ليست المرة الأولى التي ترتاد فيها زينة المطاعم الدمشقية، وتتفاجأ بضريبة مذيلة على فاتورة المطعم تحت بند "
إعادة الإعمار"، فبحسب زينة وهي من سكان مدينة دمشق فإن فاتورة المطعم الذي ارتادته في أحد أحياء دمشق كانت قد تعدت الـ4500 ليرة سورية ثمن وجبتي طعام فقط، وكانت الضريبة 10% من قيمة الفاتورة.
تضحك زينة قائلة في حديث خاص لـ"
عربي21": "
النظام السوري بده يحل أزمته الاقتصادية على حساب المواطن اللي أصلا عنده ستين أزمة اقتصادية!".
وكان النظام السوري أصدر عبر وزارته المالية قانونا يتضمن إضافة نسبة 5% على تحققات
الضرائب والرسوم باستثناء رواتب الموظفين. وكان القانون، بحسب مواقع إعلامية رسمية تابعة للنظام السوري، قد شمل ضرائب العقارات والرسوم المباشرة كضريبة دخل المهن والحرف التجارية والصناعية والعقارات والسيارات وحماية البيئة وحيازة الأسلحة.
وتعقيبا على الأخيرة، يعلق صفوان أحد الأهالي الدمشقيين بأن "لا أحد بات قادرا على أن يتفوه بكلمة حرية، وبات معرضا للتصفية في سجون ومعتقلات الأسد بفعل كلمة، فهل يجرؤ أحد هذه الأيام على حيازة سلاح إن لم يكن تابعا للنظام؟".
وأضاف في حديثه لـ"
عربي21" أنه "إن كان فرض ضريبة على من يحمل السلاح، فعلى من سيفرضها؟ على أتباعه من إيران أم من لبنانيي حزب الله أم من العراقيين وآخرين يدفع بهم الأسد في معركته ضد شعبه؟".
وفرضت شركات الاتصال "سيرياتيل" و"إم تي إن" التابعة لابن خال الأسد، رامي مخلوف، ضريبة إعادة إعمار على فواتير الاتصال التي ارتفعت بدورها إلى الضعف منذ بداية العام.
وتفاجأ أحد رواد مطعم دمشق القديمة بفاتورة تجاوزت الـ25000 ليرة سورية لثلاثة أشخاص، أي ما يعادل الـ90 دولارا، مع ضريبة "إعادة إعمار" أيضا، وباتت مثل هذه الأمور تثير سخط السوريين الذين يعيشون أيامهم مصارعين الغلاء واستعار الأسعار وقلة المورد والدعم لمن بات منهم عاطلاً عن العمل.
وقوبل قرار فرض ضريبة "إعادة إعمار" باستنكار واسع، سواء من المؤيدين أم المعارضين. فعلى أحد الصفحات المؤيدة تقول سارة: "ما حدا معو ياكل ليدفع ضريبة إعادة إعمار".. بينما تعلق ميسون باستنكار: "الحرامية عم يسرقوا بهالبلد، والمسؤولين عم يبلعوا، وولاد المسؤولين عم يكبوا مصاري، وبالأخير الضرائب بتاخدوها من رقبة الشعب الجوعان؟!".
ونشرت دراسات عديدة تابعة للأمم المتحدة واليونسكو عن حجم الدمار الهائل والأزمة الاقتصادية في
سوريا حيث تعدت خسائر الأسد الـ200 مليار دولار دون الأخذ بعين الاعتبار المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. ورجحت الأمم المتحدة أن تكون الخسائر إذا ما شملنا هذه المناطق المعارضة بين 700 و800 مليار دولار.
وذكرت "الإسكوا" في أحدث تقاريرها أن ما يقارب المليون ونصف المليون منزل باتت مدمرة في سوريا إضافة إلى دمار البنى التحتية كالمياه والكهرباء والصرف الصحي، يضاف إليها تدمير 70% من المرافق الحكومية بما فيها المستشفيات والمدارس، حيث دمرت 6000 مدرسة في سوريا، و200 مشفى، في حين تأثر بشكل مباشر من هذا الدمار ما يزيد على سبعة ملايين إنسان. وتصدرت مدينة حلب المدن السورية في الدمار، تلاها ريف دمشق، وحمص، وإدلب، ودرعا.
ولم تقتصر هذه الضرائب على النظام السوري في المناطق التي يسيطر عليها، فقد فرضت وحدات الحماية الكردية بحسب ناشطين في كوباني ضريبة "إعادة إعمار" أيضا تبلغ 5000 ليرة سورية على المحلات التجارية، ومنعت أهالي القاملشي من حصاد محاصيلهم الزراعية قبل دفع الضرائب، في محاولة منها لزج منكوبي المدينة بحرب أخرى، حرب مع الحياة!
وفي الوقت الذي يسعى فيه النظام السوري جاهدا لاستحداث ضرائب من كتف الشعب، فإنه يسعى لتشريد آخرين عبر إنذارهم بإخلاء بيوتهم بحجة التنظيم العمراني للمدينة، كما حدث مع أهالي المزة التي طرد منها 300 عائلة بعد تلقيها إنذارات بإخلاء بيوتها والبدء بعمليات التنظيم التي من المرجح أن تكون استثمارات إيرانية، بعدما سبقها بيع عشرات البيوت في مناطق العدوي والمزرعة والمزة لأسر وعائلات إيرانية.
هذه الضرائب التي فرضها النظام السوري، فرضت معها حالة من الفوضى ومحاولات أخرى، إذ إنه لا يلتزم أغلب مالكي هذه المطاعم وغيرها بقيمة الضريبة. وتؤكد الكثير من الروايات أن الضريبة ليست 5% بل تتعدى الـ10% في أكثر الأحوال، ولربما باتت المطاعم رفاهية أمام الموت جوعا في أزقة دمشق وريفها.
ولم تعد الضرائب حكرا على طاولات المطاعم وأمام أزقة المقاهي، بل امتدت إلى كل من يملك مولدا كهربائيا لتفرض عليه ضريبة "رفاهية"، كما حدث مع أحد أصحاب المحلات التجارية في سوق الشعلان في قلب العاصمة دمشق، الذي فوجئ بضريبة "رفاهية" لتشغيله المولد الكهربائي في وقت الذروة ما اعتبره النظام ضربا من الرفاهية.
وكانت تصريحات أخيرة لوزارة المالية السورية قد أعلنت أنها تسعى لفرض ضريبة "إنفاق استهلاكي" جديدة أو ما أسمته "ضريبة رفاهية"، والتي قد تبلغ 15% من قيمة كل منتج مدرج ضمن قائمة الرفاهية حتى باتت هذه الرفاهيات تشمل أساسيات الحياة اليومية لدى السوريين.