تعددت فصول معاناة سكان محافظة
تعز (جنوب
اليمن)، ما بين القصف، والحصار، وحمى الضنك، معاناة أسبابها معروفة؛ رفضها لسيطرة مسلحي جماعة "أنصار الله" القادمين من شمال الشمال، تساندهم قوات الرئيس المخلوع
علي عبد الله صالح.
وتتعرض أحياء وقرى تعز إلى ما يشبه الإبادة، إذ تتعمد قوات الحوثي وصالح قصفها بالصواريخ والدبابات ومدافع الهاوزر، وسط غياب الصوت الحقوقي المناهض لها، والتي أدت إلى سقوط عشرات النساء والأطفال.
صوت حقوقي خافت
ويقول الناشط الحقوقي عبد الرحمن برمان، إن هناك صمت مخزي، ومحير للغاية، من قبل المنظمات الحقوقية في الداخل والخارج، خصوصا هيئات منظمة الأمم المتحدة، إزاء المجازر التي ترتكبها مليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح المتواصلة بحق المدنيين في مدينة تعز.
وعزا في حديث خاص لـ"
عربي 21" تلاشي الدور الحقوقي وخفوت صوته في اليمن، إلى عوامل عدة منها "توقف الدعم المالي لعدد من المنظمات التي اعتمدت نشاطاتها على الأرباح المالية التي تجنيها مقابل التقارير الراصدة لجرائم حقوق الإنسان".
وتابع أن منظمات فاعلة بمناهضة انتهاكات حقوق الإنسان، استولى عليها
الحوثيون"، كما تسبب عمليات القمع التي طالت عددا من العاملين في هذا المجال، في مغاردتهم إلى خارج البلاد، ولذلك نجد غياب الصوت الحقوقي لما يحدث من مجازر في مدينة تعز.
وبحسب برمان فإن الأمر الأكثر إيلاما، هو "وجود منظمات حقوقية تناصر عداون الحوثي وجرائمه، بل تبرر له ما يقوم به في تعز، وغيرها من المدن بذريعة ملاحقة ما يصفه الحوثيون بالدواعش والتكفيريين"، في إشارة إلى
المقاومة الشعبية.
وأشار الناشط برمان إلى أن "إدانات المنظمات الدولية خجولة، ولا ترقى إلى مستوى الجريمة الإنسانية التي طالت المدنيين العزل في تعز، بل أحيانا ساوت ـ تلك المنظمات ـ بين الضحية والجلاد، بينما من يمارس عملية القتل والتدمير بإجماع أبناء محافظة تعز هم أتباع الحوثي وحلفائه من قوات صالح".
الضنك تفتك بأبناء تعز
وفاقمت الحرب التي تشهدها مدينة تعز منذ أشهر، الوضع الصحي إلى درجة كبيرة، إذ انتشر وباء حمى الضنك على نطاق واسع في المدينة، وبعض القرى المجاورة، وسط عجز المستشفيات والمراكز الصحية في المحافظة، عن استيعاب حالات جديدة مصابة بهذا المرض، فضلا عن الاستهداف التي طال عددا من المراكز الطبية من قبل الحوثيين وحلفائهم أبرزها مستشفى الثورة والجمهوري (هيئات حكومية).
وقدر تقرير طبي رسمي، حالات الإصابة بحمى الضنك، بنحو 10 آلاف خلال ثلاثة أشهر.
يأتي هذا في ظل تردي الأوضاع المعيشية في المدينة التي شهدت نزوح مئات الآلاف من السكان إلى خارجها، نتيجة الحصار الذي يفرضه الحوثيون وقوات صالح عليها، منذ بدأت المعارك قبل أربعة أشهر.
وتسبب الحصار في حرمان معظم السكان من الحصول على الخدمات الصحية في ظل انتشار القمامة وغياب وسائل النظافة والمياه الراكدة والمستنقعات، واستعمال المياه غير النظيفة، ما أدى إلى تكاثر البعوض الناقل لحمى الضنك والأمراض الأخرى المنتشرة حاليا في المدينة.
وأعلنت الحكومة اليمنية، في آب/ أغسطس الماضي، تعز مدينة منكوبة، بعد ارتفاع حالات القتلى من المدنيين وقصف الحوثيين لها بصواريخ الكاتيوشا والحصار المفروض على المدينة من كل الجهات.
ظروف المعركة تحدد ساعة الحسم
وقال الناطق الرسمي باسم المقاومة الشعبية رشاد الشرعبي، إن "الحوثيين والقوات الموالية لهم، تغطي على حالة التقهقر والانهيار في صفوفها، بقصف جنوني وانتقامي على القرى والأحياء السكنية في تعز".
مضيفا أنهم "قاموا بزراعة عدد من الألغام في عدد من المناطق التي يشعرون أنها ستخرج عن سيطرتهم، بالإضافة إلى تشديد الحصار على المدينة، وحرمان أهلها من المواد الغذائية والطبية".
وأوضح الشرعبي في حديث خاص لـ"
عربي 21" أن ساعة الحسم في تعز، تحدده ظروف المعركة وإمكانيات مقاتلي المقاومة وقوات الجيش الوطني الموالي للشرعية الحربية، وعلى مدى تزويدها من التحالف؛ بما يكفي من السلاح النوعي والذخائر لمواجهة مليشيات نهبت سلاح الدولة"، وفق تعبيره.
ويعيش سكان مدينة تعز، مرحلة عصيبة بسبب القصف العشوائي والدمار الذي تتعرض له المدينة من قبل الحوثي والقوات المتحالفة معهم، منذ اندلاع المواجهات مع المقاومة الشعبية المناهضة لهم، في نيسان/ أبريل الماضي.