تناقلت الصحف التركية، في أعدادها الصادرة الجمعة، خيارات حزب
الشعب الجمهوري –أكبر أحزاب المعارضة التركية- للتحالف مع حزب
العدالة والتنمية، الحاكم، أو الأحزاب الأخرى لتأسيس حكومة ائتلافية.
المشهد التركي في ظل التحالفات
ذكرت صحيفة "
تركيا" بأن نائب مدينة أنطاليا عن حزب الشعب الجمهوري "دينيز بايكال"، أوضح بعض النقاط بخصوص المقابلة الأخيرة له مع رئيس الجمهورية التركية رجب طيب
أردوغان قائلا: "لنوضح نقطة أساسية، أنا لم أذهب إلى المقابلة بنية مناقشة إمكانية تأسيس حكومة ائتلافية، وسألت نفسي لماذا دعاني السيد الرئيس لمقابلته؟ ولكن أعتقد بأني نائب برلماني، وأكبر أعضاء البرلمان سنا، من المؤكد أنه أراد مناقشتي الوضع الحالي وكيفية الخروج منه".
وأردف بايكال تصريحاته قائلا "لا أنا، ولا السيد رئيس الجمهورية كان لدينا نية مسبقة للحديث عن حكومة ائتلافية، وكما أنه لم يكن هناك أي حديث مسبق للسيد الرئيس عن موضوع الحكومة الائتلافية، ولكن أعتقد بأن قيام السيد رئيس الجمهورية بدعوة نائب من حزب الشعب الجمهورية للتشاور والتباحث بالوضع الحالي أمر مهم جدا وله معنى كبير. وأعتقد بأن مقابلتنا كانت مهمة جدا وكانت مقابلة تحتاجها السياسية التركية في الوضع الراهن، وبالطبع هذه المقابلة خلقت في الرأي العام بعض التأثيرات الإيجابية والسلبية، يجب أن أعترف بأني شعرت، اليوم بأنه يجب علي متابعة خطاباته، وبالطبع ما قاله اليوم عن الاجتماع صحيح وطبيعي، رؤية تبني الرئيس لما قلناه في المقابلة شعور جميل".
وبحسب الصحيفة فإن بايكال قال: "إن وجوب تأسيس حكومة ائتلافية، اليوم، ليس بسبب نسب الأحزاب البرلمانية أو برامجهم السياسية، بل من أجل المصلحة العامة للدولة، وفي اعتقادي؛ إن حزب الأغلبية، بعد الانتخابات، سيحاسب نفسه عن بعض الأخطاء التي اقترفها بحق شعبنا ودولتنا، كما أن الوضع الحالي للبرلمان سيساعد حزب الأغلبية في محاسبة نفسه، لا سيما في مواضع حساسة مثل تحقيقات الفساد والاختلاس و"عملية السلام، وذلك لأن هذه المواضيع مواضيع لا تتم استمراريتها إلا من خلال إجماع البرلمان".
وتفيد الصحيفة بأن حزب الشعب الجمهوري، الذي قد يكون هو المتحالف مع حزب العدالة والتنمية، يسعى لتأسيس حكومة ائتلافية، لبحث خصوصيات التحالف وماهيته من خلال اجتماع أعضاء مجلسه القيادي في الأربعاء 15 حزيران/ يونيو المقبل، وسيناقش الاجتماع، هل سينضم الحزب للتحالف مع حزب العدالة والتنمية أو مع الأحزاب الأخرى مع طلب أن يكون رئيس الحزب رئيس وزراء بالتناوب أو رئيس وزراء مباشر؟
وذكرت الصحيفة أنه من المتوقع أن يتم مناقشة موضوع تحالف الحزب مع الأحزاب الأخرى ومناقشة خريطة الطريق التي سيتم اتباعها في المرحلة المُقبلة.
وعن خيارات حزب الشعب الجمهوري للتحالف مع حزب العدالة والتنمية أو الأحزاب الأخرى لتأسيس حكومة ائتلافية فمن المتوقع أن تكون بحسب الصحيفة كالتالي:
تحالف الشعب الجمهوري والعدالة والتنمية
تورد الصحيفة بأن خيار تحالف حزب الشعب الجمهوري مع حزب العدالة والتنمية، ينص على:
- في هذا الخيار سيتم طلب نظام رئاسة وزراء تناوبي بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري، خلال هذا النظام سيكون كيليجدار أوغلو رئيس وزراء، رئاسة المجلس ستُترك لحزب الشعب الجمهوري.
- في التحالف لن يكون هنا "شريك صغير - كبير"، بحيث أن أعداد الوزرات ستقسم "بالتساوي".
- وزارة العدالة، والداخلية، والتعليم العالي ستكون من نصيب حزب الشعب الجمهوري وستكون ضمن الشروط التي لا يمكن التنازل عليها من قبله.
- سيتم إلغاء تدخل السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية.
- سيتم تشكيل هيئة خاصة بالتحقيقات المتعلقة بالوزراء الأربعة.
- سيتم إعطاء راتب اكرامي للمتقاعدين في أول عيد ديني.
- سيتم رفع الحد الأدنى للأجور ليصل إلى 1500 ليرة شهريا.
تحالف المعارضة
وتذكر الصحيفة، بأن خيار تحالف حزب الشعب الجمهوري مع الأحزاب السياسية البرلمانية الأخرى بدون حزب العدالة والتنمية:
- سيكون كيليجدار أوغلو هو رئيس الوزراء.
- إذا انضم حزب الحركة القومية للتحالف الثنائي بين حزب الشعب الجمهوري وحزب
الشعوب الديموقراطي يمكن أن يتم تقاسم الوزرات وإذا احتاج الأمر سيتم تسليم رئاسة البرلمان لحزب الحركة القومية.
- سيتم تسليم بعض رئاسة اللجان البرلمانية لحزب الشعوب الديموقراطي.
- سيتم تنفيذ وعود الأحزاب الثلاثة المشتركة "إصلاح القضاء، رفع أجرة الحد الأدنى، رفع راتب المتقاعدين، تنظيم قوانين العمل".
- سيتم تحريك قضية الوزراء الأربعة من جديد.
وتفيد الصحيفة بأنه وفي هذه الأثناء حذر زعيم المعارضة كيليجدار أوغلو أعضاء قيادة حزبه من التناقض في تصريحاتهم وكما طلب منهم عدم التحدث للإعلام عن المواضيع المتعلق بخيارات التحالف مع الأحزاب الأخرى.
أنانيتهم، وأردوغان
يقول الكاتب "محمد بارلاس" في مقال له بصحيفة "صباح" لا يمكن أن يتحمل المسؤولية من يترك تركيا بغير حكومة، في المرحلة الدستورية الحالية على الجميع ترك أنانيته وأحاسيسه الشخصية جانبا، ويجب السعي لتأسيس الحكومة في أسرع وقت ممكن. قلت هذا لبايكال وأكدت عليه، أتمنى أن تكون انتخابات 7 حزيران/ يونيو باب خير للجميع، نسبة التصويت العالية التي وصلت 87 % تبين مدى إيمان شعبنا بالديموقراطية، لا يوجد نسبة تصويت عالية بهذا القدر ولا في أي دولة ديموقراطية.
ويلفت الكاتب إلى أنه لا يمكن "إصلاح أنانيتكم –المعارضة التركية- من خلال مهاجمة أردوغان".
ويشير إلى أن نتيجة الاقتراع تعني الإرادة الشعبية، لذا يجب على الجميع احترامها، نتيجة الانتخابات هذه التي لا تخول أي من الأحزاب لتأسيس حكومة بشكل منفرد لا تعني بأن تركيا ستظل من غير حكومة، على جميع الأحزاب التحلي بالمسؤولية، إذا لم نتحلى بالمسؤولية فإن المصالح العامة للدولة ستكون في خطر.
تركيا.. الإدارة الصعبة
يرى الكاتب "إبراهيم كاراغول" في مقال له بصحيفة "يني شفق" بأن تركيا لا تعني فقط تركيا لوحدها، حدودها ليس محدودة فقط بالأناضول، اقتصادها، نظرتها السياسية، تأثيرها ومدى قوتها لم تعد قومية بل امتدت إلى ما بعد حدودها، الأراضي التي أصبحت تحت قيادة تركيا، باتت كبيرة بقدر لا يستطيع العقل البشري تصوره أبدا، أصبحت كل خطوة تخطيها تعني حزن وفرح أناس أعدادهم أكبر بكثير من الأناس الذين يعيشون داخل حدود الأناضول.
ويقول الكاتب تركيا أصبحت لاعب أساسي في المنطقة، مدى تأثيرها أصبح أقوى من جمع الجنسيات القومية والثقافية، لم تعد تلك الدولة المحصورة، كما في السابق، أصبحت دولة حاضنة، ناقلة لأفكار تقدمية وتطويرية عملاقة.
ويضيف بأن تركيا أصبحت الوطن الأم لجغرافيتنا المحيطة، أصبحت عنصر فاعل في القضية الفلسطينية، أصبحت موجودة في خيال وأوجاع الشعب المصري، أصبحت وكأنها الوطن الأم المسؤول بالفعل عن سوريا، أصبحت موجودة في أمال جميع الشعوب المجاورة التي تعيش في حالة فوضى عارمة وقاتلة.
ويلفت الكاتب الى أن أي تصريح أو أي خطوة أو أي تطور يخص تركيا؛ أصبح له صدى صوت يمتد من ألبانيا إلى البحرين ومن مقادونيا إلى مصر ومن البوسنة إلى اليمن. إدارة دولة بهذا الحجم ليس بالأمر السهل أبدا، تركيا، باقتصادها بسياستها القوية بتأثيرها القوي على المعادلات داخل الاتحاد الأوروبي أصبحت دولة لها احترام ودرجة تقدير لم تسبق.
ويرى الكاتب بأن تركيا أصبحت إحدى الدول البراق نجمها في المنطقة، في كل مجال وشأن أصبحت قوة ديناميكية ومُحركة، حتى أعدائها، وإن أخفوا، ففي قلوبهم يقبلون نجومية تركيا وقوتها الضخمة. ويختتم الكاتب مقاله قائلا "إدارة هذه القوة صعب جدا"!