تسعى دولة
الإمارات إلى توسيع خارطة نفوذها في
اليمن، بعدما باتت واحدة من أهم القوى المؤثرة في الساحة السياسية العربية والإقليمية، بفضل حضورها القوي الذي لعبته في العمليات العسكرية التي يشنها التحالف العربي ضد الحوثيين المدعومين من إيران وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
ويرى متابعون للشأن اليمني أن الدور المتصاعد لـ"أبو ظبي" في الأزمة اليمنية يُجسّد ارتفاع سقف طموحاتها، "لدرجة أن لعابها قد يسيّل لتقاسم النفوذ مع
السعودية التي تعد جارتها الجنوبية" عمقا استراتيجيا، لا يشاركها فيه أحد، منذ تأسيس مملكة آل سعود، وهو الأمر الذي استبعده سياسيون يمنيون على المدى المنظور.
دور سياسي هدفه اقتصادي
من جانبه، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الحديدة، نبيل الشرجبي، إنه "ليس بمقدور أي دولة خليجية انتهاج سياسة لا ترضى أو لا تحظى بموافقة السعودية"، وهذه ثوابت معروفة في السياسة الخارجية لدول
الخليج العربي، فعندما يتخذ النظام السعودي موقفا ما، فإن "هناك شبه التزام خليجي -غالبا- بمنحه الأولوية على أي مواقف أخرى".
واستبعد الشرجبي في حديث خاص لـ"
عربي21" أي "تنافس أو خطر من قبل الإمارات على مصالح النظام السعودي في اليمن".
وأوضح الشرجبي أن "تزايد مساحات الدور الإماراتي، ناتج عن إشكاليات عدة، تتموضع على صراع داخل الدائرة الخليجية بشأن الملف اليمني"، أبرزها "التحفظ القوي من المملكة السعودية حيال الدور القطري المتمسك بضرورة المشاركة في إدارة ملف اليمن مع المملكة، وعدم تسلمها له كاملا"، الأمر الذي دفع بالأمور نحو تسليم ملف الصراع اليمني إلى الإمارات، وفق رؤية خليجية متفق عليها"، على حد قوله.
وأشار المتحدث إلى أن "النظام الإماراتي يمكنه أن يلعب دورا مهما في تسوية الاستحقاقات المتوقع أن تتمخض عنها التسوية النهائية المتعلقة بمخلوع اليمن علي عبد الله صالح، وذلك بهدف الاستفادة من حجم ثروته الضخمة، وتشغيلها لديها"، مبينا أن "هذا التوجه ينطلق من موقفها المعادي للإخوان المسلمين في البلاد". وفق تعبيره
وتوقع أستاذ العلاقات الدولية أن "تحقق دولة الإمارات مكاسب اقتصادية ضخمة، عبر الإشراف على كثير من مصالح اليمن الاقتصادية، خصوصا الموانئ، والثروة السمكية، وجزيرة سقطرى"، وغيرها من المشاريع ذوات العائد المادي الكبير.
تشكيك بنوايا الإمارات
من جهته، يعتقد نائب رئيس تحرير صحيفة "المصدر" اليمنية علي الفقيه أن "الإمارات العربية المتحدة، تقوم بدورها ضمن التحالف العربي، الذي تشكل منذ الوهلة الأولى وفق أهداف معلنة ومعروفة للجميع".
وقال الفقيه لـ"
عربي21" إن "بروز دورها القوي في اليمن لا يجعل هذا الأمر دافعا للتشكيك في نوايا الإمارات، انطلاقا من الآمال المعلّقة على التحالف باستعادة الدولة التي استولت عليها المليشيات، وتمكين الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته الشرعية من العودة إلى عاصمة البلاد".
واستبعد الفقيه "حدوث تنازع بين الرياض وأبو ظبي"، لأنه ليس من مصلحة الأخيرة منازعة الأولى في النفوذ، بل تكمن مصلحتها بـ"إقامة شراكة فاعلة مع يمن مستقر وآمن، يضمن الشراكة للجميع، دون تقاطع مصالح أو تنازع على النفوذ"، على حد قوله.
وفسر المتحدث ذلك بأن "وضع المنطقة العربية لا يسمح بالعودة إلى مربع النزاع والتقاطعات التي أضعفتها ومكنت خصومها -وفي مقدمتهم إيران- من التغلغل في عمق الجغرافيا العربي وتهديد أمنها واستقرارها".
التنازع وارد
في المقابل، يرى الباحث السياسي في "مركز نشوان الحميري للدراسات" رياض الأحمدي أن "الرياض قادرة على خلط أوراق أي طرف يحاول منازعتها النفوذ، لكن الأزمة برمتها قد تحول البلاد إلى ساحة صراعات بالوكالة تطيل أمد الحرب".
وقال الأحمدي لـ"
عربي21": "يبدو أن حدود التدخل، ومواصلة العمليات العسكرية، محل خلاف بين السعودية والإمارات، فالأولى "أولوياتها في المناطق الحدودية"، بينما الأخيرة ترى "أولوية الحل السياسي بعد تحرير جنوب اليمن"، أو هكذا أظهرت بعض المؤشرات".
ولمّح الأحمدي إلى وجود تنازع غير ظاهر، مشيرا بالقول: "ليس هناك تنازع واضح"، فاختيار الإمارات في صدارة التدخل البري في عدن ومحافظات أخرى، يأتي في إطار توزيع الأدوار بين المملكة وحلفائها، ولأسباب تجعل الأخيرة تحاول الابتعاد عن الواجهة، لتجنب حساسية ذلك، كونها دولة مجاورة، وكذا حتى لا تكون مسؤولا مباشرا عن بعض التبعات في حال تعقد الوضع في البلاد، وفق قوله.
وتوقع الباحث في مركز نشوان للدراسات أن يبدأ التنازع أو تتدخل الإشكالات بينها، فيما بعد التدخل، وفقا لأولويات كل طرف ومواقفه تجاه الأطراف الداخلية اليمنية"؛ إذ إن الإمارات حذرة جدا، من التيارات الإسلامية السياسية، وعلى العكس السعودية، فتبدو منفتحة على التيارات المختلفة، وتسعى لإنجاز نصر حاسم على الحوثيين، قبل أن تبدأ فرز القوى المنتصرة.