على مساحة خضراء في موقع عسكري تابع لكتائب القسام، انتشر (800) فتى وشاب، بعضهم التحق بدورات الإسعاف الأولي والدفاع المدني، وآخرون أبدوا تحمسا لإبراز مهاراتهم في
الفنون القتالية، فيما أطرق ثلة منهم أسماعهم لاستقبال دروس ومواعظ دينية في اليوم التدريبي الخامس من مخيمات "
طلائع التحرير".
حاضنة للمقاومة
فتية وشباب تراوحت أعمارهم في هذا المخيم ما بين (15- 24) عاما، أرادوا أن يزكوا طاقاتهم بالعمل والتدريب ليكونوا قادرين على حمل الأمانة، في عيونهم ترى عزيمة لا تلين ترتقب ساعة التحرير، وعلى ألسنتهم لا تسمع إلا هتاف التوحيد، بينما تنشغل أعضاؤهم بالتدريب على فنون المواجهة العسكرية، يقولون في أحاديث منفصلة لـ"
عربي21": "لن نمل من التدريب، كي نتمكن من حمل راية التحرير والتمكين في المستقبل القريب".
وتهدف مخيمات الطلائع التي تعكف على تنفيذها كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس" في فترة الإجازة الصيفية بمختلف مناطق قطاع
غزة، إلى إيجاد بيئة "حاضنة للمقاومة" تعزز لدى الشباب الفلسطيني أن "المقاومة حق وتحرير الوطن واجب"، بحسب تأكيد أحد مدربي
كتائب القسام لـ"
عربي21".
وشهدت المخيمات إقبالا كبيرا، حيث قدر عدد الملتحقين بـ (25 ألفا)، وهذا يؤكد بحسب الفتية، أن
الدمار والمعاناة الكبيرة التي واجهها المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة جراء ثلاث حروب متتالية أتت على الأخضر واليابس، لم تفتر الهمة ولم تجزع أحدا منهم، بل كانت دافعا لسلوك طريق الجهاد والمقاومة.
أحمد النجار، ابن الـ16 ربيعا، التحق في العام الماضي بمخيمات "طلائع التحرير جدد هذا العام الالتحاق بها ليكتسب مزيدا من المهارات التي تؤهله للقيام بمسؤوليته أمام مجتمعه، وأوضح أن المخيم أضاف له الكثير من المهارات ليس في المجال العسكري فحسب بل في المجال الأمني والصحي وغذى لديه روح العمل ضمن الفريق الواحد، ومنحه الكثير من الهدوء النفسي نتيجة المحاضرات الدينية والسلوكية التي يتلقاها.
الفريق الواحد
أحمد لم يكن الوحيد من عائلته الذي التحق بالمخيم، فتبعه شقيقه حمزة هذا العام، بينما شقيقه الأصغر حسام يصر على اتباعهم، ويقول حسام بفخر وهو يرتدي بزته العسكرية: "سألتحق بالمخيمات حينما أكبر"، ويتابع أنه يراقب كافة التدريبات التي ينفذها الفتية في ساحة التدريب ومن ثم حين يعود للبيت يبدأ بتنفيذها مع إخوانه وسط سعادة وفخر والدهم.
ومنذ نعومة أظفاره يهوى الشاب نعيم البيوك (17 عاما)، الفنون القتالية والكشفية وطالما شارك في النشاطات المدرسية، يقول لـ"
عربي21": إنه "أراد أن يبني شخصيته ليكون قادرا على حمل أمانة الشهداء في تحرير كامل التراب الفلسطيني".
وينفي البيوك، أن تكون تلك المخيمات سببا في تغذية العنف في نفوسهم، مؤكدا أن الواقع الذي يعيش فيه المواطن الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال والذي يقاسي الحصار الإسرائيلي والدولي والعربي، يفرض على الطفل والشاب والكهل أن يبقى موصولا بوطنه ويسعى إلى تخليصه من هذا الحصار الظالم.
مسافة صفر
وأشار إلى جدية التدريبات ونفعها للأجيال في تكوين وعي لديهم، واستيعابهم في محاضن تربوية وجهادية مستمرة، لافتا إلى أن المخيم أضاف له المزيد من المهارات في فنون القتال والدفاع عن النفس، وإجراءات السلامة العامة.
فيما يبدو بلال الأسطل (16 عاما) أكثر حماسة للالتحاق بالتدريبات التي يقدمها المدربون القساميون، ويؤكد لـ"
عربي21" أن سبب التحاقه بالمخيم العسكري هو ما تحققه له من "بناء شخصية قوية تتغلب على مغريات الحياة".
ويرى أن تلك المخيمات هي "خطوة على طريق تأهيل جيل النصر والتحرير"، منوها إلى أن ما يميز المخيمات هذا العام هو الالتفاف الشعبي حول المقاومة التي تمكنت من تنفيذ عدد من العمليات النوعية من مسافة صفر، ولا يخفي بلال أمله الكبير في "استكمال مسيرة الشهداء".
ويشاركه الرأي إياد شراب (15عاما) والذي كان أكثر حرصا على عدم تفويت أي من المحاضرات في المخيم، مؤكدا أنها تعد الشاب إعدادا متكاملا ليبدأ أولى خطواته في حياته بثبات، وقال لـ "
عربي21": إن "المفاوضات العبثية لم تجد نفعا مع الاحتلال"، مشددا على أن "الحق الذي اخذ بالقوة لا يرد إلا بالمقاومة ومجابهة الأعداء عسكريا"، مطالبا "كتائب القسام" بتنظيم مخيمات "طلائع التحرير" في الضفة الغربية المحتلة لتمكين الكل الفلسطيني من الدفاع عن أرضه وحقه.
وانطلقت مخيمات "طلائع التحرير" السبت الماضي وتستمر مدة أسبوع كامل، حيث حددت الفئة العمرية المستهدفة ما بين (15-60) عاما.