تقول مصادر سياسية مطلعة في بيروت، إن تفعيل الدور العسكري الروسي في
سوريا في مقابل تراجع الدور
الإيراني، والذي حصل في الأيام القليلة الماضية تحت إشراف ومراقبة أميركية – سعودية – تركية، سيشكل في المرحلة المقبلة تطورا مهما على صعيد إعادة تكوين المنطقة العربية والتحالفات القائمة فيها من خلال البوابة السورية والأحداث
اليمنية.
وتوضح المصادر، أن ما يجري في سوريا واليمن من تطورات ميدانية واتصالات سياسية يؤشر إلى أن المنطقة العربية ستدخل في الأيام القليلة المقبلة مرحلة جديدة على صعيد إعادة ترتيب الأوضاع والتحالفات ولا سيما بعد دخول الاتفاق حول الملف النووي الإيراني بين إيران والدول الكبرى مرحلة التنفيذ العملي بعد الموافقة النهائية من قبل مجلس الشورى الإيراني وبعد فشل معارضي الاتفاق في مجلس الكونغرس الأمريكي في تعطيله.
وتشير المصادر إلى أنه في مقابل الإيجابيات التي ستحصل عليها إيران من الاتفاق على صعيد رفع العقوبات والوضع الاقتصادي والمالي وتدعيم دورها الاقليمي في بعض الملفات الاساسية فإنه بالمقابل بدأنا نشهد تراجعا للدور الإيراني في ساحتين أساسيتين هما اليمن وسوريا، في اليمن لصالح
السعودية وحلفائها، وفي سوريا لصالح الدور الروسي، مما قد يمهد للوصول إلى تسويات في هذين البلدين من خلال الأخذ بالاعتبار مصالح جميع الأطراف الأساسية الدولية والإقليمية.
وتتابع المصادر، إنه بعد الهجوم الإيراني على أكثر من جبهة خلال الأشهر الماضية والذي ترافق مع المفاوضات حول الملف النووي الإيراني وبعد التوصل إلى الاتفاق حول هذا الملف بدأنا نشهد تراجعا في الدور الإيراني في مقابل تزايد دور السعودية وحلفائها في اليمن، ومن ثم جاء الدور العسكري الروسي في سوريا والذي تم دون أي معارضة من أمريكا وتركيا والسعودية والذي سيكون على حساب الدور الإيراني الذي تفاقم في السنوات الأربع الماضية منذ بدء الازمة السورية.
وانطلاقا من هذه المعطيات، تتوقع المصادر السياسية في بيروت أن تشهد الأشهر الثلاثة المقبلة تسارعا في الاتصالات والمفاوضات على صعيد الملفين اليمني والسوري من أجل الوصول إلى حلول سياسية تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الميدانية والعسكرية خصوصا في ظل الانعكاسات السلبية للأزمة اليمنية على الأوضاع في الخليج ولا سيما على الصعيد المالي وكذلك تفاعل ملف اللاجئين السوريين إلى الدول الأوروبية، مما أدى إلى تحرك المسؤولين الأوروبيين والأميركيين من أجل تفعيل الاتصالات مع الروس للبحث عن حل سياسي للأزمة السورية يتضمن القبول بمرحلة انتقالية يشارك فيها الرئيس السوري بشار الأسد، على أن تؤدي إلى إجراء انتخابات نيابية ورئاسية تساهم في اختيار قيادة جديدة لسوريا.
وتعتبر المصادر السياسية في بيروت، أن المنطقة العربية تعيش حاليا مرحلة انتقالية أو ما يمكن تسميته بمرحلة إعادة التكوين وأن دور الأطراف الإقليمية والدولية في هذه المنطقة سيتبلور في الأشهر المقبلة مع استبعاد التقسيم الجغرافي والدستوري نظرا لمخاطره الكبيرة على الدول الإقليمية الكبرى في المنطقة والاكتفاء بإعادة توزيع أدوار الدول الإقليمية في المنطقة العربية من خلال عدم السماح بتحكم دولة دون أخرى في المنطقة.
وتشير المصادر إلى أن تركيا وروسيا ستكونان اللاعبين الأساسيين في سوريا على حساب الدور الإيراني، في حين أن إيران ستكون اللاعب الأقوى في العراق وستعود السعودية للعب الدور الفاعل في اليمن، أما لبنان فسيبقى ساحة لتقاسم النفوذ بين عدة دول ولا سيما إيران والسعودية مع رعاية دولية وإقليمية مستمرة.
هذه هي معطيات المصادر السياسية في بيروت بانتظار الحكم على صحتها في الأسابيع المقبلة وقبل انتهاء العام الحالي.