نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا حول وزير الدفاع الروسي سيرغي
شويغو، الذي تقول الصحيفة إنه يقود العمليات الروسية في
سوريا، وإنه يعدّ الذراع الأيمن للرئيس الروسي فلاديمير
بوتين وأبرز المرشحين لخلافته، لما يمتلكه من براعة في اللعب على المشاعر الدينية والوطنية، ونجاحه في خوض حرب المعلومات لتبرير التدخل الروسي في سوريا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن سيرغي شويغو يقود الآن أول تدخل عسكري لروسيا خارج المربع السوفييتي منذ دخولها لأفغانستان سنة 1979، كما أنه يمثل العقل المدبر لعملية ضم شبه جزيرة القرم، وهو يضطلع بتنفيذ كل مخططات فلاديمير بوتين على جميع الجبهات، بما في ذلك تعميق العلاقات والتعاون العسكري مع النظام الإيراني.
وذكرت أن بوتين عينه في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 وزيرا للدفاع، لرغبته بالاستفادة من خبرته ودهائه السياسي والعسكري، في إطار العمل على استعادة مكانة
روسيا وهيبتها، في مواجهة الولايات المتحدة.
وذكرت الصحيفة أن تأثير شويغو على النشاط العسكري الروسي يبدو واضحا، حيث إن موسكو لم تشهد هذا القدر من النشاط واستعراض العضلات العسكري، منذ سقوط الاتحاد السوفييتي، وقد ظهر ذلك في الصيف من خلال استعراض ضخم يشبه أفلام هوليود، شارك فيه 95 ألف جندي، و170 طائرة، و120 سفينة حربية، في منطقة "فلاديفوستوك" في شمال روسيا، لإجراء تدريبات خاصة ضد أي حرب محتملة.
كما لاحظت الصحيفة أن شويغو يحسن اللعب على المشاعر الدينية للشعب الروسي، إذ إنه لأول مرة يقوم مسؤول عسكري رفيع المستوى في موسكو بنزع قبعته والقيام بحركة التثليث التي يقوم بها المسيحيون، وكان ذلك عند استعداده لدخول الساحة الحمراء، يوم التاسع من أيار/ مايو الماضي، خلال الاستعراض العسكري بمناسبة الذكرى السبعين لانتصار الاتحاد السوفييتي على ألمانيا النازية.
وأضافت الصحيفة أن هذا الجنرال، الذي يعتمد على المشاعر القومية والدينية الروسية، أضاف إلى هذه الركائز الأساسية في سياسات الكرملين، ركيزة ثالثة تتمثل في حرب المعلومات، التي أشاد بوتين شخصيا بأهميتها، حيث إن أجهزته الاستخباراتية تغرق شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بصور الطيارين الروس في سوريا، على الطريقة الاستعراضية الهوليودية، كما في فيلم "توب غان" الأمريكي الشهير، لبث الحماس في صفوف الروس، وتحريك الشعور القومي، وحشد الدعم للتدخل الروسي الذي يهدف إلى إنقاذ بشار الأسد.
ونقلت الصحيفة عن الخبير العسكري الروسي، ألكسندر غولز، قوله: "إذا فكر بوتين بجدية في اختيار خليفة له، فإن الشخص الأقرب لهذا المنصب هو سيرغي شويغو، ولكن أيضا في المقابل، إذا فشل التدخل الروسي في سوريا، فإن وزير الدفاع هذا سيكون كبش الفداء الأول".
وأشارت الصحيفة إلى أن شويغو لم يخرج من أروقة أجهزة الكي جي بي على غرار بقية المسؤولين الروس، فهو ينحدر من المدرسة العسكرية، وقد تخرج من المدرسة التقنية بمدينة كراسنويارسك، ثم بدأ مسيرته موظفا في الحزب الشيوعي في مجال البناء، ثم عند بلوغه عمر الثلاثين، أصبح مشرفا على مجموعة من المصانع في منطقة سيبيريا، ثم خلال فترة التسعينات دخل دائرة المقربين من الرئيس السابق بوريس يلتسين، عندما كان فلاديمير بوتين حينها ما زال مساعدا لعمدة مدينة سانت بطرسبورغ.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الدفاع شويغو، اعتاد منذ سنة 2007 على الخروج رفقة الرئيس بوتين في جولات في مناطق التايغا، وجبال منطقة توفا الروسية التي ينحدر منها شويغو، وقد التقطت هناك عدة صور لبوتين وهو يسبح في المياه المتجمدة ويركب الحصان، في صور استعراضية جابت العالم في ذلك الوقت، وهي تبرز براعة شويغو في حرب المعلومات، كما تقول الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن شويغو كان العقل المدبر لعملية ضم شبه جزيرة القرم، وقد أشرف بنفسه على العمليات العسكرية وعلى الحملة الإعلامية أيضا، ونجح في كسب تأييد الشعب الروسي لهذه العملية.
وفور انتهائه من هذه المهمة، وجه "تلميذ بوتين" أنظاره نحو سوريا، وقام بتوجيه راداراته وإطلاق طائرات سوخوي نحوها، لخوض مواجهة جديدة غير مباشرة مع الولايات المتحدة، ذريعتها محاربة الإرهاب، وهدفها إنقاذ نظام الأسد، وفق تأكيد الصحيفة الفرنسية.