نشرت صحيفة "لوتون" السويسرية، تقريرا حول الانتقادات "الكبيرة" التي تعرضت لها الأجهزة الأمنية والسلطات
التونسية، بعد "الفشل الذريع" في تأمين "المنطقة الحساسة" في مدينة
سوسة الساحلية، التي استهدفت بهجوم مسلح الجمعة الماضي، وضعف التعامل الأمني مع منفذ العملية سيف الدين الرزقي.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن المسلح الذي ظهر على شاطئ مدينة سوسة ثم توجه إلى داخل الفندق؛ أخذ كل ما يلزمه من وقت للقيام بهذه المجزرة، "ورغم أن السلطات أعلنت مباشرة عن تشديد الإجراءات الأمنية في المناطق
السياحية، فإنها لم تسلم من الانتقادات الشديدة من الداخل والخارج".
وذكرت أن بعض أفراد قوات حفظ النظام التونسية؛ اعترفوا بأن الرزقي قضى 30 دقيقة في تنفيذ العملية في محيط وداخل فندق "مرحبا" بسوسة، "وهي مدة زمنية كانت كافية لقتل 38 شخصا، أغلبهم من السياح الأجانب، وجرح أكثر من 30 آخرين، على الشاطئ وفي المسبح المغطى، ومدخل الفندق، والطابق الأول، ومرآب السيارات، قبل أن تتدخل قوات الشرطة لترديه قتيلا في أحد الشوارع الجانبية".
وأضافت أن ما حدث "يثير الخوف والريبة، لسببين اثنين؛ أولهما هو أن تونس عرفت منذ ثلاثة أشهر فقط هجوما مشابها على متحف باردو في العاصمة، كان قد تبناه
تنظيم الدولة أيضا، وأدى لوقوع 22 قتيلا أغلبهم من السياح. والثاني هو أن موقع الهجوم يمثل واحدا من أهم الأقطاب السياحية في البلاد، حيث إن هذه المنطقة المعروفة بميناء القنطاوي، تحتوي على سلسلة من الفنادق الفخمة المتعاقدة مع وكالات سفر أوروبية".
وقالت الصحيفة إنه "بقطع النظر عن الدوافع الأيديولوجية للقاتل، ومدى مهارته القتالية، فإن ما حدث يؤشر على خلل أمني محيّر، إذ كيف يعقل أن يسمح بحدوث هجوم كهذا بعد مدة قصيرة من هجوم باردو؟ وكيف يمكن أن يتأخر التدخل الأمني كل هذا الوقت؟".
ونقلت رأي مالكة الفندق زهرة إدريس، النائبة عن الحزب الحاكم "نداء تونس"، التي قالت إن "الأمر لا يتعلق بفراغ أمني، إذ إن الرزقي كان يرتدي ملابس صيفية، ويحمل شمسية يخفي داخلها قطعة
السلاح، وبالتالي لم يكن مظهره مثيرا للشبهات".
ولكن الصحيفة أشارت إلى أن أفراد الأمن داخل الفندق "لم يكن لديهم أي سلاح، ولا حتى كلب مدرب"، مضيفة أنه "بعد لحظات من بدء المجزرة، وصل شرطيان إلى مكان الهجوم على متن زورق سريع، وبحسب رواية أحد الشهود التونسيين، فقد كان أحدهما مسلحا، ولكنهما شعرا بالخوف، وامتنعا عن مواجهة الرزقي، ما دفع بأحد عمال الفندق إلى أخذ السلاح منهما، ولكنه لم يعرف كيف يستعمله، وهو ما أكده بعض نزلاء الفندق الذين شاهدوا هذه الأحداث".
وأشارت الصحيفة إلى أن شريط الأحداث الذي بدأت تتكشف تفاصيله؛ وضع الأجهزة الأمنية في موقف محرج، "فقد عقد وزير الداخلية ناجم الغرسلي، المعروف بقربه من حزب نداء تونس، مؤتمرا صحفيا في مكان الحادثة، بحضور نظرائه الفرنسيين والألمان والبريطانيين، وأعلن عن إيقاف ثلاثة مشتبهين، للتحقيق في ضلوعهم في شبكة الإسناد التي شاركت بطريقة غير مباشرة في الهجوم".
ولكنها نقلت عن النائبة في حزب نداء تونس، بشرى بلحاج حميدة، قولها إن "هذه الخطوات غامضة ولا تكفي، ويجب الإعلان عن تعيينات جديدة في وزارة الداخلية".
وقالت الصحيفة إن وزير الداخلية حاول تبرير هذا الفشل بالحديث عن خلل بسيط في التنسيق بين أمن الفندق وبين قوات الشرطة، وأعلن أيضا أن هذا الهجوم كان مفاجئا، "كما أن سيف الدين الرزقي لم يكن موجودا ضمن لائحة العناصر المتشددة والخطيرة التي أعدتها وزارة الداخلية".
واستغربت من هذه التبريرات، على اعتبار أن أي مستعمل لشبكات التواصل الاجتماعي كان بإمكانه الولوج لحساب الرزقي على "فيسبوك"، وملاحظة أن هذا الشاب انتقل من حب الرقص وكرة القدم؛ إلى نشر شعارات التيارات المتشددة، حيث إنه كتب في حسابه: "إذا كان حب الجهاد جريمة؛ فليشهد العالم أني مجرم".