اعتبر محللون وسياسيون أنّ حزب "حراك
تونس الإرادة"، الذي أعلن الرئيس التونسي السابق محمد منصف
المرزوقي عن تأسيسه رسميا الأحد، سيستفيد كثيرا من حالة "الانكماش السياسي" في البلاد، فيما استبعدوا إمكانية أن يتزعّم المشهد السياسي أو المعارضة في الوقت الحالي.
وقال الإعلامي والكاتب صلاح الدين الجورشي التونسي، لـ"عربي21"، إنّ الحكم على مدى استفادة "حراك تونس الإرادة" من الوضع الراهن الذي تمر به الحالة السياسية في البلاد؛ يرجع بالأساس إلى قدرة أصحاب هذه المبادرة على حسن إدارة الشأن السياسي من موقع المعارضة.
ورأى الجورشي أنّ "الحراك" قد يستفيد من الحالة السياسية في البلاد، لكن ذلك مرهون بنوعية الأفكار والاقتراحات التي سيتم الاعتماد عليها من أجل إقناع المواطنين بجدوى هذا "الحراك".
محاولة ذكية
وقال الجورشي إن اختيار المرزوقي هذا التوقيت هو "محاولة ذكية لاستثمار المناخ الذي تتخبط فيه الطبقة السياسية، وخاصة نداء تونس الذي باستمرار صراعاته الداخلية وانقسامه يعطي انطباعا واضحا لدى قطاعات واسعة من المواطنين بأن هذا الحزب لم يرتق إلى مستوى التحديات وإلى موقع المسؤولية التي حصل عليها بعد الانتخابات"، وفق تعبيره.
واستبعد الجورشي أن تكون أزمة نداء تونس كافية وحدها كي تعطي "حراك تونس الإرادة" حظوظا قوية لوراثة المعارضة وتزعمها؛ "لأن الوضع السياسي في تونس أكثر تعقيدا مما يتصوره البعض".
منافس للنهضة
وأشار إلى أن حركة النهضة بقواعدها، التي سبق لها أن دعمت المرزوقي في انتخابات العام الماضي، ليست معنية بالوقوف مجددا إلى جانب هذه المبادرة، مؤكدا أنّ "النهضة" ستكتفي بمتابعتها عن بعد، وفق تقديره.
وأضاف: "لا أتصوّر اليوم أن تتجاوز قواعد النهضة، التي دعّمت المرزوقي، الانضباط الحزبي لتنخرط في "الحراك"؛ لأنه سيكون حزبا منافسا للنهضة وليس حليفا له".
واعتبر الجورشي أنّ وجود "الحراك" يضفي حركية جديدة على الحياة السياسية، لافتا إلى ضرورة انتظار ما سيفعله على مستوى الواقع للحكم عليه بشكل موضوعي.
إعادة ترتيب البيت
من جانبه، قال المحلّل السياسي وأستاذ القانون الدستوري، جوهر بن مبارك، لـ"عربي21"، إنّ تأسيس "حراك تونس الإرادة" ينطوي على رغبة لدى حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في إعادة ترتيب البيت الذي استفاد منه مؤسّسه المرزوقي في الانتخابات الرئاسية العام الماضي.
وأضاف بن مبارك أنّ المرزوقي جمع حوله جزءا كبيرا من الأنصار، "وهو ما يدعوه إلى تنظيم المجموعة التي التفت حوله في الانتخابات الرئاسية باعتبارها قوة سياسية موجودة واقعا بحكم الانتخابات، وما أفرزته من موازين قوى"، وفق تعبيره.
"الحراك" يستفيد من النهضة
واستبعد بن مبارك أن يستفيد "الحراك" من أزمة نداء تونس، على الأقل في الوقت الحاضر، استنادا إلى اختلاف الأدبيات السياسية للقوتين، لافتا إلى أنّ الحزبين لا يشتغلان على القاعدة الانتخابية نفسها.
ورأى أنّ "الحراك" "قد يستفيد من الأزمة غير المعلنة داخل النهضة، على أساس الخيارات السياسية للحركة بعد الانتخابات، حيث يرى عدد مهم من منتسبي النهضة من القيادات الوسطى وحزامها الانتخابي والقواعد؛ أن الحركة أخطأت بتحالفها مع حزب النداء تونس وقبولها بخياراته"، وفق قوله.
البحث عن البديل
ولاحظ أمين عام حزب التيّار الديمقراطي، محمد عبّو، في تصريح لـ"عربي21"، أنّ فئة واسعة من التونسيين يبحثون عن بديل للأحزاب المُكوّنة للمشهد السياسي في البلاد، ورأى أنّ ذلك لن يكون حركة النهضة أو نداء تونس بشقيه.
وأشار عبّو إلى أنّ "حراك تونس الإرادة" سيكون واحدا من بين
الأحزاب التي ستقدم نفسها بالشكل الذي تراه مناسبا في الساحة السياسية، بهدف جلب الأنصار وتحقيق الأصوات في الانتخابات القادمة.
في خطّ الثورة
وأكّد المحامي عبّو، الذي شغل أيضا منصب أمين عام حزب المؤتمر قبل أن يستقيل منه، أنّ حزبه (التيار الديمقراطي) ليس معنيا بالدخول في أيّ تحالف، في إشارة إلى "حراك" المرزوقي، "لكن يبقى الباب مفتوحا أمام أيّ حزب من الأحزاب إذا شعرت بضعف، على أن يكون ذلك في إطار جبهة أو اندماج في مدة زمنية محدّدة"، على حدّ تعبيره.
وأضاف: "سنتعامل مع حزب "حراك تونس الإرادة"، الذي نفترض أن يكون في خطّ الثورة، من منطلق حماية المسار الديمقراطي في البلاد، وتقديرنا لمؤسسه الدكتور المرزوقي وقياداته"، كما قال.