من ضواحي لوس أنجلوس إلى أطراف العاصمة واشنطن، تعمل
المساجد في أنحاء الولايات المتحدة بخطى حثيثة على تعزيز أمنها وسط مخاوف متزايدة من شن هجمات انتقامية على
المسلمين.
وتعكس المخاوف الأمنية المتزايدة التي تحدث عنها المسلمون في الولايات المتحدة والإجراءات التي يتخذونها، مثل استئجار حراس مسلحين، الوجه الآخر لقلق العامة المتزايد من الهجمات الإرهابية المستلهمة من نهج تنظيم الدولة في باريس وسان برناردينو بولاية كاليفورنيا.
ويقول زعماء للمسلمين، إن دعوة دونالد ترامب، المرشح المحتمل للرئاسة الأمريكية عن الحزب الجمهوري، لمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة زادت المخاوف من وقوع ردود فعل عنيفة تجاه المسلمين في المساجد والمراكز الخاصة بهم.
وقال أسامة الشامي، وهو رئيس أحد المساجد في فونيكس: "نحن دائما قلقون بشأن الهجمات الفردية".
ويعمل المسجد مع وزارة الأمن الداخلي على مراجعة تدابيره الأمنية منذ وقوع هجمات باريس الشهر الماضي.
وفي مطلع الأسبوع الجاري ألقت الشرطة القبض على رجل يبلغ من العمر 23 عاما للاشتباه في إشعاله النيران في مسجد بجنوب كاليفورنيا، في ما وصفته السلطات بأنه جريمة كراهية.
ووقع الحادث في أعقاب مقتل 14 شخصا في سان برناردينو في 2 كانون الأول/ ديسمبر، على يد سيد رضوان فاروق المولود في الولايات المتحدة (28 عاما) وزوجته تشفين مالك المولودة في باكستان (29 عاما).
ولم تذكر السلطات ما إذا كان المشتبه به بحادثة المسجد قد أقدم على فعلته انتقاما من إطلاق النار في سان برناردينو.
ولم يسفر الحريق الذي أُشعل يوم الجمعة في مدخل مسجد تابع للجمعية الاسلامية في كواتشيلا فالي، عن وقوع إصابات. لكن الحريق تسبب في تفحم مدخل المبنى وتناثر بعض الحطام.
ويجري مكتب التحقيقات الاتحادي تحقيقا بشأن جريمة كراهية محتملة أخرى وقعت في فيلادلفيا عندما ألقى شخص يقود شاحنة رأس خنزير على مسجد.
واضطر مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، وهو جماعة ضغط، يوم الخميس، إلى إخلاء مكاتبه في مبنى "الكابيتول هيل" بعد تلقيه خطابا يحتوي على مسحوق أبيض.
وقالت مها سيد، وهي محامية في المجلس، إن الخطاب تضمن رسالة تقول: "موتوا موتا مؤلما أيها المسلمون". وقالت المحامية: "خوفنا وصل لأعلى مستوياته هذه الأيام، نظرا للخطاب المعادي للمسلمين حاليا".
حراس الأمن "الخائفون"
ونظرا لتزايد التوتر، فإن بعض المساجد تقول إنها تجد صعوبة في استئجار حراس الأمن وضمان استمرارهم.
وقال رضوان جاكا، وهو رئيس جمعية إسلامية كبيرة في منطقة ديلوز بولاية فرجينيا، وهي ضاحية تابعة لواشنطن، إن حراس الأمن رحلوا فجأة بعد وقوع حادث إطلاق النار في سان برناردينو. وأضاف: "استقال حراس الأمن بسبب خوفهم من التعرض لأذى إذا وقعت ردود فعل عكسية... الناس خائفون".
وتستأجر المساجد الآن حراسا مسلحين. وقال محمد مجيد، إمام المسجد، إن اجراءات الأمن تزايدت في الأنشطة التي يشارك فيها أطفال. وأضاف: "نشعر بالقلق بشأن الشعور نحو المسلمين في المجتمع الأكبر".
وقال جاكا إن مسؤولي أمن اتحاديين أجروا تقييما أمنيا للمسجد بعد حادث سان برناردينو.
وفي مركز "إيست بلانو" الإسلامي، الواقع قرب مدينة دالاس بولاية تكساس، قال نديم بشير وهو إمام مسجد المركز؛ إن المسجد استأجر حارسا مسلحا لأول مرة على الإطلاق منذ وقوع هجمات باريس. وأضاف: "نحاول فقط تكثيف جهودنا في المجتمع وتحسين صورتنا".
وأنفق مسجد في كورونا بولاية كاليفورنيا عشرة آلاف دولار على مدى الأسبوعين الماضيين لزيادة الإجراءات الأمنية.
وتتشابه كورونا مع سان برناردينو، فهي ضاحية تقطنها الطبقة العاملة وتقع على الجانب الشرقي من لوس أنجلوس.
وقال الإمام أوبير كاتشي لـ"رويترز"، إن المسجد الآن يطلب تبرعات من رواد المسجد لتعويض هذه النفقات.
ووضعت جمعية "كورونا-نوركو" الإسلامية، بيانا في صدر موقعها على الإنترنت، تندد فيه بهجوم سان برناردينو. ووضع مسجد الجمعية تحت المجهر بعدما تبين أن إنريكي ماركيز، الذي ورد البنادق المستخدمة في هجوم سان برناردينو، زاره مرة.
وقال البيان: "الأقلية المسلمة تقف كتفا بكتف مع الإخوة الأمريكيين في التبرؤ من أي عقلية ملتوية قد تدعي لتبرر مثل هذه الأفعال العنيفة المقززة. ندعو الجميع لتوخي الحذر".
ولا ترى كل المساجد حاجة لتشديد الأمن. وقال مفتي إكرام الحق، من مسجد الاسلام في رود آيلاند، إن المسجد يعتمد على تواجد الشرطة في أوقات الصلاة. وقال: "لدينا نظام مراقبة. ونغلق أبوابنا ولدينا نظام إنذار". وأضاف أن الشرطة المحلية "تزيد الدوريات حول دور عبادتنا، وهذا يعطينا إحساسا كافيا بالأمن".
ولن يصدر مكتب التحقيقات الاتحادي أي أرقام بشأن جرائم
الكراهية في 2015، قبل بداية العام المقبل. ويقول بعض المنتقدين، ومن بينهم مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، إن الإحصاءات الرسمية تقلل من عدد الوقائع المتعلقة باستهداف المسلمين.
وأظهرت بيانات المكتب في 2014، نحو 16 في المئة فقط، من بين 1140 جريمة كراهية دينية تتعلق بالتحيز المعادي للإسلام.
وقال مارك بوتوك، وهو زميل كبير في مركز الفقر الجنوبي القانوني وهو جماعة حقوقية مقرها في مونتغمري بولاية ألاباما: "ليس هناك شك في أن لدينا فيضا من الكراهية المعادية للمسلمين وجرائم الكراهية".