بعد ساعات قليلة من اتهام الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، لتنظيم الدولة بالوقوف وراء
هجمات باريس، فقد أعلن التنظيم في بيان نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، مسؤوليته عن الهجمات التي راح ضحيتها 127 شخصا في حصيلة أولية.
وقال التنظيم في بيانه الذي نشر باللغتين العربية والفرنسية وحمل عنوان "بيان عن غزوة باريس المباركة على
فرنسا الصليبية"، إن ثمانية من عناصره نفذوا الهجوم وهم يرتدون أحزمة ناسفة واختاروا مواقع في قلب العاصمة الفرنسية باريس.
وهاجم مسلحون ومفجرون مطاعم وقاعة للموسيقى وإستادا رياضيا في أماكن متفرقة بالعاصمة الفرنسية باريس الليلة الماضية، فيما قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إن
تنظيم الدولة نفذ الهجمات.
وقال هولاند، السبت، إن هجمات باريس "عمل من أعمال الحرب" نظمته "الدولة" من الخارج بمساعدة من الداخل.
وقال مسؤول في مجلس مدينة باريس، إن أربعة مسلحين قتلوا بطريقة ممنهجة 87 شابا على الأقل كانوا يحضرون حفلا لموسيقى الروك في قاعة باتاكلان. وشن رجال كوماندوز من قوات مكافحة الإرهاب هجوما في نهاية الأمر على المبنى. وفجر المسلحون أحزمة ناسفة وتم إنقاذ عشرات الناجين بينما استمر نقل الجثث حتى صباح السبت.
وأضاف المسؤول أن نحو 40 شخصا آخرين قتلوا في خمس هجمات أخرى بمنطقة باريس، ومن بينها تفجير انتحاري مزدوج على ما يبدو خارج إستاد فرنسا حيث كان هولاند ووزير الخارجية الألماني يحضران مباراة كرة قدم دولية ودية. وأصيب نحو 200 شخص.
ووقعت الهجمات المنسقة بينما كانت فرنسا في حالة تأهب قصوى تحسبا لوقوع هجمات إرهابية قبل مؤتمر عالمي للمناخ من المقرر أن تستضيفه البلاد هذا الشهر. وفرنسا عضو مؤسس في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويشن هجمات جوية ضد تنظيم الدولة في
سوريا والعراق.
والهجمات هي الأسوأ في أوروبا منذ تفجيرات القطار في مدريد عام 2004 والتي قتل فيها 191 شخصا.
وقال مسؤولون إن ثمانية مهاجمين قتلوا بينهم سبعة فجروا أحزمتهم الناسفة في مواقع مختلفة، فيما قتلت الشرطة الثامن بالرصاص. ولم يتضح ما إذا تحدد مصير كل المهاجمين.
اقرأ أيضا:
تنظيم الدولة يتبنى هجمات باريس ويتوعد بالمزيد
أول طوارئ منذ الحرب العالمية الثانية
وبعد خروجه من الإستاد قرب التفجيرين أعلن هولاند حالة الطوارئ الوطنية، وذلك للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية. وأعيد فرض قيود على الحدود بشكل مؤقت لمنع منفذي الهجمات من الهرب.
وتم تعليق كل الأنشطة الرياضية في باريس وألغى فريق يو تو لموسيقى الروك حفلا، كما أنه تم إيقاف خدمات قطارات الأنفاق في باريس، وصدرت أوامر بإغلاق المدارس والجامعات والمباني البلدية اليوم السبت. لكن من المتوقع استمرار بعض خدمات السكك الحديدية والطيران.
وقال هولاند في كلمة وجهها للشعب عبر التلفزيون عند منتصف الليل قبل أن يرأس اجتماعا طارئا لمجلس الوزراء: "إنه رعب".
وتوجه فيما بعد إلى مكان أعنف هجوم في العاصمة، وهو قاعة باتاكلان، وتوعد بأن تشن الحكومة حربا "لا هوادة فيها" على الإرهاب.
وتحدثت صحف فرنسية عن "مذبحة" و"رعب". وكتبت صحيفة "لو فيغارو" عنوانا تقول فيه "الحرب في قلب باريس"، بينما وضعت خلفية سوداء وصورة لأناس يتم إجلاؤهم على محفات.
وتمت تعبئة أجهزة الطوارئ وألغيت إجازات الشرطة وتم استدعاء 1500 فرد من تعزيزات الجيش إلى منطقة باريس، واستدعت المستشفيات أطقمها للتعامل مع الضحايا.
وتبث محطات الإذاعة تنبيهات لسكان باريس بضرورة البقاء في بيوتهم وإخلاء الشوارع، وتحث السكان على إيواء أي شخص تقطعت به السبل في الشارع.
ووقع أدمى هجوم في قاعة باتاكلان حيث كانت فرقة "إيغلز أوف ديث ميتال" لموسيقى الروك بكاليفورنيا تقيم حفلا. وتبعد هذه القاعة بضع مئات من الأمتار عن المكاتب السابقة لصحيفة شارلي إيبدو الأسبوعية الساخرة التي كانت هدفا لهجوم دام شنه مسلحون إسلاميون في كانون الثاني/ يناير.
وسمع شهود في القاعة المسلحين يرددون هتافات إسلامية وشعارات تدين دور فرنسا في سوريا.
وقال هولاند دون أن يذكر أي جماعة بالاسم: "نعرف من أين جاءت هذه الهجمات. هناك بالفعل أسباب قوية للشعور بالخوف".
اقرأ أيضا:
أنصار "الدولة" ينشرون إصدارات تهدد فرنسا ويحتفون بالهجمات
تضامن دولي
وقاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، دعوة عالمية للتضامن مع فرنسا وأدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون "الهجمات الخسيسة"، فيما وصف الفاتيكان الهجمات بأنها "عنف إرهابي مجنون".
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، على حسابه على "تويتر": "صُدمت بسبب هذه الأحداث التي وقعت في باريس الليلة. مشاعرنا وصلواتنا مع الشعب الفرنسي. سنفعل كل ما في وسعنا من أجل المساعدة".
وقال الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعث بخالص تعازيه إلى هولاند ولكل الشعب الفرنسي في أعقاب "الهجمات الإرهابية المروعة في باريس".
وقال إن "روسيا تدين بقوة هذا القتل غير الإنساني وهي مستعدة لتقديم أي مساعدة وكل المساعدة للتحقيق في هذه الجرائم الإرهابية".
وأدانت تركيا التي تستضيف قمة لزعماء مجموعة العشرين تبدأ الأحد، هجمات باريس ووصفتها بأنها جريمة ضد الإنسانية وتعهدت بالتعاون الكامل مع فرنسا وحلفائها في مكافحة الإرهاب.
وقال مكتب رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو في بيان بعد الهجمات التي هزت العاصمة الفرنسية: "هذه الهجمات ليست ضد الشعب الفرنسي فحسب، لكنها ضد الإنسانية جمعاء والديمقراطية والحريات والقيم العالمية. الإرهاب لا دين له ولا جنسية ولا يمثل قيما. الإرهاب جريمة ضد الإنسانية".
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ، للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، إن الصين مستعدة للانضمام إلى فرنسا والمجتمع الدولي في زيادة التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب.
وقالت تعليقات نُشرت على موقع وزارة الخارجية الصينية على الإنترنت، إن شي أدان أيضا خلال اتصال هاتفي بهولاند الهجمات التي وقعت الجمعة وقدم تعازيه لعائلات الضحايا.
وقال وزير الخارجية الأردني ناصر جودة: "كل الدعم للأصدقاء في فرنسا والعزاء والتمنيات للجرحى بالشفاء وهذا يؤكد من إصرارنا وعزيمتنا على المضي قدما في محاربة الإرهاب".
وقال وزير الخارجية السعودية عادل الجبير: "هذا العمل الذي قامت به منظمة إرهابية عمل غير إنساني، عمل إجرامي، عمل بربري لا يتماشى مع أي قيم أو خلق أو ديانات، ونحن نستنكر هذا بشدة، والمملكة السعودية كما تعلمون حثت المجتمع الدولي ولا زالت تحث المجتمع الدولي على تكثيف الجهود وتوحيد الصفوف من أجل مكافحة الإرهاب".
وأدانت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في السعودية الهجمات، وأشارت إلى أن هذه الأعمال الإرهابية لا يقرها الإسلام وتتنافى وقيمه التي جاءت رحمة للعالمين.
وأكدت في بيان لها أن هذه الأعمال الإرهابية "هي امتداد للإرهاب الذي يمارسه النظام السوري المجرم وأعوانه ضدّ الشعب السوري الأعزل الذي يمطره بوابل من البراميل المتفجرة، وخرج من عباءة هذا النظام تنظيم الدولة الذي يتبادل الأدوار مع نظام بشار، وإن غض العالم الطرف عن ذلك هو الذي أدى إلى هذه الجرائم المروعة".
وفي القاهرة ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، أن الرئاسة المصرية أدانت "بأقسى العبارات الحوادث الإرهابية الآثمة" التي وقعت في العاصمة الفرنسية باريس.
وقالت وكالة الأنباء القطرية، إن قطر عبرت عن "استنكارها الشديد للهجمات المسلحة والتفجيرات بالعاصمة الفرنسية باريس".
وفي أبو ظبي قالت وكالة أنباء الإمارات، إن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات العربية المتحدة أدان "الهجمات الإرهابية الإجرامية التي وقعت في باريس".
وأضافت أن رئيس الإمارات بعث ببرقية إلى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند تضمنت العزاء في الضحايا.
وقالت وكالة الأنباء الكويتية إن مسؤولا في وزارة الخارجية الكويتية أدان الهجمات واصفا إياها بالجبانة.
اقرأ أيضا:
حرق مخيم للاجئين سوريين بفرنسا عقب هجمات باريس (فيديو)
شماته سورية
ونقلت وسائل إعلام رسمية عن الرئيس السوري بشار الأسد قوله اليوم السبت، إن سياسات الغرب الخاطئة ساعدت على انتشار الإرهاب.
وقال الأسد، إن "السياسات الخاطئة التي انتهجتها الدول الغربية، لا سيما فرنسا، إزاء ما يحصل في منطقتنا وتجاهلها لدعم بعض حلفائها للإرهابيين هي التي ساهمت في تمدد الإرهاب".
ونقلت وسائل إعلام رسمية وقناة "الميادين" التلفزيونية اللبنانية عن الأسد قوله: "ما عانت منه فرنسا أمس من وحشية الإرهاب يكابده الشعب السوري منذ أكثر من خمس سنوات".
عرض حماية إيراني
وقال رئيس لجنة الدفاع في البرلمان الإيراني: "إذا فشلت فرنسا في الدفاع عن شعبها في مواجهة تنظيم الدولة، فإن المستشارين الإيرانيين جاهزون لتوفير الأمن وحماية الشعب بفرنسا".
وأدان محمد كوثري، ممثل طهران ورئيس لجنة الدفاع في البرلمان الإيراني، هجمات باريس، وقال: "إننا ندين الهجمات الإرهابية في باريس ونتعاطف مع أهلها ونعلن تضامننا معهم".
واتهم كوثري، الأوروبيين بصناعة تنظيم الدولة، وقال إن "الأوروبيين هم من زرعوا داعش في المنطقة، والآن هم من يحصدون ثمار ذلك في هجمات باريس".
اقرأ أيضا:
"نيويورك تايمز" تصف ليلة الرعب الباريسية وظلالها
جثث في كل مكان
وكان جوليان بيرس وهو صحفي من محطة "أوروبا 1" الإذاعية كان موجودا في قاعة باتاكلان عندما بدأ إطلاق النار. وفي تقرير لشاهد عيان نشر على موقع المحطة على الإنترنت قال بيرس، إن عدة أشخاص صغار جدا لم يضعوا أقنعة دخلوا القاعة أثناء الحفل الموسيقي وهم مسلحون ببنادق كلاشينكوف وبدأوا بـ"إطلاق النار دون تمييز على الناس".
وتابع بيرس بعد أن فر إلى الشارع من باب جانبي وهو يحمل فتاة مصابة على كتفه، بأن المسلحين أطلقوا الرصاص على ضحاياهم من الخلف وأنهم أجهزوا على بعض الضحايا من مسافة قريبة قبل أن يعيدوا تزويد أسلحتهم بالذخيرة ويطلقوا النار من جديد.
وكان تون، وهو شاب يبلغ من العمر 22 عاما ويعيش قرب باتاكلان، في طريقه لدخول القاعة مع اثنين من أصدقائه في نحو الساعة العاشرة مساء، عندما رأى ثلاثة شبان متشحين بالسواد ومسلحين بمدافع رشاشة. وبقي تون في الخارج.
وقال إن أحد المسلحين بدأ بإطلاق النار على الناس. وأضاف: "كان الناس يسقطون مثل قطع الدومينو". وأضاف أنه رأى أشخاصا أصيبوا بالرصاص في سيقانهم وأكتافهم وظهورهم وآخرين يرقدون على الأرض قتلى على ما يبدو.
وسمع دوي انفجارين قرب إستاد فرنسا في ضاحية سانت دينيس بشمال باريس، حيث كانت تقام مباراة كرة قدم ودية بين فرنسا وألمانيا، وسمع دوي الانفجارين أثناء عرض المباراة على التلفزيون.
وقال شاهد إن أحد التفجيرين أطاح بالناس في الهواء خارج مطعم لمكدونالدز يقع أمام الإستاد.
وفي وسط باريس، وقع إطلاق نار ليلا خارج مطعم كمبودي في المنطقة العاشرة بالعاصمة.
وقتل 18 شخصا عندما فتح مسلح النار على الجالسين لتناول العشاء في شرفة بمنطقة شارون القريبة في المنطقة الحادية عشرة.
وتحدث الادعاء الفرنسي عن خمسة مواقع قريبة من بعضها البعض تعرضت لإطلاق نار في الوقت نفسه تقريبا.
ووقعت الهجمات في باريس في غضون أيام من هجومين أعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عنهما، ووقعا في الضاحية الجنوبية ببيروت. وأعلن التنظيم مسؤوليته عن تحطم طائرة روسية في مصر الشهر الماضي.