكبير من الإرهابيين من السعودية والخليج ومصر وسوريا وتركيا ودول أوروبية".
وأضاف للصحفيين قبل اجتماع باريس الذي يشارك فيه وزراء من 20 دولة بينها السعودية وتركيا، أن المشكلة ليست في العراق فقط، وأن بغداد تحاول القيام بدورها لكن تنظيم الدولة الإسلامية لم ينشأ في العراق.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية للصحفيين إن وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، سيشارك في الاجتماع عن بعد، لأن ساقه كسرت، الأحد.
وأضاف: "هذا ليس اجتماع عمل عاديا.. نجتمع في أعقاب الأحداث في
الرمادي. جئنا لنناقش رئيس الوزراء العبادي في خطته.. لتحرير الرمادي ومحافظة الأنبار".
وستكون الاستراتيجية التي يجب اعتمادها إزاء المقاتلين في التنظيمات المسلحة في صلب الاجتماع الذي سيحضره العبادي.
وتقوم استراتيجية الائتلاف الحالية على شن غارات وتدريب الجنود العراقيين، أو مقاتلين من المعارضة السورية المعتدلة.
لكن الغارات لم توقف "الشاحنات المحشوة بالمتفجرات" التي يستخدمها الانتحاريون في التنظيم بشكل متزايد. وعمليات التدريب لم تحل دون تراجع الجيش العراقي في الرمادي.
وأعلن مسؤول أمريكي -رفض الكشف عن هويته- الاثنين، أن الاجتماع سيتناول أيضا خطط الحكومة العراقية لاستعادة السيطرة على الرمادي من أيدي مقاتلي تنظيم الدولة.
وقال: "لن يكون اجتماعا روتينيا. لقد أتينا للتباحث مع العبادي حول خططه لتحرير الرمادي ومحافظة الأنبار".
ومن المفترض أن يعرض العبادي على أعضاء الائتلاف ما تعتزم حكومته القيام به لاستعادة الرمادي ومحافظة الأنبار، وماهية المساعدة التي يمكن أن يقدمها له شركاؤه الدوليون.
وتأمل السلطات العراقية بتعبئة العشائر السنية لاستعادة الأنبار، ونشر وحدات من الشرطة تحت قيادة جديدة، وإرسال مساعدات عاجلة لإعادة إعمار المناطق التي تتم استعادة السيطرة عليها والتأكد من أن كل المليشيات الشيعية تعمل تحت سلطة بغداد.
وشدد المسؤول الأمريكي على أن خطة الحكومة العراقية تضع في رأس أولوياتها فرض سلطة الدولة على كل المليشيات الشيعية التي تقاتل إلى جانبها.
وفي هذه المنطقة التي تقطنها غالبية سنية، لا تزال هناك مليشيات شيعية مدعومة من طهران خارجة عن سيطرة الحكومة العراقية، ما يعزز مخاوف الولايات المتحدة من دور إيراني في تأجيج التوترات المذهبية في النزاع.
وتواجه مليشيا الحشد الشعبي التي تضم مجموعة فصائل شيعية ومتطوعين، عناصر تنظيم الدولة في العراق، ولكن دور هذه المليشيات التي تدعمها طهران يقلق واشنطن جراء ممارساتها الطائفية.
وشدد المسؤول الأمريكي على "ضرورة أن تكون كل القوات خاضعة لقيادة وسلطة الحكومة ورئيس الوزراء العراقي. هذا أحد العناصر الأساسية للخطة".
وكانت الإدارة الأمريكية قد اتهمت القوات العراقية بعدم إبداء حماسة في محاربة تنظيم الدولة خلال المعارك الأخيرة التي انتهت بسيطرة التنظيم على مدينة الرمادي ومناطق أخرى، فيما وجهت فرنسا انتقادات للعراق لعدم تشكيل إدارة تحتضن كافة شرائح المجتمع العراقي.
وفي الساعات الـ24 الماضية، واصل الائتلاف غاراته على مواقع للجهاديين في العراق، خصوصا في الأنبار، وفي محافظة الحسكة (شمال شرق سوريا).
وأعلن رئيس مجلس النواب العراقي، سليم الجبوري، الاثنين، أن "ضربات التحالف مهمة لإيقاف توغل تنظيم الدولة، لكنها لا تحسم المعركة".
الأكراد مستاؤون لعدم دعوتهم للمؤتمر
في سياق متصل، أصدرت دائرة العلاقات الخارجية لحكومة إقليم كردستان، بيانا أوضحت فيه موقفها من مؤتمر باريس، الذي عقد الثلاثاء، بأن "المؤتمر يخص الدول التي تحارب ضد تنظيم الدولة، ومعلوم أن إقليم كوردستان لديه القوة الوحيدة التي استطاعت أن تحقق أكبر انتصار على هذا التنظيم، وأن تلحق به فشلا كبيرا، وأن تطهر المناطق من مقاتليه".
وعبر البيان عن "الأسف، لأنه رغم محاولاتنا مع وزارة الخارجية الفيدرالية ومكتب رئيس الوزراء العراقي الفيدرالي، فإن هذا الموضوع لم يحسم، في الوقت الذي تعد فيه قوات بيشمركة كوردستان، أكثر القوات فاعلية في مواجهة إرهابيي
داعش بشكل مباشر وفعال".
وشدد البيان: "نوصل وشعب كوردستان، استياءنا ورفضنا، للحكومة العراقية، كونها الجهة الوحيدة المشاركة في المؤتمر، ولم تول أهمية لدعوة
التحالف الدولي الذي أمل في أن تكون المشاركة على مستوى العراق. إقليم كوردستان كونه الإقليم الوحيد في العراق الفيدرالي، يرى أن من حقه أن يكون له تمثيل في مثل هذه المؤتمرات، وأن يعبر عن موقف وسياسة إقليم كوردستان، وهذا حق دستوري".