نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية؛ تقريرا عن المعاملة السيئة التي يلقاها اللاجئون السوريون في
روسيا، مشيرة إلى أن العديد من السوريين اتخذوا من روسيا قبلة لهم، ظنا منهم أنها ستنقذهم من معاناتهم، لكنهم تفاجأوا من سوء المعاملة، والتهديد بترحيلهم إلى
سوريا.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن الكثير من السوريين ندموا بعد أن قدموا إلى روسيا، وأصبحوا يريدون التوجه لأوروبا لطلب اللجوء هناك.
وأضافت أن العديد من
اللاجئين السوريين في روسيا يعيشون الأمرين، حيث إن بعضهم لا يخرجون من مساكنهم في ضواحي العاصمة موسكو إلا نادرا وتحت جنح الظلام، خوفا من الشرطة التي تضايقهم بسبب عدم حيازتهم أي وثائق.
وأشارت الصحيفة إلى ما تعيشه عائلة بادلير المكونة من ستة أفراد، حيث إنهم لا ينامون في الليل من شدة الجوع، ويختفون أثناء النهار في مساكن أعطيت لهم في ضواحي موسكو، وذلك خوفا من أن تكتشف أمرهم الشرطة الروسية.
وقالت الصحيفة إن إحدى العائلات السورية أعطي لها حق الإقامة المؤقتة في صيف 2014، ولكن مطلبهم بتجديد الإقامة في روسيا جوبه بالرفض، وبدون تقديم أي توضيحات.
وذكرت أن توأمين من عائلة سورية ولدا بموسكو لكنهما الآن محرومان من الإقامة في روسيا. ونقلت عن شادي، وهو أحد اللاجئين في روسيا، قوله: "لا خيار لدي سوى الانتظار أملا في أن أمنح حق اللجوء، لا أريد العودة إلى سوريا ولا أستطيع الذهاب لأوروبا".
وقالت الصحيفة إنه بحسب الإحصائيات الرسمية، منحت روسيا حق اللجوء الدائم إلى سوريَيْن اثنين فقط، وأن أكثر من 7650 سوري في روسيا هم لاجئون لفترة مؤقتة، ولا تجدد إقاماتهم إلا بشق الأنفس.
ونقلت عن سفيتلانا غانوتشكينا، رئيسة منظمة دانسكو سوديستسفييي، قولها: "الحقيقة أن السلطات الروسية تريد التخلص من أولئك اللاجئين، لأن الرئيس فلاديمير بوتين يفكر في مصير بشار الأسد فقط ولا يفكر في مصير الشعب السوري".
وفي المقابل، نقلت عن ماريا زخاروفا، الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، قولها: "منذ سنة 2011 تقدم روسيا حق اللجوء المؤقت للسوريين، فعلى عكس أوروبا، نحن نعيش المشكلة منذ وقت طويل، ذلك أننا نتصرف وفق القانون الروسي، بينما الاتحاد الأوروبي يتصرف وفق الأحداث الخارجية".
وأدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان روسيا، بسبب انتهاكها للحق في الحياة، وطالبتها بتوفير معاملة إنسانية للاجئين في بلدها، ويأتي ذلك إثر اعتقال الشرطة الروسية لثلاثة لاجئين سوريين فارين من هول الحرب في بلادهم، بحجة أنهم لم يسووا وضعيتهم بعد، وقد هددت روسيا بطردهم وإرجاعهم إلى سوريا رغم أن بعضهم قد قتل أقاربهم هناك.
ومنعتهم السلطات الروسية أيضا من الرعاية الصحية، أو حتى توفير المساعدة القانونية خلال الأشهر الستة التي احتجزوا فيها، فيما تعتبر موسكو هذه الحالة معزولة ولا يمكن تعميمها.
وذكرت الصحيفة أن إجراءات الحصول على الإقامة المؤقتة صعبة جدا، مع ما تحمله من مخاطر الترحيل إلى سوريا، وذكرت أيضا أن عدلان، المتزوج من امرأة روسية، لم يحصل على وثيقة حق اللجوء المؤقت، إلا بعد أن دفع 700 يورو رشوة، وأن تجديد حق اللجوء لمدة ثلاث سنوات كلفه أياما وليالي وهو ينتظر أمام إدارة الهجرة.
وقالت أيضا إن عدلان المتخرج من إحدى جامعات روسية، هاجر مع عائلته هربا من التعذيب والقتل، ونقلت عنه قوله: "العديد من أبناء بلدي يعتقدون أن روسيا ترحب بهم، ولكن للأسف هذا غير صحيح".
وفي الختام، قالت لوفيغارو إنه رغم التسوية المؤقتة لوضع بعض اللاجئين السوريين بروسيا، إلا أن الكثير منهم يطمح للذهاب إلى أوروبا، لذا هم يتمركزون شمال روسيا، حيث يقومون إثر ذلك بطلب اللجوء في
النرويج، وقد أدى هذا لتوجيه السلطات النرويجية اتهامات لروسيا بالتملص من واجب التكفل بنصيبها من المهاجرين.
وكانت السلطات النرويجية قد اشتكت من أن السلطات الروسية رحلت المئات من اللاجئين السوريين ورمت بهم على الحدود بين البلدين في المنطقة القطبية شمالا، فيما قالت النرويج إنها ستعيد هؤلاء اللاجئين إلى روسيا.