نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية، تقريرا عن أداء المسلمين لمناسك
الحج في هذه السنة، نقلت فيه ظروف الإقامة والتنقل في
مكة، مشيرة إلى ارتباط جودة الخدمات المقدمة للحجاج بالمستوى المادي للحاج، وهو ما يكرس الطبقية بينهم، ليتحول الحج بذلك من عبادة روحية إلى مظهر من مظاهر التفاخر والبذخ، بحسب الصحيفة.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته"عربي21"، إن الناظر للمسلمين في
الحرم المكي قد يحصل لديه انطباع بوجود مساواة وغياب الفوارق بين المسلمين، بسبب تلك الملابس المتواضعة التي يرتديها الجميع، إلا أن ذلك الانطباع سرعان ما يتبدد، عند ملاحظة الفوارق الاجتماعية الواضحة بين الحجاج في ظروف الإقامة والتنقل والمعاملة.
وقالت إن المسلمين خلال موسم الحج، الذي انطلق يوم الثلاثاء، يلبسون ملابس في غاية البساطة، إذ يتدثر الرجال بقطعتي قماش، بينما ترتدي النساء جلابيب طويلة تغطي كامل البدن ما عدا الوجه واليدين.
وتناولت ظروف إتمام شعائر الحج في الحرم المكي، حيث يقوم بعض المتطوعين بتوزيع الأكل على الحجاج الذين يجلسون على الأرض لتناول الطعام. كما قامت وزارة الشؤون الاجتماعية
السعودية بفتح متاجر بجوار الحرم، مخصصة لبيع منتجات بسيطة من لوازم الحج مثل المسابح والنعال البلاستيكية.
وقالت الصحيفة إن الحكومة تقوم بتحمل نفقات هذه المتاجر من إيجار إلى فواتير الكهرباء، بينما يتولى القائمون على هذه المتاجر شراء السلع وبيعها فقط. كما يشتري الحجاج بذورا لإطعام الحمام الموجود داخل الحرم المكي، من امرأة أفريقية تقف هناك.
ونقلت الصحيفة شهادات للحجيج تفيد بوجود قسمين يحيطان بالحرم المكي الشريف، القسم الأول يحتوي على متاجر لضعفاء الحال يتسوّقون فيها؛ لأنها تعرض منتجات زهيدة الثمن، في حين يوجد في القسم الثاني، من الجهة الأخرى من الحرم، فنادق ذات خمس نجوم ومتاجر فاخرة يتبضع منها الأغنياء.
ولاحظت الصحيفة أن محيط الحرم يشهد حالة من الإهمال، حيث يتقاطر الماء من محركات مكيفات الهواء وتنبعث روائح كريهة من سلاّت المهملات.
وأشارت إلى مظاهر الترف والبذخ التي تجلب الأنظار في الجهة الجنوبية من الحرم، حيث تتواجد فنادق فخمة وبرج ساعة مكة الذي يعد ثالث أعلى بناية في العالم.
وقالت إن البرج يضم فنادق فاخرة، ومطاعم راقية، ومصاعد براقة، وتتميز هذه الفنادق بأروقتها الواسعة، وبطاقم ضخم من موظفي الاستقبال والخدمة.
وذكرت أن هذه المنطقة موجهة للحجاج الأغنياء، الذين يكونون مستعدين لدفع مبالغ ضخمة مقابل الحصول على قدر جيد من
الرفاهية. وتبلغ تكلفة الليلة الواحدة في إحدى غرف هذه الفنادق نحو ألف دولار، ويجبر النزلاء على الحجز لمدة سبع ليال متتالية على الأقل، كما أن أغلب الغرف تطل على الكعبة.
وذكرت الصحيفة أن تكلفة إقامة أحد الحجاج المصريين مع زوجته في هذا النوع من الفنادق بلغت عشرة آلاف دولار. ونقلت عن هذا الحاج، وهو محام يبلغ من العمر 45 عاما، أنه اختار هذا المكان لقربه من الحرم، وللحضور بسرعة لأداء الصلاة، كما أنه يقوم بالتسوق من المركز التجاري التابع للفندق؛ لعدم رغبته في التجوال في الخارج بسبب الحر.
وأكدت الصحيفة أن هذه الفخامة ليست متاحة لكل الحجاج، حيث إن غير الأثرياء يعانون مشقة التنقل نحو الحرم في أجواء شديدة الحرارة، والإقامة في غرف غير مريحة؛ وذلك بسبب الأسعار المرتفعة.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن الحجاج يقفون جنبا إلى جنب في خشوع تام، متوجهين نحو الكعبة، في تجمع بشري واحد، خمس مرات في اليوم لأداء الصلاة، رغم كل مظاهر التفاوت الطبقي بينهم.