نشرت صحيفة "ديلي صباح" التركية تقريرا للكاتب إيتيان ماكشوبيان، يقول فيه إن التأكيدات على أن العمليات الحدودية تضم قسمين، وأن كلا من
تنظيم الدولة في العراق والشام وحزب العمال الكردستاني "
بي كي كي" منظمتان إرهابيتان، ليست صحيحة.
ويقول الكاتب إنه "منذ البداية أعلنت الحكومة التركية أن تتظيم الدولة هو عدو. ومع ذلك كان هناك عنصران منعا حزب العدالة والتنمية من اتخاذ موقف واضح منه؛ الأول هو تشكيل محور ميال لتنظيم الدولة يربط متشددي وسط الأناضول المحافظين بالمتشددين السلفيين
الأكراد في جنوب شرق الأناضول. ولأن
تركيا هي مجتمع مفتوح، فلم يكن بالإمكان منع الظاهرة من النمو، من خلال استخدام سلطة الدولة وحدها، إن كانت في المجتمع شرائح أخرى تميل إلى التشدد، نتيجة لوجود رموزها الثقافية والاجتماعية، التي تلقى مصداقية خارج حدود البلاد".
ويضيف ماكشوبيان أن العنصر الثاني هو موقف الولايات المتحدة، التي كانت تريد من تركيا القيام بالعمل القذر نيابة عنها في سوريا. مشيرا إلى أنه لهذا السبب حاولت الحكومة إبعاد نفسها عن أحداث الشرق الأوسط، من خلال اشتراط العمل معا.
ويجد التقرير أن وصول تنظيم الدولة إلى وضعه الحالي قد غيّر الوضع، فقد مالت الولايات المتحدة إلى ناحية الموقف التركي، فيما اتخذت تركيا خطوة إلى الأمام كي تكون شريكا مؤثرا في التحالف ضد تنظيم الدولة.
وتستدرك الصحيفة بأن العملية ضد "بي كي كي" جاءت نتاج تحول مختلف، فرغم اعتباره رسميا منظمة إرهابية، إلا أنه جرى اعتباره محاورا محتملا للتعاون، فقد كان يؤمل بظهور فرصة اندماج بسبب جهود المصالحة، التي ستقوم على قاعدة مقبولة من خلال دستور ديمقراطي.
ويقول الكاتب: "علينا الملاحظة أن حزب العدالة والتنمية رغب منذ وصوله إلى السلطة بإقامة علاقات مع (بي كي كي)، وجرب منذ عام 2004، وبشكل مستمر، طرقا مختلفة. إلا أنه لم يتقدم ولا شبرا واحدا باتجاه عملية المصالحة، فقد حافظ على موقف متردد، واهتم أكثر بالفرص التي يمنحها الشرق الأوسط له. فانهيار الدولة المركزية في سوريا خلق فرصة أمام (بي كي كي) لكي ينشئ دولته الخاصة، ولن تكون هذه دولة كردية، بل دولة ينشئها (بي كي كي) له. ولهذا السبب فقط طغى على الأحزاب الكردية كلها في رجوفا، وأجبرها على الهروب إلى تركيا وشمال العراق، وقبل مدة طويلة من مجيء تنظيم الدولة".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن ابتعاد تركيا عن معادلة الشرق الأوسط أدى بالولايات المتحدة إلى استخدام هذا النظام القمعي وتجميله، لافتا إلى أن "بي كي كي" أصبح امتدادا للعالم الديمقراطي والعلماني والمتحضر، الذي يقاتل الإسلام الراديكالي.
وترى الصحيفة أنه في غضون ذلك، فإن حقيقة تبني الولايات المتحدة لـ"بي كي كي" بسبب عامل تنظيم الدولة، جعلت الأخير ينقل عالمه المتخيل إلى بعد لا يصدق، فقد اعتقد أنه يمكن تركيع تركيا. مشيرة إلى أن البعد الحرج لتحقيق هذا الأمر، هو إنهاء جهود المصالحة. ولهذا السبب تحول حزب الاتحاد الديمقراطي إلى نبرة معادية لحزب العدالة والتنمية، وأعلن أنه لن ينخرط في تعاون معه.
ويذكر ماكشوبيان أنه في الوقت ذاته بدأ "بي كي كي" باتخاذ خطوات لإنشاء دولة موازية تسيطر على النظام العام في جنوب شرق تركيا.
ويلفت التقرير إلى أن ابتزاز رجال الأعمال أثناء فترة الانتخابات أصبح ممنهجا، فيما فرضت غرامات على المحلات التي لم تحصل على رخصة، وتم حرق آلات المصانع. وأكثر من هذا، فقد حاول "بي كي كي" تحويل النظام القضائي، وإنشاء محاكم خاصة به. وتحملت الحكومة هذا كله؛ لأنها لم تكن ترغب بتعريض جهود المصالحة لنكسة، فقد حاول "بي كي كي" استخدام قوته من أجل عرقلة المصالحة.
وتبين الصحيفة أن التصريحات التي أطلقت بعد الانتخابات والمواقف التي تم تبنيها وعمليات القتل الأخيرة، جعلت استمرار التعاون مع "بي كي كي" كونه محاورا أمرا غير واقعي، بل لا أخلاقي.
ويؤكد الكاتب أن حزب العمال الكردستاني يمضي مرة أخرى باتجاه سياسة تهدف إلى التضحية من أجل العنف. موضحا أن هناك اليوم لعبة جديدة بعد اتفاق تركيا والولايات المتحدة.
وتخلص "ديلي صباح" إلى القول إن "الحياة تدعو (بي كي كي) لأن يكون واقعيا، ولو استطاع عمل هذا فإنه سيتصرف كونه ممثلا متواضعا على المسرح. وإن لم يفعل، فلن يمنع من تحول الأكراد إلى عبء عليه، وسيظل منظمة إرهابية".