كشف البروفيسور
حاكم المطيري، الأمين العام لحزب "الأمة" الكويتي، عن دور ما أسماه "التنظيم السري" داخل حزب
البعث في إنشاء
تنظيم الدولة عام 2006 بالعراق.
يشار إلى أن حاكم المطيري "سبح عكس التيار" في الكويت إبان إعلان الغزو الأمريكي على العراق عام 2003، ولقي انتقادات واسعة من موقفه المعارض لأي تدخل أمريكي في العراق.
بالإضافة إلى إصداره فتوى أعلن فيها "بطلان اشتراط الإمام لصحة الجهاد"، في إشارة إلى دعوته للنفير إلى العراق لصد غزو الجيش الأمريكي.
وقال المطيري في سلسلة تغريدات مطولة: "أخذت المقاومة العراقية تزداد قوة وضراوة، وبلغت أوجها سنة 2006 - 2007م، وأدهشت العالم ببطولاتها في مواجهة أشرس الحملات الاستعمارية الصليبية، حيث استطاعت المقاومة العراقية، الجيش الإسلامي، جيش المجاهدين، أنصار السنة، كتائب ثورة العشرين، أنصار الإسلام، القاعدة وغيرها، هزيمة الاحتلال عسكريا".
وتابع: "شاركت العشائر والمحافظات السنية في العبء الأكبر بمقاومة الاحتلال، وصار الإعلام يتحدث عن مثلث الموت للجيش الأمريكي، وكان الجيش العراقي مشاركا رئيسا في مقاومة المحتل، وكان النظام السابق للدولة العراقية قد عاد للعمل كتنظيم سري يقود قطاعا واسعا من أجهزته".
وحول دور النظام السوري في تلك الفترة، قال المطيري: "كان للنظام السوري ولحزب البعث القومي دور رئيس في دعم المقاومة العراقية، وكانت استخباراته تسهل دخول المجاهدين باختلاف تياراتهم إلى العراق، وأدى التنسيق بين استخبارات النظامين السوري والعراقي قبيل الاحتلال وبعده إلى التعاون مع الفصائل الجهادية، ما سهل احتواء بعضها وتوظيفه لاحقا".
وبين حاكم المطيري أن العراقيين كانوا يستقبلون "المجاهدين العرب ومجاهدي القاعدة في بيوتهم، ويوفرون لهم كل أشكال الدعم اللوجستي لمقاومة الاحتلال الأمريكي في العراق، حيث بلغت المقاومة أوج قوتها في 2006م، وتجاوزت خسائر الجيش الأمريكي خسائره في حرب فيتنام، واعترف بوش بالهزيمة".
وقال الدكتور المطيري إنه وبعد تشكيل المقاومة مجلسا سياسيا عقب رغبة الاحتلال الأمريكي بالتفاوض، "رأى التنظيم السري بأنه وريث الدولة العراقية، ولا شرعية لغيره ليتفاوض".
وأضاف: "كان الرأي العام السني في العراق مع المقاومة، وفي الوقت ذاته يرفض عودة النظام السابق لحكم العراق بعد تحريره، ويحملونه مسؤولية ما جرى لهم".
المفاجأة في تغريدات المطيري كانت حينما غرّد قائلا: "وجد التنظيم السري أنه يخوض حربا دون حاضنة شعبية، فقرر تشكيل جناحين جهاديين يعوضانه فقد الحاضنة السنية التي كانت تقف مع الفصائل الإسلامية، حيث أسس التنظيم السري جيش الطريقة النقشبندية لتمثيل الصوفية، وتنظيم الدولة لاستقطاب السلفية الجهادية، وبدأ التنظيمان عملياتهما مطلع 2007".
واستدل المطيري على صحة المعلومات التي أوردها عن "بعثية دولة العراق الإسلامية"، بالرسالة التي أصدرها مفتي التنظيم حينها "
أبو سليمان العتيبي"، عن وجود فساد كبير في صفوف "دولة العراق"، بالإضافة إلى أن "إعلان الدولة لم يتم كما زعمت دولة العراق الإسلامية أن مجلس شورى المجاهدين وتنظيم القاعدة أعطوهم البيعة، بل من أعطاهم البيعة هم رؤوس فصائل لم يحملوا السلاح من قبل، واشترطوا استلامهم مناصب حين إعلان الدولة المرتقبة".
وتابع المطيري: "اعتبر التنظيم السري جميع فصائل المقاومة التي كانت ترفض الاعتراف به ممثلا للشرعية في العراق خائنة لنضاله وعميلة للاحتلال، وقرر تصفيتها".
وبحسب المطيري، فإنه بعد محاصرة الأنظمة العربية للأموال الذاهبة إلى المقاومة العراقية، واعتقال آلاف الشبان المؤيدين لـ"الجهاد"، "بدأت أمريكا وحكومة الاحتلال الطائفية تدير الحرب في العراق على أساس أنها حرب مع الإرهاب، فأسست في 2007 الصحوات؛ لضرب حاضنة المقاومة السنية"، وفق قوله.
وأضاف: "أججت أمريكا الصراع الطائفي في العراق، فوقع تفجير مسجد سامراء بعملية غامضة 2007؛ لتحويل حربها مع المقاومة في العراق إلى حرب أهلية طائفية، وتبعها تنظيم الدولة بشنه حربا في مناطق السنة، فبدأ بمواجهة كل فصائل المقاومة فصيلا فصيلا، وكانت التهمة هي الردة والصحوات!".
وقال المطيري إن "هذا الصراع في مناطق الحاضنة السنية أدى لإنهاك المقاومة العراقية، وتم حصارها إقليميا والفتك بها داخليا عبر بلاك ووتر والصحوات وتنظيم الدولة".
وأكد المطيري أن دور "التنظيم السري" ظل مستمرا، مضيفا: "لم يتوقف التنظيم السري من خلال تنظيم الدولة عن تصفية الساحة السنية من أي فصيل منافس، وكانت آخر المواجهات مع جماعة أنصار الإسلام سنة 2013".
وكشف المطيري عن مفاجأة جديدة بقوله إنه و"في عام 2012، طلبت الكثير من الفصائل العراقية من (مؤتمر الأمة) -يتزعمه المطيري نفسه- رعاية اجتماعاتها لتشكيل جبهة مقاومة تضم كل الفصائل أو أكثرها".
وتابع: "حضر عدة مرات على هامش لقاءات قوى المقاومة العراقية ممثلون عن التنظيم السري وعن تنظيم الدولة؛ للدخول في الجبهة حال الاتفاق على رؤية مشتركة، وكان التطابق في وجهة نظر التنظيم السري وتنظيم الدولة حين الاستماع لهما في اللقاءات الجانبية يؤكد أنهما وجهان لعملة واحدة (قومي/ جهادي)".
وأضاف: "كان وصف الصحوات يطلق على من قاتل بصف حكومة الاحتلال، فصار التنظيم السري وتنظيم الدولة يطلقانه على المقاومة التي هزمت الاحتلال الأمريكي!".
وأردف المطيري قائلا: "كان اللافت للنظر هو وقوف التنظيم السري ضد جميع فصائل المقاومة، ما عدا جيش النقشبندية وحزب البعث وتنظيم الدولة، بدعوى أنهم مجاهدون مخلصون".
وواصل الدكتور حاكم المطيري مفاجآته بالقول: "ظهر جليا بأن التنظيم القومي هو القيادة العليا لكل هذه الأطراف الثلاثة، وأنها تتبادل الأدوار فيما بينها في لقاءاتها مع (مؤتمر الأمة) وغيره".
وأكمل: "أدرك التنظيم السري وتنظيم الدولة أن نتائج اجتماعات المقاومة تتعارض مع توجهاتهم، فبدأت حربهم الإعلامية ضد (مؤتمر الأمة) بدعوى دعم الصحوات! كما يرفض التنظيم السري أن يتعامل أحد مع ملف العراق إلا من خلاله كممثل للشرعية، عادّا معارضيه صحوات إلا تنظيم الدولة وحزب البعث وجيش النقشبندية".
وبحسب حاكم المطيري، فإن التنظيم السري كان يتحفظ على وقوف "مؤتمر الأمة" مع الشعب السوري وثورته؛ لأنه يعدها مؤامرة أمريكية، وحاول إقناعنا بوجهة نظره من خلال ممثليه، في إشارة إلى تنظيم الدولة.
ونّوه إلى أن "التنظيم السري وأجنحته، كحزب البعث وتنظيم الدولة وجيش النقشبندية، لا يؤمنون بالثورة العربية، ولا بحق الأمة في اختيار حكوماتها، وكان هدفهم الرئيس هو العودة إلى حكم العراق من جديد من خلال استخدام شعارات جهادية لتحقيق أهدافهم القومية".
كما قال المطيري إن تنظيم الدولة تعهد للفصائل بعدم إرباك الساحة السنية في العراق إذا حدثت ثورة سلمية، وعدم التدخل إلا وفق تفاهم مع كل قوى الثورة".
وأضاف: "بالفعل، بدأت الثورة الشعبية السلمية في العراق، فالتزم تنظيم الدولة في بدايتها بتعهده، وشارك في حماية بعض ساحات الاعتصامات، إلا أن التنظيم السري -وهو القيادة العليا كوريث شرعي للدولة العراقية السابقة- له حساباته الإقليمية بما يتناقض دائما مع ممارسات تنظيم الدولة كفصيل جهادي".
مفاجآت المطيري تواصلت، حيث غرّد: "كان السبب في تراجع الثورة العراقية هو اتفاق دمشق أواخر 2012 بين التنظيم السري في العراق ونظام بشار وحزب الدعوة في بغداد؛ لمواجهة الثورة"، قائلا إن تنظيم الدولة أحدث إرباكا في صفوف المظاهرات السلمية أدت لفشلها.
المطيري بيّن أن حزب الدعوة الشيعي، والتنظيم السري -الذي يتفرع عنه تنظيم الدولة- اتفقا على ضرورة حماية نظام بشار، كونهما يعدّان بقاء نظامه في
سوريا صمام أمان لمشروعهما ووجودهما في العراق، وحظي الاتفاق بمباركة إيرانية.
وتابع: "توصل بشار والتنظيم وحزب الدعوة إلى تهدئة الصراع في العراق والعمل المشترك في سوريا لمواجهة الثورة؛ بدعوى أنها مؤامرة أمريكية تركية على العرب، كما تعهد حزب الدعوة الشيعي بإطلاق سراح سجناء التنظيم القومي السري في العراق من ضباط الجيش السابق ليخرجوا إلى سوريا؛ للقيام بدورهم هناك، بالإضافة إلى تراجعه عن قانون (اجتثاث البعث)".
وأضاف: "هدد بشار العالم بعودة الإرهاب، فاختفى الشبيحة، وظهرت داعش؛ لتمارس الإرهاب لضرب الثورة في سوريا والعراق، ومنذ إعلان دولة العراق والشام والساحة السورية تعيش هوسا وجنونا وإثارة إعلامية عالمية لا علاقة لها بالإسلام ولا بالجهاد ولا بالثورة!".
وقال المطيري إن ما قام به تنظيم الدولة في سوريا والعراق من "تهجير الأقليات، وتفجير المساجد، والكنائس، وسبي النساء، جاء بهدف إثارة العالم على الثورة وفق سياسة ممنهجة رسمها التنظيم السري القومي".
كما شكّك المطيري باقتحام التنظيم لسجني "أبو غريب" و "التاجي"، وتحريره للأسرى المتواجدين فيهما، مغردا: "بدأ مسلسل اقتحام سجون العراق وهروب السجناء إلى سوريا، وصرح مسؤولون بأنه بتوجيهات عليا!".
وأكمل: "لم يهرب من قيادات فصائل المقاومة في سجون العراق أحد، وكان أكثر من تم تهريبهم أعضاء تنظيم الدولة وفق اتفاق دمشق بين الدعوة والتنظيم، وبدلا من العمل داخل العراق الذي كان شعبه في أشد الحاجة لكل جهد لتحريره، توجه الهاربون من السجون إلى سوريا لقتال الفصائل السورية!".
وتابع: "عمل التنظيم السري على استعادة مناطق الثورة المحررة في سوريا، بالتنسيق مع نظام بشار وفق اتفاق دمشق باسم دولة العراق والشام؛ لضرب الثورة، وضرب تركيا السنية المساندة للثورة، فيما بقي محافظا على أمن إيران!".
وشدّد الدكتور حاكم المطيري على ضرورة الاطلاع على وثائق "حجي بكر"، أحد قياديي تنظيم الدولة، قائلا إنه رسم السياسة التنظيمية لـ"الدولة"، من غير تعارض مع "التنظيم السري" (
هنا).
ونقل المطيري رسالة أيمن الظواهري المسربة مؤخرا، التي بين فيها تفاجئه من إعلان تمدد "الدولة الإسلامية إلى الشام"، وأضاف: "اخترق التنظيم السري فرع القاعدة في العراق، واحتواه، كما فعل بالأحزاب الشيوعية التي اخترقها واختطف اشتراكيتها الثورية لصالح مشروعه القومي".
وعن أسباب الاقتتال الذي حصل بين تنظيم الدولة، وتنظيم "جبهة النصرة"، قال المطيري: "حدث الصراع بعد اتفاق دمشق بين بشار وحزب الدعوة والتنظيم السري للدولة العراقية الذي قرر حماية نظام بشار".
وتابع: "في الوقت الذي وقفت جبهة النصرة وقيادتها مع الشعب السوري وثورته، كان تنظيم الدولة ينفذ سياسة التنظيم السري القومي الذي يقف مع نظام بشار".
وفي رسالة إلى الفصائل السورية، قال المطيري: "خفي على الفصائل السورية سر تكرر هجوم قوات بشار وتنظيم الدولة عليها، واعتبرته غلوا وتطرفا، ولم تدرك أنه تنسيق بين التنظيم السري ونظام بشار".
وواصل عتابه على الفصائل، مغردا: "كانت استراتيجية التنظيم السري القومي تقوم أولا على منع سقوط نظام بشار وحماية دمشق، وثانيا استعادة مناطق الثورة المحررة في سوريا، وخطأ فصائل الثورة هو تفسير ظاهرة داعش على أنها جماعة جهادية متطرفة، لا أنها اختراق للثورة باسم الجهاد من قبل التنظيم السري القومي".
وختم المطيري سلسلة تغريداته قائلا إن "ما يريده التنظيم السري القومي ليستعيد حكم العراق وسوريا هو البيعة بلا انتخابات، والحكم الشمولي بلا تعددية، والتصفية للخصوم بذريعة الردة، وما كان يمارسه في العراق وسوريا منذ 50 سنة من تصفية لخصومه وقتل جماعي دموي لمعارضيه بات يمارسه عبر داعش باسم الجهاد".
يشار إلى أن الدكتور حاكم المطيري أعلن نيته استكمال سلسلة تغريداته مساء الثلاثاء، حيث قال إنه سيتحدث عن "تأهيل داعش لمواجهة الثورة العربية".