الشارع التركي يقف إلى جانب الحكومة التركية في حادثة إسقاط المقاتلة الروسية التي اخترقت المجال الجوي التركي، ويرى أن من حق تركيا أن تحمي أجواءها وحدودها، وهو لا يخاف من العقوبات
الاقتصادية التي فرضتها
روسيا على المنتجات التركية ولا من الخطوات الأخرى التي يمكن أن يقدمها
بوتين ضد تركيا.
حزب العدالة والتنمية الذي شكَّل الحكومة قبل أيام برئاسة أحمد داود أوغلو، حصل في الأول من الشهر الماضي على حوالي 50 بالمائة من أصوات الناخبين. وتشير نتائج استطلاع للرأي أجرته شركة "ماك" للدراسات إلى أن شعبية حزب العدالة والتنمية ما زالت ترتفع منذ إجراء الانتخابات الأخيرة، وأن 53 بالمائة من الناخبين يقولون إنهم سيصوتون لحزب العدالة والتنمية لو أجريت اليوم انتخابات. وهذا يعني أن الحكومة التركية التي تدير الأزمة حاليا مع روسيا تتمتع على الأقل بتأييد 53 بالمائة من المواطنين.
وهناك استطلاع رأي آخر أجرته شركة "غزيجي" للدراسات، يؤكد أن التأييد
الشعبي للحكومة التركية في حادثة إسقاط المقاتلة الروسية بالتحديد يفوق كثيرا شعبية حزب العدالة والتنمية، ويشير إلى أن 91.6 بالمائة من المواطنين يؤيدون قرار إسقاط المقاتلة الروسية بسبب اختراقها للأجواء التركية فيما يرى 8.4 بالمائة فقط أنه كان قرارا خاطئا.
ويقول 74.7 بالمائة، إن رئيس الجمهورية رجب طيب
أردوغان، قام بإدارة الأزمة بعد إسقاط المقاتلة الروسية بشكل جيد، فيما يرى 19.1 بالمائة خلاف ذلك. واللافت في النتائج أن 67 بالمائة من أنصار حزب الشعب الجمهوري و88 بالمائة من أنصار حزب الحركة القومية يؤيدون أردوغان في طريقة إدارة الأزمة الأخيرة.
مراد غزيجي، صاحب شركة الدراسات التي أجرت استطلاع الرأي الأخير، يقول في تعليقه على النتائج إن حادثة إسقاط المقاتلة الروسية دفعت الشعب التركي بمختلف أطيافه إلى الالتقاء في نقطة مشتركة، مؤكدا أن نتائج الاستطلاع أظهرت أن 53.5 بالمائة من المواطنين يؤيدون الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي الذي يدعو إليه أردوغان، لأنهم يريدون أن تكون تركيا قوية ومستقرة، ويرون أن الطريق إلى تحقيق ذلك يمر عبر تغيير النظام من البرلماني إلى الرئاسي.
وهذا يعني أن الشعب التركي سوف يوافق على التعديل الدستوري بشأن الانتقال إلى النظام الرئاسي أو شبه الرئاسي، في حال تم عرضه على الاستفتاء الشعبي.
التصعيد الروسي الذي يقوده بوتين ضد تركيا منذ إسقاط المقاتلة الروسية دفع بعض الأحزاب التركية المعارضة أيضا للوقوف إلى جانب أردوغان والحكومة، واعتبار الحادثة وما بعدها قضية وطنية يجب إبعادها عن المناكفات السياسية الداخلية. وفي أبرز مثال لهذا الموقف، استنكر رئيس حزب الحركة القومية دولت باهتشلي بشدة الاتهامات الروسية الموجهة إلى أردوغان وعائلته بالتورط في تجارة النفط مع "داعش"، مشددا على أن هذه الاتهامات المسيئة إلى رئيس الجمهورية جرحت مشاعر الأتراك الوطنية. وذكر باهتشلي أن بوتين ورجاله يقومون بالتصعيد ويستخدمون لغة حادة وسامة.
الشارع التركي يرفض أن تعتذر تركيا إلى روسيا مهما أعلنت الأخيرة قرارات عقابية مثل فرض عقوبات اقتصادية على المنتجات التركية، ولكنه لا يرى من الضروري أن تتعامل تركيا بالمثل في التصعيد. وفي استطلاع الرأي الذي أجرته شركة "غزيجي" للدراسات، فإنها وجّهت إلى المواطنين الذين استطلعت آراؤهم سؤالا حول فكرة فرض تركيا عقوبات اقتصادية على روسيا، ورفض 84.2 بالمائة منهم هذه الفكرة فيما أيدها 12.7 بالمائة.
قراءة نتائج استطلاعات الرأي هذه تخبرنا أن الشعب التركي لا يرى أن هناك ما يدعو إلى التراجع والاعتذار، ولكنه يأمل في أن تنتهي الأزمة مع روسيا في أقرب وقت ممكن، ومستعد لمواجهة التصعيد الروسي وجميع الخطوات الأخرى التي يمكن أن يقدمها بوتين، إلا أنه لا يريد أن تكون تركيا هي الطرف الذي يقوم بالتصعيد، ويقف إلى جانب الحكومة التركية، ويثق بها وبرئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان في إدارة الأزمة مع موسكو.