قال الكاتب
الإسرائيلي عوفره بانجو، إن خارطة القرن الحادي والعشرين تغيرت، وإن قوانين اللعبة في المنطقة تغيرت، وإن اللاعبين الأساسيين في المنطقة ليسوا دولا وإنما تنظيمات ومليشيات.
وفي مقاله المنشور في "مفترق الشرق الأوسط"، الأحد، قال بانجو: "قبل مئة عام تم تصميم خارطة الشرق الأوسط من قبل عناصر قوة خارجية، سواء بريطانيا أم فرنسا. أما اليوم فإن مصممي الخارطة الإقليمية هم لاعبون محليون".
وضرب الكاتب مثالا، الصراع بين الأكراد وبين
تنظيم الدولة، الذي اندلع علنا في صيف 2014، وهو مثال نموذجي لهذه التغيرات، وقال إن "هذين اللاعبين اللذين يصممان الخارطة السياسية اليوم، هما جهات ليست دولية، بل محلية، والاثنان يستندان إلى قوة عسكرية غير نظامية وستتحول إلى نظامية مع الوقت، والاثنان يمثلان تيارات تزعزع شرعية الدول القائمة".
وتابع: "في الجانب الكردي إنه التيار العرقي القومي وفي الطرف الآخر التيار الإسلامي السلفي، والتطورات في المناطق التي تسيطر عليها
كردستان في العراق وسوريا هي صورة في المرآة للتطورات لدى داعش، الذي تبنى لنفسه اسم الدولة الإسلامية في صيف 2014.. هذان اللاعبان يتغذيان على الشرخ الذي اجتاح دول الهلال الخصيب، والاثنان كفرا بالدولة حيث إنهما سيطرا على مناطق ساد فيها فراغ سياسي وأقاما فيها أنظمة سلطة خاصة بهما. والاثنان محوا الحدود بين سوريا والعراق، والاثنان يستندان إلى متطوعين من دول أجنبية والاثنان يستخدمان الإعلام الجديد من أجل تحقيق أهدافهما".
وأضاف: "في الماضي اعتبر الأكراد عنصر عدم استقرار على المستوى الإقليمي، واليوم يتميزون بالاعتدال وتقبل الآخر ويمتنعون عن الأعمال الانتقامية، مقارنة بتنظيم الدولة".
وفي الصراع في كل من سوريا والعراق، تحول الأكراد بحسب الكاتب إلى أشد الأعداء "بالذات على ضوء نجاح الأكراد بكبح تمدد الدولة الإسلامية في مناطقهم. هذا على العكس من الجيوش النظامية في سوريا والعراق التي هي غير قادرة على دحر داعش. وحقيقة أن الدولة الإسلامية حاربت بأكثر من جبهة في الوقت ذاته، سواء في سوريا أم في العراق، كانت قد أضعفت الضغط على الأكراد، ويحاول الأكراد رغم تهديد داعش الحفاظ على إنجازاتهم".
وتساءل الكاتب: "في ظروف كهذه، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل الدولة الإسلامية تساعد أو تؤخر القومية الكردية وسعيها إلى
الاستقلال؟".
وختم بأنه "هل يمكن أن تتغير أحداث مصر وتونس والعراق وسوريا وتقام هناك أنظمة مستقرة قادرة على الحكم؟ الخريطة الجيوسياسية متحركة اليوم. فهي موجودة في ذروة عملية معقدة وأحيانا مدمرة. ومع ذلك، فإن العمليات التي حدثت عميقة وقد اجتازت نقطة اللاعودة. سيكون من الصعب على العراق وسوريا العودة كدولتين كما كانتا في القرن العشرين. لهذا فإن تقسيم المناطق الكردية هو حقيقة واقعة، وسيستمر الأكراد في السير البطيء باتجاه الاستقلال في العراق والحكم الذاتي في سوريا".