تعهد ناشطون وحقوقيون وفعاليات مختلفة من أبناء مدينة
الحسكة بشكل خاص، ومن السوريين بشكل عام، بأن يسعوا لمحاكمة "المجرمين" من وحدات الحماية الكردية، الجناح العسكري لحزب
الاتحاد الديمقراطي، الذين اتهموا بارتكاب مجازر وانتهاكات بحق أبناء المدينة وريفها.
وتأتي المطالبات بالمحاكمة في الذكرى الأولى لـ"مجازر" تتهم الوحدات الكردية بارتكابها في ريف مدينة القامشلي، وراح ضحيتها 35 مدنيا، كما يقول أصحاب الدعوة.
وجاء ذلك في عريضة مفتوحة أطلقها ناشطون قبل يومين من ذكرى "المجزرة"، واحتجاجا على استمرار ما أسموها "انتهاكات" الوحدات الكردية بحق أبناء المدينة من العرب والتركمان، إلى جانب حرق البيوت ومصادرة الأملاك، ما تسبب بهجرة نسبة كبيرة منهم.
وقال الباحث مهند الكاطع، أحد القائمين على الحملة، في تصريح خاص لـ"عربي21": "المجزرة التي ارتكبتها قوات الحماية الكردية في مثل هذا اليوم (13 أيلول/ سبتمبر) من العام 2014، تعدّ من أفظع الجرائم التي حدثت في محافظة الحسكة"، حسب قوله.
وأضاف الكاطع أن "المستهدفين كانوا من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، من عوائل من عشيرة "البني سبعة" العربية، الذين يقطنون في قرى تل خليل، والحاجية، والمتينية، الواقعة إلى الجنوب من مدينة القامشلي بنحو 18 كيلومترا".
وبحسب الكاطع، فقد "راح ضحية هذه المجزرة 35 مدنيا، بينهم سبعة أطفال و ثلاث نساء (..) بينهن أم وأطفالها الستة من عائلة خيري العباس، وتضمنت الجد والأب والأحفاد (13 شخصا)".
وأضاف: "تأتي ذكرى هذه المجزرة بعد تسعة أيام فقط على الذكرى الأولى أيضا لقيام المليشيات الكردية بإحراق 13 قرية عربية، في منطقة جنوب وادي الردّ في ريف مدينة القامشلي".
لكن الكاطع عاد ليؤكد أن "من قام بذلك هي الميليشات الكردية، وليس الأخوة
الأكراد الذين تضرروا بنسبة أقل من العرب من ممارسات هذه المليشيات"، حسب قوله.
وجاء في العريضة التي حصلت "عربي 21" على نسخة منها، التي وصل عدد الموقعين عليها إلى أكثر من 300 شخص حتى صباح الأحد: "إن تلك الجريمة وما سبقها كانت هي باكورة جرائم عصابات الـpyd (حزب الاتحاد الديمقراطي) في محافظة الحسكة، والتي راحت في كل يوم تتسع المناطق التي ترتكب فيها، حتى وصلت في هذا العام إلى جبل عبد العزيز وريف الحسكة الغربي، وتجاوزتها إلى أن وصلت محافظة الرقة عبر ارتكاب جرائم قتل وإحراق للمنازل والقرى وتهجير سكانها منها"، حسب نص البيان.
وختم البيان: "إننا في الذكرى السنوية الأولى للمجزرة، نعاهد الشهداء وذويهم بأننا سنعمل كل ما نستطيع لتقديم المجرمين والقتلة كافة إلى محاكم عادلة نتطلع لقيامها في
سوريا، الدولة المدنية التعددية الديمقراطية التي يسودها العدل ويحكمها القانون".
ولفت الكاطع إلى أن هذه "المجزرة" جاءت في وقت لم تشهد فيه المنطقة أية اشتباكات أو إطلاق نار في القرية، "وهذا ما يؤكد كذب روايات الوحدات الكردية وتذرعها بمكافحة الإرهاب، وكذلك فيما لو نظرنا إلى أعمار الضحايا ووجود نساء وأطفال وعائلات كاملة، وكذلك طريقة تصفيتهم بطريقة جماعية"، حسب تعبيره.
وفي السياق، أصدر التجمع الوطني للشباب العربي (تجمع للشباب العرب في الجزيرة)، بيان إدانة لـ"المجزرة" في الذكرى الأولى لها.
وجاء في البيان: "عام آخر مر بكل قسوة بالسوريين على يد النظام والعصابات المتحالفة معه، وخصوصا الـ(pyd)".
وقال البيان: "نهيب بالمنظمات الحقوقية والإنسانية والإعلامية العربية والعالمية، والقوى السياسية، والمثقفين، والفاعلين اجتماعيا، العمل على فضح الممارسات التشبيحية والانتهاكات الجائرة من العصابات على اختلاف تسمياتها وتوجهاتها؛ لأنها في النهاية تصب في خدمة النظام وآلته القاتلة وفي زيادة الشروخ بين أبناء البلد الواحد، ونؤكد ضرورة تحمل مسؤولياتها تجاه ما يحدث ولمنع تكراره"، وفق ما جاء في البيان.
وحول السبب الذي جعل الوحدات الكردية تقوم بمثل هذه المجازر، قال مهند الكاطع: "لا أعرف لماذا تقوم الوحدات بهذه المجزرة، ربما بدفع من النظام لكي لا يجد العرب من خيار سوى النظام ويلتجئون إليه"، حسب تقديره.
ويستدرك الكاضع قائلا: "لكن مثل هذه الخطط فشلت مع مناطق جنوب الرد. ومن وجهة نظري فإن بعض العمليات المماثلة أخذت طابعا انتقاميا لخسائر منيت بها قوات حماية الشعب في تل حميس وتل براك، وفقدت الكثير من عناصرها جراء اشتباكات مع تنظيم الدولة".
يشار إلى أن "
وحدات حماية الشعب" التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الذي أعلن عن فرض إدارة ذاتية في مناطق شمال وشرق سوريا (الحسكة، عين العرب / كوباني، عفرين)، اتهم بارتكاب مجازر عديدة منذ العام 2013، من قتل وخطف واعتقال وتجنيد القاصرين، إضافة إلى حرق المنازل ومصادرة الأملاك والتهجير العرقي لأبناء ريفي الحسكة والرقة، تحديدا من العرب والتركمان. لكن الحزب ينفي هذه الاتهامات.