نشرت مجلة سلايت الفرنسية تقريرا حول ظهور صور المرشد الأعلى في
إيران، علي
خامنئي، عند البحث عن صور ضحايا الهجوم على مسرح
باتكلان في باريس، ورأت أن خامنئي طور استراتيجية متكاملة للتواصل على الشبكة العنكبوتية، في ظل تواصل حرمان الشباب الإيراني من حقه في الولوج لهذه الشبكة بحرية، مثل بقية دول العالم.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن أحد متابعيها بعث برسالة لقسم التحرير في المجلة، نبه فيها إلى ظاهرة غريبة على موقع إنستغرام، الذي يوفر خدمة نشر الصور ومقاطع الفيديو، حيث إنه عند البحث عن وسم "باتاكلان" في الموقع، تظهر عدة صور لعلي خامنئي، عوضا عن صور ضحايا الهجمات التي هزت باريس في ليلة 13 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وعزت المجلة هذا الحضور اللافت إلى نشر خامنئي رسالة في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر، موجهة إلى شباب أوروبا وأمريكا الشمالية، يعبر فيها عن تعاطفه مع ضحايا الهجوم الإرهابي وضحايا الصراعات في العالم، وينتقد المنطق المتناقض للغرب، ويندد بإرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل.
وأشارت إلى أن خامنئي قام بنشر الرسالة بطريقة مكثفة عبر صفحاته على "تويتر" و"فيسبوك" وإنستغرام، وقد عنونها بعبارة "الهم المشترك". كما كان قد فعل الشيء ذاته على إثر هجمات شارلي إيبدو في كانون الثاني/ يناير الماضي.
واعتبرت أن هذه التوجهات الإعلامية الجديدة لرأس النظام الإيراني تتناقض تماما مع السياسية الداخلية الإيرانية في مجال الإنترنت، حيث إن هذا البلد الذي يضم حوالي 40 مليون مستخدم للشبكة العنكبوتية من جملة 78 مليونا إيرانيا، يفرض رقابة مشددة على أغلب مواقع
التواصل الاجتماعي.
فـ"تويتر" و"فيسبوك" على سبيل المثال؛ مغلقان منذ احتجاجات حزيران/ يونيو 2009 التي تلت إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، لأن هذه المواقع لعبت دورا هاما في تغذية الاحتجاجات والتواصل بين المحتجين. كما تؤكد تقارير أن إيران تقوم بعملية "تصفية" ذكية لمواقع أخرى مثل "إنستغرام"، حيث إن القانون يجرم نشر الصور الشخصية على وسائل التواصل العامة.
وأضافت المجلة أن هذه التضييقات المفروضة على الشعب لم تمنع المرشد الإيراني من جمع أكثر من 530 ألف متابع على "إنستغرام"، و168 ألف متابع على "تويتر"، و126 ألف متابع على موقع "فيسبوك". وهي أرقام تفسر بأن موقع "إنستغرام" هو الوحيد من بينها الذي لا يتم حجبه في إيران.
وقالت إن عدد التغريدات والمنشورات والصور والتعليقات يتزايد بشكل غير طبيعي، وأن انتشارها على الشبكة يشير إلى وجود فريق كامل للتواصل، يضطلع بهذه المسألة. وفي سنة 2012، بمناسبة افتتاحه حسابا على "فيسبوك"، أعلن الموقع المحافظ "بازتاب" أن الحساب ستتم إدارته من قبل فريق من مساعدي المرشد. كما أن عملية التواصل الضخمة التي تمت في الفترة الأخيرة مع شباب أوروبا وأمريكا الشمالية تؤكد أيضا وجود فريق اتصال يهتم بمواقع الإنترنت.
وذكرت أن المرشد ينشر أحيانا رسائل شخصية يوجهها للإيرانيين، مثل الرسالة التي وجهها للشباب داعيا إياهم لممارسة الرياضة. وهو ما أثار تساؤلات عديدة حول سر هذا الاهتمام بشبكة الإنترنت، في حين أن السلطات الإيرانية تمارس في الوقت نفسه سياسية الحجب والمنع من الدخول للشبكة.
وأجابت المجلة على هذه التساؤلات بالقول إن تقارير وزارة الشباب والرياضة الإيرانية كشفت أن حوالي 70 في المئة من الشباب الإيراني ينجح في تجاوز الحجب والولوج بحرية للشبكة. وهذا أمر يعلمه المسؤولون الإيرانيون الذين يضيقون على استعمال الإنترنت، ويستعملونها في الوقت نفسه للتواصل والدعاية، مثل الرئيس السابق علي أكبر رفسنجاني، والرئيس الحالي حسن روحاني، الذي يحظى بأكثر من 410 ألف متابع.
ولفتت إلى أن الاستراتيجية الاتصالية لحسن روحاني، الذي اعترف بأنه لا يكتب تغريداته وتدويناته بنفسه، تهدف إلى جعله يظهر أكثر اعتدالا وجاذبية أمام العالم، وأكثر انفتاحا على هموم العالم الخارجي، وهي الاستراتيجية ذاتها التي يعتمدها على الأرجح خامنئي وعدة زعماء آخرين حول العالم، من بينهم أيضا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.
وأوضحت أن هذه الاستراتيجية التي تعتمد على شبكة الإنترنت تبقى سلاحا ذو حدين، وقد تؤدي لمواقف محرجة، فقد تلقى المرشد عند افتتاحه لصفحته على "فيسبوك" أسئلة صعبة، من قبيل: "كيف تجاوزت قرار الحجب المفروض على هذا الموقع في إيران؟ وهل يمكنك إنهاء هذه السياسية؟