دعت منظمات ومؤسسات حقوقية النظام في
مصر، إلى الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية المناهضة للإخفاء القسري مع تزايد حالات الإبلاغ عنها منذ الانقلاب العسكري في 3 تموز/ يوليو 2013.
ودأب النظام الانقلابي في مصر على إنكار تورط أجهزته الأمنية، سواء من الجيش أم الشرطة في ارتكاب تلك الجرائم، بالرغم من توثيق آلاف الحالات التي اختفت ثم ظهرت بعد ذلك، سواء على ذمة قضايا ملفقة، أم في أقسام شرطة، ومعسكرات أمن مركزي، ومقار أمن دولة، ومنها حالات لم تظهر حتى الآن.
تقرير هيئة المفوضين
في هذا الصدد، يقول المتحدث باسم "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات"، محمد أبو هريرة، "بعد رفع عدة دعاوى، حصلنا على تقرير من هيئة المفوضين في محكمة القضاء الإداري، يطالب فيه الرئاسة ووزارتي الداخلية والدفاع، "بالإفصاح عن مصير المختفين قسريا في مصر".
وأضاف لـ"
عربي21"، أن "
الإخفاء القسري يعد من
الانتهاكات الخطيرة للدستور والقانون المصري، وأيضا للمواثيق الدولية"، مشيرا إلى رصد "1250 حالة إخفاء قسري في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2015، لا تشمل محافظات شمال وجنوب سيناء، ارتفعت في بعض الشهور إلى نحو 400 حالة".
الإخفاء ضد المعارضين
وعن ظروف وملابسات الإخفاء القسري، قال إنها "تشمل جميع الفئات العمرية، وتطال الذكور والإناث على حد سواء، وتتم من خلال الخطف من البيت، والعمل، والشارع، من قبل قوات أمنية".
وتابع "من بين تلك الحالات 103 أستاذ جامعي، و15 مهندسا، و16 صحفيا، و 8 محاميين، و19 طبيبا وصيدليا، وجميعهم من المعارضين للنظام، ورافضي الانقلاب العسكري، ومن اتجاهات وتيارات سياسية مختلفة".
وبين أ، أغلب الحالات التي تم رصدها تظهر إما على شاشات التلفاز من خلال فيدوهات تعرضها وزارة الداخلية تتضمن اعترافات تحت وطأة التعذيب، أو من خلال حبسهم على ذمة قضايا إرهاب، أو من خلال بعض المعتقلين السابقين".
معاناة لا توصف
وكشف "أبو هريرة" أن أهالي ضحايا الإخفاء القسري، "يلقون أصنافا من المعاناة والعذاب"، مشيرا إلى أن "أغلب تلك الحالات لا تكون معروفة المكان، وتنكرها الداخلية، كما أنهم يتعرضون أحيانا لتهديد مباشر من قبل قوات الأمن".
وأشار إلى أن "القانون الدولي يصنف الإخفاء القسري كأشد أنواع الجرائم بسبب المجهول والغموض والقلق والتوتر الذي ينتاب أهالي الضحايا طوال فترة البحث المنهكة والمرهقة، وقد باع والد المخفي قسرا عبد الحميد محمد عبدالسلام منزله للإنفاق على عملية البحث، ومات قهرا منذ شهرين أو أكثر".
مصر لا تقر بوجود إخفاء قسري
بدوره، طالب الحقوقي والناشط في مؤسسة حرية الفكر والتعبير مختار منير، في حديث لـ"
عربي21" "مجلس الدولة بتعريف مفهوم "الإخفاء" وليس "الاختفاء" القسري، لأن مصر ليست معترفة بهذا التعريف، وليست موقعة على اتفاقية الاختفاء القسري".
وأضاف أن "الداخلية لا تعترف بوجود حالات إخفاء قسري، وتقول إن هناك احتجازا دون وجه حق، وهناك فارق كبير بين المصطلحين؛ فالأول إخفاء من قبل جهة أمنية مجهولة في مكان مجهول، أما الثاني، فهو إخفاء شخص في مكان معلوم، دون سند قانوني، أو وجه حق".
وأرجع عدم وجود أرقام دقيقة بشأن أعداد حالات الإخفاء القسري إلى "مدى إمكانية وصول المنظمات لعدد البلاغات، وتفسيرها لتلك الحالات، ولكن بصفة عامة فالأعداد مخيفة، وتعد كارثة حقيقية".
ذهب ولم يعد
وأشار إلى أن معظم حالات الإخفاء القسري لا تظهر، فمن بين 92 حالة تم رصدها في آب/ أغسطس الماضي لدينا، ظهرت فقط 25 حالة على ذمة قضايا، مشيرا إلى حالة واحدة تم الإفراج عنها للطالب "عبدالرحمن فاروق" الذي حصل على إخلاء سبيل، ويوم الإفراج عنه تم اقتياده من قسم أمن الدولة بلاظوغلي لجهة غير معلومة، وبعد 13 يوما ألقوه في الشارع، وقد أبلغ عن ثمانية من أسماء المخفيين قسرا، وقد تعرض لانتهاكات ومعاملة سيئة".
مسؤول جهول
من جهته قال الناشط والحقوقي، أحمد مفرح، بمركز الكرامة لحقوق الإنسان – ومقره جنيف – لـ"
عربي21": "مساعد وزير الداخلية لقطاع
حقوق الإنسان لا يعرف الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها بلاده، عندما أشار إلى أن مصر موقعة على الاتفاقية الدولية لمناهضة الاختفاء القسري، وهو لم يحدث على الإطلاق".
وأكد أن "حالات الإخفاء القسري في مصر موثقة لدى الفريق العامل المعني بتلك القضية بالأمم المتحدة، ما يدل على كذب تصريحات مساعد وزير الداخلية لحقوق الإنسان".
واستدرك قائلا: "التقرير الأخير المنشور في آب/ أغسطس 2015 للفريق عبر عن قلقه بشأن الممارسة النمطية للاختفاء القسري"، مؤكدا أن "أجهزة الأمن المصرية ارتكبت في العام الأول من حكم السيسي أكبر عددا من جرائم الإخفاء القسري في تاريخ عمل الفريق على مصر منذ ثمانينيات القرن الماضي".