يتفق الكثير من المراقبين أن قبول الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بمحادثات جنيف مع الحوثيين، ناتج عن ضغوط كثيفة مارسها المجتمع الدولي عليه، ووعود مطمئنة بأن الحوثيين الذين أعلنوا موافقتهم بالذهاب إلى العاصمة السويسرية جنيف منتصف الجاري دون شروط، سيطبقون قرار مجلس الأمن رقم (2216) الذي يلزمهم بالانسحاب من المدن اليمنية.
ويذهب آخرون إلى أنه من الصعب التكهن بمدى جدية المجتمع الدولي في إلزام جماعة الحوثي المتحالفة مع المخلوع علي عبد الله صالح بتنفيذ القرار الأممي، وذلك لأن اليمنيين فقدوا ثقتهم في الدور الدولي لتجربتهم معه طيلة الفترة التي رافقت انقضاض الحوثيين على السلطة نهاية العام الماضي.
ويتخوف اليمنيون من أن يكرر مؤتمر جنيف السيناريو السوري في اليمن.
مؤتمر.. وانقسام دولي حاد
يعتقد الكاتب والمحلل السياسي اليمني عبدالباسط القاعدي أن "قبول الرئيس هادي الذهاب إلى مؤتمر جنيف، سببه ضغوط وجهود دولية وإقليمية حتى لا تظهر الحكومة اليمنية كرافضة للحوار بينما يقبل به الحوثيون، كما تضمنت الضغوط الدولية وعودا مطمئنة تحمل مؤشرات إيجابية في التزام المتمردين الحوثيين بقرار 2216، فضلا عن كون الحوار سيكون بمرجعيات المبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار وقرار مجلس الأمن".
وقال القاعدي في حديث خاص لصحيفة "عربي21"، إن "الحوثي موجود كأمر واقع، والذهاب إلى جنيف لا يضفي شرعية على الانقلاب المرفوض من قبل أغلبية اليمنيين بالإضافة إلى المجتمع الإقليمي والدولي"، مضيفا أن "بإمكان الحكومة اليمنية تحويل مؤتمر جنيف إلى فعالية سياسية لإدانة الانقلاب أكثر وأكثر، بل وإخراس المجتمع الدولي ومجلس الأمن الذي يكتفي بإصدار القرارات ثم لا يضغط لتنفيذها".
وقال "لذا فمؤتمر جنيف سيشكل فرصة تمكن الحكومة من فضح الحوثيين واثبات عدم التزامهم بكافة الاتفاقات".
وأشار القاعدي إلى أن مؤتمر جنيف المزمع عقده منتصف الشهر الجاري، تعبير جلي عن الانقسام الحاد في الموقف الدولي إزاء قضايا المنطقة، بل محاولة أيضا لإنقاذ الحوثي ورغبة أممية في إطالة عمر الأزمة اليمنية".
وبحسب المحلل السياسي اليمني فإن الحوثيين حلفاء إيران، يلعبون على ورقة الانقسام الدولي في عدم التزامهم بالقرار (2216) ويتلقون وعودا بالدفاع عنهم وعدم السماح بأي إجراءات عقابية ضدهم.
وسجل أن مؤتمر جنيف "تعبير عن هشاشة المؤسسة الأممية وتبعيتها لأطراف دولية لا تريد حسم الصراع الدائر في اليمن، وتظل المقاومة الشعبية الورقة الرابحة بيد الحكومة والإقليم في إحداث التوازن الذي يفضي إلى حلول سياسية".
ورأى الكاتب القاعدي أن ذهاب الحكومة اليمنية إلى مؤتمر جنيف وهي تدرك المعطى السابق، يوجب عليها أن توظف المؤتمر لتعزيز فرص المقاومة المؤيدة للشرعية بالإضافة إلى الإسراع في تشكيل الجيش الوطني المجهز لإسنادها".
وحذر الكاتب "من أي تراخ بهذا الشأن، لأنه سيصب في مصلحة الانقلاب وستظل المساعي الأممية تحصيل حاصل والتجارب المحيطة تثبت ذلك".
ضغط أمريكي شديد
من ناحيته، أكد السياسي ورئيس مركز إسناد القانوني فيصل المجيدي أن "قبول الحكومة اليمنية المقيمة في الرياض، تعكس مساحة اليد الأمريكية الطاغية في هذه القضية من خلال تفاهماتها مع دوائر غربية، مستدلا بـ(اتفاقية لوزان 5 + 1 مع طهران بشأن الملف النووي)".
وقال المجيدي في حديث خاص لصحيفة "عربي21" إن "رغبة الإدارة الأمريكية بأن تكون إيران أشبه بمدير إقليمي للمنطقة على حساب الدور العربي في ظل انحسار تواجدها في المنطقة، ونكوصها عن دور الحامي للخليج والذي كان يظهر منذ عقود".
وأضاف أن "أمريكا مارست من هذه الزاوية ضغوط شديدة جدا على الرئيس هادي وأشد منها على السعودية، من أجل القبول بالذهاب لجنيف والتنازل عن شرط تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216، والذي يقتضي بتنفيذ الحوثيين لمطالب لمجتمع الدولي دون شروط، منها الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة".
ولم يختلف رأي المجيدي عما طرحه القاعدي أن "موافقة الرئيس هادي على حضور مؤتمر جنيف، سببه ضغط أمريكي عليه وعلى السعودية التي التحالف العربي ضد الحوثيين المدعومين بوحدات عسكرية موالية للمخلوع صالح".
وأوضح رئيس مركز إسناد القانوني أن "حكومة الرئيس هادي ستذهب إلى جنيف منتصف حزيران/ يونيو الجاري، بوفد مكون من سبع شخصيات للتشاور وليس للتفاوض، حول تنفيذ القرار( 2216) على أساس المبادرة الخليجية ومقررات مؤتمر الحوار الوطني وإعلان الرياض".
ولفت المجيدي وهو عضو مؤتمر الرياض إلى أن الحكومة اليمنية لا ترغب في مفاوضات مباشرة مع الحوثيين وإنما القيام بمشاورات تقتضي أن يكون ممثلوها في مقر آخر غير مقر وفد الحوثي، على أن تقوم بتسليم رؤيتها المتضمنة تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وفقا المرجعيات المشار لها سلفا عبر وسيط، ثم تنتظر الرد المكتوب لتعود إلى القيادة في الرياض لاطلاعها على رد الطرف الآخر أي الحوثيين والمخلوع صالح".
وكانت الحكومة اليمنية قد أكدت في وقت سابق على لسان وزير إعلامها في الرياض عز الدين الأصبحي، في جنيف ستكون "للتشاور وللبحث في تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2216"، الذي ينص خصوصا على انسحاب الحوثيين من الأراضي التي سيطروا عليها منذ بدء هجومهم العام الماضي".
في الوقت الذي أعلن عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله (الحوثيين) ضيف الله الشامي، الموافقة على الذهاب إلى اجتماعات جنيف دون شروط مسبقة". مؤكدا على أنهم "لايقبلون بأي شروط".