قالت صحيفة البايس الإسبانية إن
المصريين يتجاهلون
الانتخابات التشريعية، والحياة السياسية بصفة عامة، منذ انقلاب سنة 2013، وأن تفاقم المشاكل الاقتصادية والأمنية وعجز الدولة بات يهدد بسقوط نظام عبد الفتاح
السيسي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن المصريين تعاملوا مع الجولة الثانية من الانتخابات، التي تجرى يومي الأحد والإثنين في 13 محافظة من أصل 28 محافظة، بكثير من التجاهل واللامبالاة. وفي الجولة الأولى التي جرت في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قاطع أكثر من ثلاثة أرباع الناخبين مراكز الاقتراع، بحسب الأرقام الرسمية.
واعتبرت الصحيفة أن سبب هذه المقاطعة هو وعي المصريين بأن الجنرال عبد الفتاح السيسي، الذي وصل للحكم بعد انقلاب ضد حكومة الإخوان المسلمين في سنة 2013، يريد من خلال هذه الانتخابات التشريعية إكمال المسار السياسي الذي أطلقه بعد الانقلاب من أجل ضمان البقاء في السلطة.
وحذرت الصحيفة من أن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها حوالي 90 مليون مواطن مصري، وتفاقم ظاهرة الإرهاب خاصة في شبه جزيرة سيناء، تهدد بإسقاط المخططات التي بدأ السيسي بتنفيذها، منذ أن أطاح بالرئيس محمد مرسي، أول رئيس ينتخب بطريقة ديمقراطية في تاريخ مصر، تحت شعارات وتعهدات لم يتحقق منها شيء، كانت تعد بالازدهار والتقدم والاستقرار لمصر.
وأشارت الصحيفة إلى أن الصورة الجماعية التي عرضها التلفزيون الرسمي خلال الانقلاب العسكري سنة 2013، لا تزال ماثلة في أذهان المصريين. فقد توسط السيسي المشهد، ومعه قيادات الجيش، ورجال الدين، متمثلين في شيخ الأزهر وبابا الأقباط وحزب النور السلفي الذي كان طامعا من خلال موقفه ذاك في احتلال موقع الإخوان المسلمين في المشهد السياسي، وبعض المستقلين مثل محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي كان يحظى بدعم الغرب.
ولاحظت الصحيفة أن أغلب الوجوه التي ظهرت في تلك الصورة، اختفت بعد ذلك من المشهد السياسي، ولم يتبق غير العسكر وبعض رجال الدين، كما أن صورة السيسي أيضا بدأت شيئا فشيئا تتلطخ لدى من كانوا بالأمس مساندين له.
وأشارت الصحيفة إلى أن نظام السيسي يواصل تغطية عجزه وفشله من خلال تبني نظرية المؤامرة، فقد غمرت فيضانات مدينة الإسكندرية خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر مخلفة 17 قتيلا، ورغم أن هذه الفيضانات تحدث كل سنة مع بداية موسم الأمطار، بسبب ضعف البنية التحتية وعدم صيانة قنوات الصرف الصحي، فإن الحكومة عوض أن تسعى لحل هذا المشكل المزمن قررت إلقاء القبض على عدد من أنصار الإخوان المسلمين بتهمة سد هذه القنوات.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي أوروبي في القاهرة قوله: "إن من أسباب ضعف المشاركة في الانتخابات هو أن القانون الانتخابي نفسه لا يشجع على المشاركة، كما أن المصريين كانوا قد انتخبوا برلمانهم بطريقة ديمقراطية في سنة 2012، ولكن المحكمة العليا قررت حله".
وأشارت الصحيفة إلى أن نسبة المشاركة الضعيفة في هذه الجولة هي مواصلة لنسبة المشاركة خلال الجولة الأولى، والتي رغم ادعاء الأرقام الرسمية أنها وصلت إلى 26 في المئة، فإنها تبقى ضعيفة جدا مقارنة بانتخابات سنة 2012 التي شهدت منافسة حقيقية ووصلت نسبة المشاركة فيها إلى 55 في المئة.
وأكدت الصحيفة أن المتابعين للشأن المصري يجمعون على أن البلاد عادت للمشهد السياسي ذاته، الذي كان سائدا في عهد حسني مبارك، والذي كان فيه رجال الأعمال وشبكات المصالح والفساد يسيطرون على البلاد من أجل حماية مصالحهم.
ولاحظت أن النتائج المنبثقة عن الجولة الأولى من الانتخابات كشفت عن قلة الخيارات المتاحة أمام الناخبين، وانحصار المنافسة في مجال ضيق، بعد قرار اليساريين عدم المشاركة، ومقاطعة أنصار الإخوان المسلمين للانتخابات بعد حظر نشاط حزبهم إثر الانقلاب العسكري.
وأشارت الصحيفة إلى أن تحالف "في حب مصر" المقرب من السيسي يسيطر على الانتخابات، في ظل تراجع كبير لحزب النور السلفي الذي لم يحصد أكثر من 11 مقعدا هذه المرة، بعد أن حصل على 22 في المئة من الأصوات في سنة 2012، وحل ثانيا بعد الإخوان المسلمين الذين حصلوا على نصف أصوات الناخبين.
وعزت "البايس" هذا التراجع الكبير إلى موقف الحزب المساند للعسكر أثناء تنفيذ الانقلاب في سنة 2013، وهو ما اعترف به الناطق باسم الحزب نادر بكار، الذي أقر بأن صورة الحزب أصبحت سلبية بسبب "أخطاء اقترفها في الماضي".
ولفتت الصحيفة إلى أنه رغم بعض الدعم الذي يتلقاه السيسي على المستوى الدولي من أطراف تتجاهل انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، فإن انعدام الأمن يكشف ضعفه وعجزه أمام صعود المجموعات الإرهابية في سيناء. وقد توالت الأخطاء وتعددت، من قتل السياح المكسيكيين، إلى وضع القنبلة على متن الطائرة الروسية، ويبدو أن السيسي الذي وعد بتوفير الأمن في مقابل الديمقراطية، فشل في توفير الاثنين، كما تقول الصحيفة الإسبانية.