أكد الإعلامي والكاتب الصحفي
المصري، عبدالله السناوي، أن رئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي "فشل في معظم الملفات، في أول عام من حكمه، لأسباب عدة، أهمها غياب الرؤية والاستراتيجية"، قائلا إن السيسي "لم ينجح في إصلاح الجهاز الأمني، والقضائي، كما لم ينجح في وضع نظام إعلامي جديد، ولم ينجح في التعامل مع الشباب، وخسرهم"، وفق تعبيره.
وحول موقف السيسي من ملف العدالة الاجتماعية في عامه الأول، قال السناوي في حوار مع صحيفة "المصري اليوم"، الأربعاء: "هناك فجوة كبيرة بين النوايا والسياسات"، مؤكدا أن "السياسات التي يجري تطبيقها على الأرض تُعادي الفقراء، ولا تختلف عن سياسات حكومات الرئيس الأسبق حسني مبارك"، وفق وصفه.
واستطرد: "هناك حالة عداء ضد الفقراء، وعلى سبيل المثال، هناك زيادة في الأسعار، في الوقت الذي يجرى فيه تدليل رجال الأعمال، حيث جرى تمرير قانون الاستثمار بما يخدم مصالحهم، وإلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية، وكأن جمال مبارك هو من يُدير البلاد، ما نتج عن ذلك غياب فكرة العدالة، وأدى إلى تراجع شعبية السيسي، خاصة في أوساط المثقفين، والطبقة الوسطى".
وأرجع السناوي السبب في وجود فجوة بين النوايا والسياسات إلى أن "السيسي يحكم برجال غيره، وأفكار مبارك، وعدم وجود رؤية وخطة وضعها بنفسه"، متابعا: "يجب أن يؤسس السيسي لنظامه، أن يختار رجاله الذين ينفذون سياساته، وأن يُظهر (العين الحمراء) للفاسدين ورجال الدولة القديمة، فإن لم ينقض عليهم، فسينقضون هم عليه".
والسناوي من أشد معارضي الإخوان المسلمين، وقد ناوأ الرئيس محمد مرسي، طيلة فترة حكمه، وكان من دعاة 30 يونيو والانقلاب العسكري، كما أنه مقرب من السيسي، وقد غازله الأخير، بشكل خاص، في أحد لقاءاته بالصحفيين والإعلاميين.. لكنه يحاول في الفترة الأخيرة الموازنة في تقييم سياساته وأدائه في الحكم، وفق مراقبين.
وكان السناوي أبدى -في تصريحات لبرنامج "يحدث في مصر"، على فضائية "إم. بي. سي مصر"، مساء الثلاثاء- تحفظه على الطريقة التي فكر بها السيسي؛ لمواجهة المظاهرات المناهضة له بألمانيا، قائلا: "السيسي حشد أكثر من 10 آلاف مصري؛ لدعمه في ألمانيا، وهذا ليس توقعا، بل معلومة دقيقة، وأتحفظ على ذلك؛ لأن الخطر الذي يمثله الإخوان في ألمانيا ليس بالحجم الذي يستدعي حشد كل هذا العدد"، وفق وصفه.
30 يونيو يجرى اختطافها
وفي حواره مع "المصري اليوم"، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، تابع السناوي: "30 يونيو يجرى اختطافها من قبل الدولة القديمة، مثلما خطفت جماعة الإخوان ثورة يناير، ويجب أن يكون هناك قرار سياسي يسمح للهيئات الرقابية بتقديم ملفات الفاسدين إلى جهات التحقيق.. الاقتصاد الذي يتم تأسيسه على فساد يصبح فاسدا.. حان وقت اتخاذ القرارات الكبرى".
عام السيسي مع الشرطة
وبالنسبة للملف الأمني، اعتبر السناوي أن وزارة الداخلية في مأزق كبير، مشيرا إلى أنها "تقدم تضحيات هائلة في مواجهة الجماعات الإرهابية، وفي الوقت نفسه هناك انتهاكات فاضحة، إذ يجرى انتهاك أبسط حقوق الإنسان".
وتابع: "الشرطة تريد الانتقام من ثورة 25 يناير، وتتعامل بقسوة مع الشباب، والنتيجة لن تكون في صالحها إن استمرت على ذلك الوضع، كما أن الضابط الذي يرتكب جريمة ينزع صفة القداسة عن زملائه من الشهداء الذين راحوا ضحية الإرهاب".
وعن ما تجاهله السيسي في عامه الأول مع الشرطة، قال: "كان يجب عليه إصلاح الجهاز الأمني، نحن لا نريد أن يقف الرئيس، ويقول إن الضابط سيُحاسب إن قتل مثلما حدث في قضية شيماء الصباغ، لا بد من خطة واضحة لإصلاح الداخلية، الشعب يريد عودة الأمن، وليس جبروت الأمن، وثقافته تغيرت كثيرا في السنوات الأربع الماضية، هو لن يسمح بقمعه مرة أخرى، والدليل ما حدث لأحد الضباط في منشأة ناصر".
المواجهة مع الإخوان
وبالنسبة لملف الإخوان، كال السناوي لهم الاتهامات، معتبرا أن "الإخوان عبء على الديمقراطية"، وفق ما طالعته صحيفة "
عربي21"، في حواره مع "المصري اليوم".
وأضاف السناوي: "الجماعة كانت سببا قويا في تعطيل العملية الديمقراطية، سمحت بدخول الشرطة الحرم الجامعي، وفقدان الجامعة استقلالها، وأجلت تعديل قانون التظاهر، وأجلت المناقشة الجادة حول الانتخابات البرلمانية، نتيجة أعمال عنف ترتكبها الجماعة، ما سمح للسلطة باستخدامها كالعادة لتمرير قوانين لا تختلف عن القوانين التي كانت تمررها لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل".
وحول مواجهة السيسي مع الإخوان، قال: "الرئيس السيسي لم يكن لديه خطاب موحد، خلال العام الأول من حكمه تجاه الإخوان، في بداية توليه المسؤولية، وأنا هنا أتحدث وفق معلومات، كان يميل إلى إدماج الجماعة في الحياة السياسية مرة أخرى، لكن بضغط شعبي وإعلامي تراجعت الفكرة، ثم بعد ذلك أصبحت المصالحة مستحيلة، ولن يُقدم عليها السيسي، أو أي رئيس آخر، وكل المبادرات للمصالحة وصلت إلى حائط مسدود، لأنها اصطدمت بحقائق موجودة على الأرض"، على حد تعبيره.
واستطرد: "جماعة لا تريد الاعتراف بالإرادة الشعبية، ترتكب أعمال عنف ضد الشرطة والجيش والمواطنين، تحاول تقويض مؤسسات الدولة، تضع قوائم سوداء للإعلاميين والقضاة، تفجر أبراج الكهرباء، وتقطع خطوط السكك الحديدية، كل ذلك جعل فكرة المصالحة مستحيلة".
وتساءل: "كيف تقبل مؤسسات القوة (الشرطة والجيش والقضاء) المصالحة، وهم يتعرضون لعمليات إرهابية؟".
وعن مستقبل الجماعة، قال: "إن هناك صراعا قويا داخل "الإخوان" بين الحرس الجديد والقديم، وبين قيادات الداخل والخارج، وهناك مجموعة تريد إعادة الجماعة للحياة السياسية، خوفا من الانتحار النهائي، ومجموعة تفضل العنف في مواجهة السلطة، وهو الأمر الذي قد يقود إلى حالة "تدعيش الجماعة"، لتصبح في حالة تحالف ضمني مع التنظيمات الإرهابية مثل "داعش"، وحال انتصار هذه المجموعة سيكون هناك انتحار نهائي للجماعة"، وفق قوله.
وحول المطلوب من السيسي لمواجهة "عنف الإخوان" والجماعات التكفيرية -بحسب "المصري اليوم"- قال السناوي: "أن تكون لديه استراتيجية واضحة وشاملة لمواجهة الإرهاب، وألا يكون هناك تغليب للحل الأمني على السياسي أو العكس، بل يكون هناك مشروع اجتماعي واسع، مشروع يحفظ كرامة المواطن، ويوفر حياة كريمة للمصريين".
وأضاف: "هذا هو الحائط الذي يمنع الإرهاب من الانتشار.. في العام الأول الرئيس لم تكن لديه أي خطة واضحة لمواجهة العنف، ولم تكن هناك رؤية سياسية للتعامل مع التيار الإسلامي، ولن نستطيع اجتثاث فصيل إسلامي من المجتمع، الأفكار لا تجتث"، على حد وصفه.
وعبدالله السناوي أحد واجهات الفكر الناصري بمصر، وقد عمل رئيس تحرير جريدة "العربي" الناصري سابقا، ومديرا لتحرير مجلة "الموقف العربي"، ثم جريدة "صوت العرب" في الثمانينيات، قبل أن ينضم إلي جريدة "الأهالي" اليسارية في مطلع التسعينيات، وظل يكتب بانتظام بصحيفة "الخليج" الإماراتية، فيما يكتب حاليا مقالا أسبوعيا بجريدة "الشروق". وظل فترة يقدم برنامج "صالون التحرير" على قناة "التحرير" الفضائية.