نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تحليلا لمايكل غوردون، حول قرار الرئيس
أوباما الأخير بافتتاح قاعدة تدريب جديدة، يرسل إليها 450 مدربا أمريكيا، يقومون بتدريب الجيش
العراقي والعشائر السنية، التي وجدت صعوبة في الدفاع عن مناطقها في وجه
تنظيم الدولة.
ويرى غوردون أنه من غير المتوقع أن تغير خطة أوباما لاستعادة
الأنبار وعاصمة الإقليم الرمادي، التي لا تبعد سوى 70 ميلا عن بغداد، مجرى صراع سحب فيه تنظيم الدولة زمام المبادرة من يد التحالف الذي تقوده أمريكا.
ويشير التقرير إلى أن خطة أوباما لا تدعو إلى إرسال بعض الفرق الأمريكية لمرافقة المقاتلين العراقيين في ساحة المعركة، لإرشاد الطيران أو إعطاء الاستشارة في العمليات القتالية. كما أنه لا يتوقع أن تتضمن تكثيفا للغارات الجوية في حملة أصابت فقط 25% من الأهداف.
وتنقل الصحيفة عن ميشيل فلورنوي، التي كانت مسؤولة كبيرة في البنتاغون خلال فترة رئاسة أوباما الأولى، قولها: "إن هذه الخطوة وحدها لن تحقق الهدف، إنها ممتازة كونها خطوة أولى في سلسلة من الخطوات". مستدركة بأن الخطة لها فوائد كثيرة، ويشاركها في الرأي مسؤولون سابقون في المخابرات والدفاع، ولكنهم يرون أنها جاءت متأخرة.
ويجمل الكاتب الفوائد في النقاط الآتية:
أولا: تضع الخطة المستشارين الأمريكيين بالقرب من الوحدات العشائرية ووحدات
الجيش العراقي، التي ستقوم باستعادة الرمادي، التي وقعت في يد تنظيم الدولة الشهر الماضي. وكان التحالف مع العشائر السنية ضروريا خلال عامي 2007 و2008، عندما كان الجيش الأمريكي يصارع تنظيم القاعدة في العراق.
وثانيا: تعطي الولايات المتحدة الخيار في نشر طائراتها في قاعدة التقدم في الأنبار، ما يعني أنها أقرب لمكان المعركة المتوقعة لاستعادة الرمادي. وقال المسؤول الكبير في الخارجية الأمريكية بريت ماكغيرك: "أظن أن هذا سيحسن من إمكانيتنا لأن ندعو إلى غارات جوية بسرعة".
وثالثا: تهدف الخطة إلى تشجيع تجنيد العراقيين السنة من الأنبار للخدمة في الجيش العراقي في الفرقتين السابعة والثامنة، اللتين تهيمن عليهما الأغلبية الشيعية.
ويفيد التقرير بأن الأمريكيين سيكونون قادرين على تقديم الاستشارة لمركز العمليات العسكرية الموجود في قاعدة التقدم، كما سيتمكنون من تدريب الفرقة الثامنة من الجيش العراقي، التي توجد في القرب من الحبانية، وسيكون ربع المدربين "110 جنود" مسؤولين عن القيام بعمليات التدريب، والباقي سيعملون في الأمن والدعم.
وتنقل الصحيفة عن إليسا سلوتكين، وهي مسؤولة كبيرة في البنتاغون، قولها الأربعاء إن الهدف من إرسال المدربين الأمريكيين إلى قاعدة التقدم هو "إرسال جنود ليساعدوا في التخطيط والدمج والترتيبات اللوجستية والدعم لقوات الأمن العراقية وللقوات العشائرية في قتالها لاسترداد الرمادي والفلوجة، وفي المحصلة الأنبار كاملة".
ويبين غوردون أن العملية سيكون فيها التزام كبير بالمقاييس كلها، فهدف التحالف الذي تقوده أمريكا هو إضعاف التنظيم، وفي المحصلة هزيمته، ولكن الأسابيع الأخيرة أظهرت أن الصراع مع هذه المجموعة الإرهابية وصل إلى طريق مسدود.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن هذا الأسبوع صادف الذكرى الأولى لسيطرة التنظيم على الموصل في شمال العراق، وأصبح التنظيم اليوم يسيطر على عاصمتي محافظتين، والفلوجة وهي مدينة أخرى في الأنبار تبعد 40 ميلا عن بغداد، وهي تحت سيطرة التنظيم منذ ما يقارب 18 شهرا.
وتذهب الصحيفة إلى أن نائب وزير الخارجية أنتوني بلنكن أكد أنه تم قتل عشرة آلاف مقاتل من تنظيم الدولة منذ بداية الحملة، مشيرة إلى أن استخدام هذه المقاييس يعود بنا إلى حرب فيتنام، ولا يعدها الخبراء العسكريون مقياسا كبيرا للنجاح، وخاصة أن صفوف التنظيم تتم تغذيتها باستمرار بآلاف المتطوعين الجدد.
وينقل الكاتب عن مسؤولين أمنيين سابقين قولهم إنه إن كان الهدف هو هزيمة تنظيم الدولة، فيجب أن تكون الخطة أكثر حزما. وقد تعلمت الولايات المتحدة من صراعها مع المليشيات الشيعية في البصرة عام 2008 بأن أفضل طريقة لتوجيه القوات العراقية تكون في الميدان، وبقيت العمليات في وضع حرج حتى انضمت فرق من الجنود الأمريكيين لتوجيه الغارات الجوية، ولتقديم الاستشارة للقوات العراقية.
ويورد التقرير ما قاله ريتشارد ويلتش، الذي خدم في العراق وكان عقيدا في القوات الخاصة الأمريكية، لمدة حوالي سبع سنوات، إنه يجب أن يرافق المستشارون الأمريكيون الجيش العراقي في أرض المعركة، وهذا ما استبعده مسؤولو البيت الأبيض في الوقت الحالي.
وتقول فلورنوي للصحيفة: "أظن أنهم يرسمون الخط بشكل ضيق، فلن يكون لدينا مراقبون يحددون الأهداف، وإن منع المستشارين من الخروج عن القواعد يمنعهم من تقديم الاستشارات للوحدات أثناء القتال، حيث تحصل الانهيارات".
ويقول ديريك هارفي وهو عقيد متقاعد وضابط استخبارات سابق خدم في العراق بأن إبقاء المستشارين في قاعدة التقدم سيحد من تأثيرهم، ويضيف: "أصبحنا نخشى المخاطرة لدرجة أننا لا نضع المساعدين في المكان الذي نحتاجهم فيه".
ويستدرك غوردون بأن مسؤولي البيت الأبيض يقولون إن استراتيجيتهم حاولت إيجاد الموازنة الصحيحة. وقال نائب مستشار الأمن القومي بنيامين رودس: "لم يستبعد الرئيس أي خطوات إضافية، فهو يتطلع دائما لإدخال تحسينات على الاستراتيجية، ولكن أظن أن دليلنا هو الاعتقاد بأن أفضل طريقة لاستعادة العراقيين للأراضي التي وقعت في أيدي تنظيم الدولة، هي أن يقودوا هم المعركة لتحقيق ذلك".
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن مسؤولي البيت الأبيض قد ترددوا الأربعاء الماضي في الإفصاح عن الموعد الذي يمكن فيه استعادة الرمادي، أو حتى إن كانوا يتوقعون حصول ذلك قبل نهاية العام الجاري، فقال المتحدث الإعلامي جون إيرنست: "لن أضع أي سقف زمني لهذا الحدث".