أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء تعزيز قوة الردع النووية الروسية، ردا على مشروع أمريكي لنشر أسلحة ثقيلة في أوروبا الشرقية، ما أثار غضب الحلف الأطلسي الذي اعتبره قرارا "خطرا".
وأكد بوتين أثناء افتتاح المعرض العسكري "الجيش-2015" بالقرب من موسكو: "هذا العام سينشر في إطار القوات النووية الروسية أكثر من 40 صاروخا بالستيا جديدا عابرا للقارات قادرا على مقاومة أنظمة الدفاعات الجوية الأكثر تطورا".
كما عبر الرئيس الروسي عن ارتياحه لتحسين الصناعة الدفاعية الروسية، معتبرا أنها تسهم في "تعزيز الأمن الروسي"، كما رحب بوضع غواصة جديدة مجهزة لإطلاق رؤوس نووية باسم "فلاديمير مونوماخ" في الخدمة هذه السنة.
إدانة وقلق أمريكي
وأثار تصريحه حول الصواريخ إدانة فورية من حلف شمال الأطلسي، وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، في مؤتمر صحفي عقده في بروكسل، إنه "أمر غير مبرر، يزعزع الاستقرار وخطر"، مضيفا أن "إعلان بوتين اليوم يؤكد تصرفات
روسيا منذ فترة، لقد شاهدنا كيف تستثمر روسيا في الدفاع بشكل عام وفي القدرات النووية بشكل خاص".
كما أعربت واشنطن الثلاثاء عن قلقها بشأن قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعزيز الترسانة العسكرية، واصفة إياه بأنه "خطوة إلى الوراء".
وصرح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للصحافيين قائلا: "هناك اتفاقية ستارت. ونحاول أن نتحرك في الاتجاه الآخر" لخفض الأسلحة النووية، في إشارة إلى الاتفاق بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق الموقع في تموز/ يوليو 1991 لخفض الترسانة النووية في البلدين.
وقال كيري في نيسان/ أبريل إن بلاده مستعدة لإجراء مفاوضات جديدة مع روسيا حول خفض إضافي للأسلحة النووية الاستراتيجية إلى ما دون المستوى المتفق عليه في اتفاقية ستارت الجديدة الموقعة في 2011.
وأدت هذه المعاهدة إلى خفض عدد الصواريخ العابرة للقارات والبالستية التي تمتلكها كل من الدولتين على أراضيها.
وقال كيري، الثلاثاء: "لقد كان بيننا تعاون هائل منذ التسعينات بشأن تدمير الأسلحة النووية التي كانت في الأراضي السوفييتية السابقة. ولا أحد يرغب في أن يرى رجوعا خطوة إلى الوراء"، مضيفا: "باعتقادي لا أحد يريد العودة إلى وضع الحرب الباردة".
إلا أن بوتين قال إن روسيا ستدافع عن نفسها إذا تعرضت للتهديد، مضيفا أن حلف شمال الأطلسي "قادم إلى حدودنا".
وأضاف بوتين: "إذا وضع أحد ما بعض مناطقنا تحت التهديد، فهذا يعني أن علينا أن نوجه قواتنا المسلحة وقوتنا القتالية الحديثة نحو تلك المناطق التي يأتي منها التهديد".
وقال في اجتماع على مشارف موسكو مع نظيره الفنلندي ساولي نينستو: "فور أن يأتي أي تهديد من دولة مجاورة، يجب أن ترد روسيا بالطريقة المناسبة وتطبق سياستها الدفاعية لتحييد التهديد الذي يواجهها".
الناتو في خطوة استباقية
ويأتي إعلان بوتين بعد ثلاثة أيام من كشف صحيفة نيويورك تايمز مشروعا قيد الدرس في البنتاغون لنشر أسلحة ثقيلة في دول بأوروبا الشرقية.
ودون التعليق مباشرة على هذه المشاريع، دافع الأمين العام للحلف الأطلسي الثلاثاء، عن حق الحلفاء بـ"نشر استباقي" للعتاد على الحدود الشرقية للحلف الأطلسي، موضحا: "إننا نعزز حضورنا في شرق الحلف ردا على المناخ الأمني الجديد"، ومؤكدا: "كل ما نفعله ينسجم مع واجباتنا الدولية".
وبالرغم من أن البنتاغون لم يؤكد بعد هذه المشاريع، صرح وزير الدفاع البولندي توكماش سيمونياك الأحد لوكالة الأنباء البولندية أن وارسو تجري مباحثات مع واشنطن حول نشر أسلحة ثقيلة أمريكية على أراضيها.
وقال الوزير البولندي إننا "نعمل منذ بعض الوقت من أجل وجود عسكري أمريكي أكبر في بولندا وعلى كل الخاصرة الشرقية لحلف شمال الأطلسي"، موضحا أن "الولايات المتحدة تحضر حزمة من التدابير المختلفة، منها تمركز عتاد ثقيل في بولندا وفي بلدان أخرى سيكون كبيرا".
وتقول واشنطن إنها تريد بذلك طمأنة دول البلطيق ودول أخرى في أوروبا الشرقية قلقة منذ ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا واندلاع النزاع في أوكرانيا، حيث يرفض الانفصاليون الموالون لموسكو سلطة كييف.
ومن المتوقع أن يبلغ وزير الدفاع الأميركي اشتون كارتر نظراءه الـ27 بشأن مشاريع البنتاغون أثناء اجتماع لوزراء دفاع الحلف الأطلسي الأربعاء والخميس، بحسب ستولتنبرغ.
وبسبب التوتر بين روسيا والغرب على خلفية الأزمة الأوكرانية، عززت روسيا مؤخرا ميزانيتها العسكرية التي باتت تمثل 21% من ميزانيتها الإجمالية، وهو ضعف ما كانت عليه في العام 2010، بحسب مركز الأبحاث المستقل غايدار.