عقد معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ندوة في 28 أيار/ مايو الماضي، شارك بها الباحثون مايكل نايتس وفيليب سميث وأحمد علي، حول النفوذ الإيراني في
العراق.
وناقش مايكل نايتس وحدات الحشد الشعبي التي ظهرت في حزيران/ يونيو 2014 لقتال تنظيم الدولة، وحصلت على رعاية رسمية من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، معتبرا أنها ليست مليشيات، بل تشكل جزءا من القيادة المشتركة لقوات الأمن العراقية.
وأوضح مؤلف كتاب "الطريق الطويل: إعادة تفعيل التعاون الأمني الأمريكي في العراق"، أن العبادي يتولى القيادة الفرضية لهذه الوحدات من خلال مستشار الأمن القومي العراقي، إلا أن القيادة العملية لإيران عبر منظمات مثل "منظمة بدر"، و"فيلق القدس".
وقال نايتس إن الحشد الشعبي منعت مزيدا من الخسائر لصالح تنظيم الدولة، قبل أن تبدأ باستعادة الأراضي لمناطق تكريت وآمرلي، مشيرا إلى أنها تنجز مهامها، وإن كانت غير إنسانية في بعض الأحيان.
وأوضح نايتس أن عدد هذه الوحدات يتفاوت بين 60 ألف و90 ألف بالتناوب، ويعملون مع السنة في المناطق السنية، كما يتم دعمهم من الحرس الثوري وحزب الله، عبر الدعم الاستخباراتي والاستشاري والخدمات اللوجستية والأسلحة، ما يمنحهم ميزة على قوات الأمن العراقية، بالرغم من أنها منتشرة بشكل غير مكثف.
وحول مستقبلها، قال نايتس إنها أمام مسارين: بأن تكون قوة عابرة للطوائف كـ" الحرس الوطني"، أو أن تكون قوة أمنية شيعية دائمة تقوض "قوات الأمن العراقية"، بحسب تعاون جماعات الحشد الشعبي أو تنافسها.
بدوره، قال الباحث فيليب سميث إن حوادث التطهير العرقي التي تقوم بها وحدات الحشد الشعبي تحتاج مزيدا من الاهتمام، إذ إنها في كل أنحاء بغداد عبر طرد السنة، وفي ديالى إلى سامراء، مشبها إياها بالمجازر التي وقعت في لبنان بين 1975 و1978، حين كان الهدف حماية خطوط الاتصالات.
أما بالنسبة للدور الإيراني، فهو واضح عبر صور السيستاني، سعيا لاستمالة صورته وأتباعه لأغراض أخرى، إذ إنه يعتبرها أساسية بالقتال ضد تنظيم الدولة، لكنه مستمر بالضغط عليها، بحسب سميث، مستشهدا بالفتوى التي أصدرها في حزيران/ يونيو 2014، ودعا بها إلى الانضمام للقوات المسلحة العراقية، لا المليشيات.
إلى جانب ذلك، أوضح سميث أن طهران شجعت قيام تحالفات رمزية عابرة للطائفية داخل وحدات الحشد الشعب، مثل "كتاب بابليون"، و"كتاب عيسى بن مريم"، بالإضافة لفصائل سنية.
وأشار إلى التوترات بين وحدات الحشد الشعبي الشعبي داخل بعضها، والتي تشكل مشكلة بالنسبة لطهران، إذ استشهد بالقتال بين كتائب حزب الله و"المجلس الأعلى الإسلامي العراقي" في البصرة، بالإضافة لرفض مقتدى الصدر القتال في
سوريا.
من جانب آخر، قال أحمد علي إن النفوذ الإيراني وصل لأعلى مستوياته في 2003، الذي بدأ مع تشكيل المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، وفيلق بدر، وبلغ ذروته الحالية بالنجاحات الميدانية لتنظيم الدولة والمواجهة الإيرانية لذلك، ما أدى لتشكيل وحدات الحشد الشعبي.
وقال علي إن وحدات الحشد الشعبي داخليا بينها اختلافات منطلقة من أصول وأهداف وأيديولوجية مختلفة، لذا فإن المنافسة الإيرانية أمر لا مفر منه.
وبين خطري وحدات الحشد الشعبي، وتنظيم الدولة، لا يولي العراقيون الخطر الاستراتيجي المتجلي بالوحدات أهمية كبيرة، إذ إن تهديد التنظيم وجودي، وقدرات الوحدات ضرورية، أما السنة، فينظرون بقلق إلى وحدات الحشد الشعبي في المجتمعات المختلطة.
أما شمال العراق، فإن الوحدات هي القوة الوحيدة المتاحة لحماية السكان المحليين؛ لأن البيشمركة لن تشارك هناك، فيما قررت العشائر السنية عدم الوقوف في وجه تنظيم الدولة، على الأقل في الوقت الراهن، بحسب علي.
وحول ترسيخ أقدامها في العراق، فقد قامت بها وحدات الحشد الشعبي عبر عمليات تجنيد كبرى، وجمع أموال وأنشطة أخرى، قد لا تكون مؤثرة على المدى الطويل، لكنها ستكون جزءا من المشهد السياسي للسنوات القادمة، وإن لم تكن مشاركتها مؤثرة بالانتخابات.
أما عن مراقبتها، فإن السيستاني شخصية مهمة بهذا المجال، دون أن يكون من الواضح مستقبل هذه الفصائل بعد رحيله.
ومع مخاوف وحدات الحشد الشعبي، فلن يخضع العراق "للقوى التي تريد السير في خطى حزب الله"، إذ إن الدولة العراقية لا زالت قوية، وتعمل الوحدات خلالها، فالبلاد تضم تنوعا سياسيا واسعا للغاية، يمنع سيطرة جماعة واحدة مثل حزب الله.
أما عن مستقبلها، فإن الوحدات ستنتقل إلى سوريا بعد هزيمة تنظيم الدولة، بحسب ما اختتم أحمد علي الندوة النقاشية في المعهد.