يعتبر البريغادير جنرال حسين حمداني، أرفع قائد في
الحرس الثوري الإيراني يلقى مصرعه في
سوريا حتى الآن، وكان
تنظيم الدولة قد تبنى في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر العملية التي استهدفت هذا الجنرال.
ووصف ممثل للزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي، في الحرس الثوري وقائع مقتل حمداني الذي لعب دورا حيويا في المجهود
الحربي الإيراني في سوريا، كما نشر تفاصيله موقع "انتخاب" الإخباري في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر.
وكان مصرعه حدثا اعتبر بمثابة بداية لتطور جديد في الدور العسكري الإيراني في سوريا التي يعتقد خبراء أن طهران أرسلت إليها ما يصل إلى 3000 جندي.
وتوضح حصيلة جمعتها مجموعة من المواقع الإيرانية أن ما يقرب من 100 مقاتل أو مستشار عسكري من الحرس الثوري، من بينهم أربعة على الأقل من كبار القادة قتلوا في سوريا منذ أوائل تشرين الأول/ أكتوبر.
وهذا العدد يمثل ما يقل قليلا فقط عن مجموع الخسائر البشرية التي مني بها الحرس في سوريا منذ بداية عام 2012.
وقد اجتذبت الحرب السورية قوى متباينة، حيث تحالفت إيران مع روسيا لدعم الرئيس بشار الأسد، بينما أيدت السعودية وتركيا وقطر فصائل المعارضة.
وتشن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، غارات في سوريا تستهدف في الأساس تنظيم الدولة الذي يسيطر على مساحات واسعة من الأراضي السورية والعراقية.
وأدى الصراع إلى اشتداد حدة التوتر الطائفي في مختلف أرجاء المنطقة، إذ سعت إيران لحشد مقاتلين شيعة من العراق ولبنان وأفغانستان وباكستان لمقاتلة المعارضة المؤلفة من قوى سنية في الأساس.
وذكرت تقارير، السبت، أن غارة جوية إسرائيلية أسفرت عن مقتل أحد قادة حزب الله في دمشق، في أحدث هجوم من جانب القوات الإسرائيلية على الجماعة التي تدعمها إيران في سوريا.
وفي حين وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الجمعة، على قرار يدعم خططا لبدء عملية سلام في سوريا، فإنها لا تزال العقبات التي تقف في طريق إنهاء الحرب كبيرة في ظل عجز أي طرف عن تحقيق نصر عسكري حاسم.
ثمن فادح
ويعد مقتل أفراد في الحرس الثوري مؤشرا على تزايد الدور الإيراني في القتال الدائر في سوريا، والثمن الفادح الذي يدفعه جنود الحرس لدعم الجيش السوري الذي يعاني تحت وطأة حرب مستمرة منذ ما يقرب من خمس سنوات.
وقال هلال خشان، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في بيروت: "زاد الإيرانيون نطاق مشاركتهم العسكرية المباشرة في الصراع في الغالب للتعويض عن الاستنزاف الشديد بين وحدات الجيش السوري".
واضطر الجيش السوري في الآونة الأخيرة للعب دور ثانوي، بينما اضطلعت إيران والمليشيات المتحالفة معها بالدور القيادي في الحرب على المعارضة.
وقال دبلوماسي غربي في بيروت، طلب عدم الكشف عن هويته: "الجيش العربي السوري مؤسسة محبطة، وثمة عمليات هروب من الخدمة وفرار" من القتال.
وتم توقيت زيادة المشاركة الإيرانية في الصراع، خاصة في القتال من أجل السيطرة على مدينة حلب، بالتنسيق مع بدء حملة القصف الجوي الروسية في أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي.
وأبدى الإيرانيون التزامهم بالجهد الجديد والعمليات المنسقة على الأرض، وذلك بإرسال قادة كبار مثل حمداني الذي لعب دورا رئيسا في قمع الاحتجاجات في أعقاب انتخابات الرئاسة عام 2009 في إيران.
وسمح تدفق القوات الإيرانية واقترانها بالدعم الجوي الروسي للجيش السوري بكسر حصار قاعدة "كويريس" الجوية في محافظة حلب في أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر، غير أن التحالف الجديد لم يحقق في ما عدا ذلك سوى مكاسب إضافية حول حلب.
وفي حين أن حمداني استهدفه تنظيم الدولة، فقد لقي معظم من مات من قادة الحرس الثوري في الآونة الأخيرة مصرعهم في القتال.
وقال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يرصد تطورات الحرب عن قتلى إيران إنهم "قتلوا في الاشتباكات".
وهذا ليس بالتطور الجديد بالنسبة لإيران، إذ إن قادة الحرس كانوا يزورون القوات على الخطوط الأمامية بانتظام خلال الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات. وكانت تلك الزيارات وسيلة لرفع المعنويات وإظهار الترابط والتلاحم بين القادة والجنود العاديين.
وقال محسن سازجارا، الذي شارك في تأسيس الحرس الثوري وأصبح الآن منشقا يعيش في الولايات المتحدة: "خلال الحرب الإيرانية العراقية كان الوضع هو نفسه، فكان ضباط كبار من الحرس الثوري يتوجهون للخطوط الأمامية وكانوا يقتلون في بعض الأحيان".
الخطوط الأمامية
من بين القادة الذين عمدوا إلى زيارة الخطوط الأمامية في سوريا قاسم سليماني، قائد فيلق القدس المكلف بتنفيذ مهام الحرس خارج الحدود الإيرانية.
وفي الشهر الماضي، قالت جماعة معارضة إيرانية، إن سليماني أصيب بجروح في اشتباكات بالقرب من حلب، وذلك رغم أن وسائل الإعلام الإيرانية نقلت فيما بعد عنه قوله إنه لم يصب بسوء.
اقرأ أيضا: نشر فيديو لسليماني لتأكيد عدم إصابته بسوريا (شاهد)
والإيرانيون الذين يلقون حتفهم في سوريا الآن ليسوا من فيلق القدس وحده. فمنذ شهور يرسل الحرس الثوري أفرادا من مقاتليه العاديين ليس لهم أي خبرة بالقتال خارج حدود بلادهم، وذلك للمشاركة في الحرب الدائرة في سوريا، ونتيجة لذلك اضطرت مؤسسة الحرس للتكيف مع التطورات.
وقال علي الفونة، الباحث الزميل بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات والخبير في شؤون الحرس الثوري: "الحرس الثوري يغير نتيجة الحرب في سوريا، لكن الحرب في سوريا تعمل أيضا على تغيير طبيعة الحرس الثوري".
وأضاف أن "عواقب الحرب في سوريا على الحرس الثوري ضخمة، ففيلق القدس اعتاد أن يكون جزءا صغيرا جدا من الحرس الثوري، وأنتم تشهدون الآن تحول الحرس الثوري إلى فيلق قدس كبير".
وفي الوقت الحالي لا يبدو أن العدد الكبير من الوفيات في فترة قصيرة نسبيا قلل التزام الحرس الثوري بالصراع في سوريا.
وقال خشان: "باستطاعة إيران أن تحافظ على المستوى الحالي لمشاركتها في سوريا بل وزيادته، والانسحاب في هذه المرحلة المتقدمة في الصراع سيأتي بنتائج عكسية".
ورغم من سقطوا من قتلى في الاشتباكات في سوريا، فإنه لم يحدث رد فعل معاكس على المستوى الشعبي للمشاركة في الحرب أو للحرس الثوري في ما بين الإيرانيين العاديين.
ويرجع هذا في جانب كبير منه إلى أن كثيرين تقبلوا، إلى حد ما، رسالة الحكومة أن تنظيم الدولة الذي هدد بشن هجمات في إيران يمثل خطرا وجوديا.
وقال الفونة: "لا أحد يريد سفك دماء إيرانية لإنقاذ عرش بشار الأسد، لكن الجميع يكرهون تنظيم الدولة".
وأضاف أن "الشعب فخور بمشاركة أفراد من أسرته في القتال، بل وفقدوا حياتهم في مقاتلة قوة مناهضة لإيران ومناهضة للشيعة، وهم يعتقدون عموما أنهم مصيبون في هذا الموقف".