توزعت الاهتمامات الرئيسة للصحف
المصرية، الصادرة الاثنين 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، على ثلاثة موضوعات، أولها: "الوعد" الذي قطعه رئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي على نفسه، لدى زيارته "القصيرة" إلى الإسكندرية الأحد، بحل أزمة الصرف (الصحي والزراعي) بها وبالبحيرة، في خلال عشرة أيام.
جاءت تلك الزيارة بطائرة هليكوبتر للمحافظتين، مع توقف عابر في الإسكندرية، وبالغت الصحف في شأنها، ربما للتغطية على التطورات المتتابعة في حادث سقوط الطائرة الروسية، وتفاقم الأوضاع الداخلية، التي تجسدت أيضا في الانهيار المفاجئ بالبورصة، وخسارتها تسعة مليارات جنيه، وفق مراقبين، إذ مارست غالبية الصحف تعتيما عليها، ولم تنشرها بالصفحة الأولى، باستثناء "الدستور".
وقد سيطرت المبالغة والدعاية على تغطية الزيارة، التي احتلت مانشيت أهم خمس صحف مصرية.
وتجسدت تلك المبالغة والدعاية في الحديث عن "إزالة عدوان"، وهو تعبير عسكري يستخدم في سياق الحروب، ما يجسد تجييشا ودعاية واضحة لتعامل السيسي مع الأزمة، الأمر الذي تجسد أيضا في القول إن "الرئيس يتدخل بنفسه"، وذلك مع الإنجاز الكبير، الذي ساقته الصحف إلى الشعب: "مليار جنيه من صندوق "تحيا مصر" لرفع كفاءة شبكة الصرف".
وهكذا ضخَّمت صحف الاثنين من تحرك السيسي إزاء أزمة أمطار الإسكندرية والبحيرة، فاستخدمت في مانشيتاتها عبارات مثل "وعد رئاسي".. و"الرئيس يتدخل"، وتكرر هذا التعبير حرفيا في مانشيتي "المصري اليوم" و"اليوم السابع"، و"إزالة عدوان" و"حل الأزمة"، مع الاستعانة بالأرقام: "مليار جنيه".
ولوحظ أن صوغ الصحف للموضوع بدا متشابها ليس فقط على مستوى العناوين فقط، وإنما أيضا على مستوى متن التقارير نفسها، إذ استخدمت صحيفتان صيغة "أمر الرئيس"، في بداياتها، فقالت الشروق: أمر الرئيس عبدالفتاح السيسي بتخصيص مليار جنيه من صندوق "تحيا مصر" لتمويل خطة عاجلة.. إلخ".
واستخدمت الوطن الصيغة نفسها بالقول: "أمر الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمس، بتخصيص مليار جنيه من صندوق "تحيا مصر" لتمويل خطة عاجلة.. إلخ".
وبينما قالت المصري اليوم: "تفقد الرئيس.."، قالت اليوم السابع: "كالعادة في الأزمات تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي، وتوجه، الأحد.. إلخ".
فيما قالت الأهرام: "في ساعة مبكرة من صباح أمس، قام الرئيس عبدالفتاح السيسي بجولة مفاجئة إلى محافظة الإسكندرية".. ويجذب النظر هنا تعبير "قام بجولة"، إذ لم تكن هناك ثمة "أي جولة"، ولكنها المبالغة المطلوبة.
والأمر هكذا، كان الموضوع الثاني الذي شغل اهتمام صحف الاثنين هو: اتهام "دواعش بريطانيا" بالتورط في تفجير الطائرة الروسية.. أما ثالث الموضوعات فتمثَّل في: المخاوف من عودة مفاوضات سد "النهضة" الإثيوبي إلى نقطة الصفر.
وعد رئاسي بحل أزمة "الصرف" في 10 أيام
البداية من المانشيت أعلاه لصحيفة "الوطن"، التي قالت: "أمر السيسي - خلال جولة مفاجئة أمس بالبحيرة والإسكندرية، بطائرة هليكوبتر- بتخصيص مليار جنيه من صندوق "تحيا مصر" لتمويل خطة عاجلة".
هذه الخطة "تنفذها الوزارات المعنية، بالتعاون مع القوات المسلحة لرفع كفاءة شبكة الصرف الصحي والزراعي بالمحافظتين، على أن تنتهي من كل الأعمال في فترة تتراوح بين 7 و10 أيام، قبل موعد الندوة المقبلة"، وفق الصحيفة.
مليار جنيه من "تحيا مصر" لرفع كفاءة شبكة الصرف
ومع الوعد بتطوير الترع والمصارف خلال عشرة أيام، وتعويض المزارعين المتضررين، جاء مانشيت "الأهرام"، أعلاه، ناقلا عن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، علاء يوسف، قوله إن السيسي وجه بتخصيص مليار جنيه من صندوق "تحيا مصر" لتمويل خطة عاجلة لرفع كفاءة شبكة الصرف الصحي والزراعي بالمحافظتين.
وتشمل الخطة "أعمال الإنشاءات، وتطهير وتعميق المصارف، وتزويد محطات الصرف باللمبات، وجميع المعدات اللازمة، فضلا عن إزالة التعديات على الترع والمصارف"، وفق الأهرام.
الرئيس يتدخل لـ"إزالة عدوان السيول"
ومع الصورة نفسها التي تصدرت صحف: الأهرام، والمصري اليوم، والوطن، للسيسي وهو يتحدث إلى رئيس الوزراء شريف إسماعيل، ووزير الإسكان مصطفي مدبولي.. صدرت "المصري اليوم" بالمانشيت السابق.
ووفق الصحيفة: "تفقد السيسي، في ساعة مبكرة، من صباح أمس، جهود مواجهة السيول في محافظتي الإسكندرية، والبحيرة، وأعرب عن أسفه البالغ للأضرار التي شهدتها المناطق الزراعية بالمحافظتين، ووجه بمساعدة المزارعين الذين أضيروا بواقع 2000 جنيه للمزارع".
وتسببت الأمطار في انهيارات جزئية بـ 10 عقارات جديدة بالإسكندرية، ليرتفع عدد العقارات المتضررة خلال الأيام الأربعة الماضية إلى 34 عقارا.
وأغرقت مياه الأمطار المخلوطة بالصرف الصحي، نحو 500 منزل في البحيرة، قطع على إثرها العشرات عدة طرق، احتجاجا على غرق أراضيهم ومنازلهم، ولقي موظف بالمعاش مصرعه صعقا بالكهرباء نتيجة ماس كهربائي بسبب الأمطار، وأصيب 9 أشخاص في حادث عند الكيلو 21 بالطريق الصحراوي، وتم نقلهم لمستشفى العامرية العام، بحسب "المصري اليوم".
الرئيس يتدخل بنفسه.. "كالعادة"
هكذا رأت "اليوم السابع" في مانشيتها، قائلة إنه "كالعادة في الأزمات تدخل السيسي وتوجه، الأحد، لمتابعة المناطق المتضررة من الأمطار بالإسكندرية والبحيرة، وتفقد مشروع توسعة محطة معالجة الصرف الصحي الشرقية بالإسكندرية، بحضور شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، ووزراء الإسكان، والري، والتنمية المحلية، وقائد المنطقة الشمالية العسكرية، والقائم بأعمال محافظ الإسكندرية".
السيسي يخصص مليار جنيه لتطوير شبكات الصرف
ولم تغرد "الشروق" بعيدا عن السرب، إذ قالت في مانشيتها، ولكن على ثلاثة أعمدة فقط: السيسي يخصص مليار جنيه لتطوير شبكات الصرف بالإسكندرية والبحيرة خلال 10 أيام.. الرئيس يتفقد جوا الأراضي الغارقة بالمحافظتين.. وارتفاع ضحايا الأمطار بالبحيرة إلى 23 شخصا.
"الدستور" ترفع الرقم إلى ملياري جنيه
الطريف أن صحيفة "الدستور" رفعت الرقم الذي أجمعت عليه الصحف من مليار جنيه إلى ملياري جنيه، فقالت: "السيسي يعتمد 2 مليار جنيه لاحتواء كارثة السيول في الإسكندرية والبحيرة".
وفي التقرير الخاص بالموضوع في صفحتها الرابعة أصرت "الدستور" على هذا الرقم فقالت: "كما وجه الرئيس بالإزالة الفورية لجميع التعديات على المصارف، وتخصيص مبلغ ملياري جنيه من صندوق "تحيا مصر" لمعالجة شبكات الصرف وتطويرها".
"دواعش بريطانيا" متورطون في إسقاط الطائرة الروسية
وبينما تناولت الصحف الأربع: الأهرام، والمصري اليوم، والوطن، واليوم السابع، زيارة السيسي إلى الإسكندرية، على خلفية الأمطار الغزيرة، التي ضربت محافظتي الإسكندرية والبحيرة، في مانشيتاتها.. فرضت تطورات حادثة سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء، نفسها على مانشيت صحيفة "الشروق" الذي جاء أعلاه.
فقد نقلت "الشروق" عن تقارير صحفية بريطانية أنها ذكرت أن الاستخبارات البريطانية رصدت، بعد أحداث سقوط الطائرة الروسية، أصواتا ذات لكنة بريطانية في مكالمات هاتفية، تبدي فرحتها بما حدث، وهو ما يرجح مساهمة متطرفين بريطانيين في زرع القنبلة على متن الطائرة الروسية، بحسب الصحيفة.
"الشروق" نقلت - في الوقت نفسه - عن وكالة أنباء "رويترز" تصريح عضو مصري في فريق التحقيق (لم تسمه) بأن المحققين متأكدون بنسبة 90% من أن قنبلة.. وراء سقوط الطائرة.
أين المصداقية والشفافية؟
وفي سياق متصل، خرجت صحيفة "الدستور" بمانشيت ذي صلة، مغردة في الوقت نفسه بعيدا عن سرب التبرير، فقالت: "رويترز.. الطائرة تم تفجيرها.. والمحقق المصري ينفي.. المصداقية والشفافية وسرعة الإنجاز في نتيجة "الصندوق الأسود" أمر عاجل ومهم".
وأضافت "الدستور": "المصداقية لابد أن تسارع بها مصر أولا، وقبل أي دولة أخرى"، مشددة على أن "الشفافية المطلقة ستضع مصر في مكانتها اللائقة بها، وسنكون محل احترام العالم أجمع"، بحسب الصحيفة.
مخاوف من عودة مفاوضات سد "النهضة" إلى المربع صفر
تلك المخاوف أشارت إليها صحيفة "الوطن" تحت العنوان السابق، مشيرة إلى مواصلة أعضاء اللجنة الثلاثية الدولية لسد "النهضة" الإثيوبي - لليوم الثاني على التوالي - اجتماعهم التاسع أمس في القاهرة، لبحث كيفية حل الخلافات بين المكتبين الاستشاريين: "الفرنسي والهولندي"، المكلفين بتنفيذ الدراسات الفنية للسد.
ونقلت "الوطن" عن مصادر وصفتها بأنها "مطلعة على سير المفاوضات" قولها إنه لم يجر التوصل لتفاهم خلال اليوم الأول للاجتماع، معربة عن مخاوفها من عودة المفاوضات إلى "المربع صفر"، وهو ما سيتيح للجانب الإثيوبي فرصة المراوغة في استكمال مشروع السد، خاصة بعد تجاوز إنشاءات المشروع حاجز الـ47% حتى الآن"، بحسب الصحيفة.
وبينما تجاهلت بقية الصحف متابعة هذا الموضوع المهم في صفحاتها الأولى اكتفت "المصري اليوم" بخبر على عمود ونصف العمود يقول: "مصادر: مصر رفضت إسناد "دراسات النهضة" للشركة الفرنسية".
أما "الشروق"، فرأت أن الأهم من إبراز نبأ الخلافات، والرفض المصري للاقتراح الإثيوبي.. هو أن تبرز تصريحات وزير الري المصري، فقالت: "مغازي: راضون عن اجتماعات سد لنهضة.. واتجاه لمدها يوما".