أكد الباحث في معهد واشنطن مايكل نايتس، أن رؤية أمريكا تجاه حربها على
تنظيم الدولة رؤية قاصرة ومحدودة، مطالبا إياها بالاستعداد للحروب القادمة بعد هزيمة التنظيم، حتى يتسنّى لها درء النزاعات المقبلة في الشرق الأوسط، أو الحد منها، أو الانتصار فيها.
وقال نايتس إن هزيمة الدولة ليست معقدة، ولكن هناك عائقا واحدا يحول دون تحقيق هذا النصر، وهو "انعدام الوحدة وقلة الاندفاع من قبل معارضيها"، على حد وصفه.
وأشار إلى أنه إذا كان هدف الولايات المتحدة ومصلحتها في الشرق الأوسط يتمحوران حول محاربة تنظيم الدولة فحسب، يمكن عندها اعتبار الاستراتيجية الحالية كافية ووافية.
واستدرك بالقول: "ولكن يجب على الولايات المتحدة أن تأخذ بعين الاعتبار الحروب المتعددة المنضوية في إطار الحرب ضد تنظيم الدولة، التي بدأت تظهر ملامحها. فالدول الإقليمية تبقى متيقظة، إذ تملك رؤية متوازنة عن اللعبة الجيوستراتيجية طويلة الأمد، وليس فقط قضية تنظيم الدولة قصيرة الأمد".
وشدد الباحث على أن هزيمة تنظيم الدولة تشكل الهاجس الأكبر بالنسبة إلى واشنطن، إلا أن ذلك لا يشكل الأولوية القصوى لمعظم الجهات الفاعلة المحلية المصطفة ضد التنظيم على الأرض. وحقيقة الأمر هي أنه لا يوجد فريق متماسك من الحلفاء يحارب تنظيم الدولة.
وأوضح نايتس أن الحرب اليوم على تنظيم الدولة ما هي إلا واحدة من عدة حروب تدور حاليا أو يتم الإعداد لها في مختلف أنحاء المنطقة. ففي عدة حالات، تحارب الجهات الفاعلة تنظيم الدولة فقط للتموضع بشكل أفضل في النزاعات الأخرى.
ونوه إلى أنه لدى جميع حلفاء الولايات المتحدة وخصومها أهداف أكثر تعقيدا بكثير من تقويض تنظيم الدولة وهزيمته. وبالنسبة إليهم، تشكل المعركة الحالية لعبة تموضع للعمل الحازم فعليا، الذي سيبدأ سرعان ما يتم إلحاق الهزيمة بالتنظيم.
الحلفاء يسعون لتعزيز السيطرة على الأرض
وأكد الباحث على أن الأولوية القصوى لمعظم اللاعبين تقوم على تعزيز سيطرتهم على الأرض. فالأكراد في
سوريا والعراق هم في صدد فرض مطالبهم طويلة الأمد المرتبطة بالأراضي.
ونوه إلى أن الجماعات المدعومة من إيران، على غرار "فيلق بدر"، تقوم بإرساء إمارات في مناطق عراقية مثل ديالى وطوزخورماتو. ويسعى أبو مهدي المهندس -أبرز وكيل إيراني في
العراق، وإرهابي مدرج على لائحة الولايات المتحدة للإرهاب كان قد تورط في مقتل جنود أمريكيين وبريطانيين- إلى إدراج "وحدات الحشد الشعبي" بسرعة ضمن مؤسسة دائمة جديدة أشبه بوزارة، تملك ميزانية وبنى تحتية، وذلك لدرء خطر التسريح بعد زوال تنظيم الدولة.
وشدد الباحث على أن المهندس يطمح إلى بناء جيش موازٍ جديد مساوٍ لـ"فيلق الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني وتابع له، ما يعزز الجهود الإيرانية الرامية إلى الاستيلاء على القيادة السياسية والدينية في العراق.
وأما بالنسبة للاعبين غير المنتمين إلى الائتلاف أيضا، فإنهم، بحسب نايتس، يسعون لتوطيد علاقاتهم مع جهات خارجية داعمة جديدة. فنظام الأسد في سوريا يسعى إلى التكامل مع الآلة العسكرية الروسية.
ويرى الباحث أن الجماعات السنية السورية تقوم بتوطيد روابطها العسكرية مع المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا. وتستمر الجماعات المدعومة من إيران في العراق بترسيخ علاقاتها مع روسيا وإيران. ويرحب
الأكراد العراقيون بوجود الائتلاف الدولي على أرضهم، حيث تمركزت مؤخرا قوات برية تركية جديدة، الأمر الذي ولّد مقاومة بلاغية عنيفة من جانب بغداد.
استعدادات للحرب القادمة
وقال نايتس إن استعدادات اللاعبين المحليين للحرب، أو على الأرجح الحروب المقبلة، تساعد على تفسير التقدم البطيء الذي أُحرز حتى الآن في المعركة ضد تنظيم الدولة.
وفي التفاصيل، أكد أن القادة الأكراد العراقيين يتكلمون بكل صراحة عن معركتهم القادمة مع المليشيات الشيعية والقوى الأخرى المدعومة من بغداد، على طول الحدود المتنازع عليها مع الحكومة الاتحادية العراقية.
ونوه إلى أن "قيادة عمليات بغداد" تبقي على ما يقرب من نصف وحداتها العسكرية العراقية الهجومية كقوات احتياط في العاصمة، بالرغم من تراجع خطر شن تنظيم الدولة لهجوم على بغداد. ولِماذا الأمر كذلك؟ الجواب: لمواجهة خطر المليشيات الشيعية.
وأضاف أن الأكراد في سوريا يستعدون لحرب مستقبلية ضد تركيا؛ للمحافظة على دويلتهم الفعلية على أرض الواقع على طول الحدود التركية السورية.
وأشار إلى أن جميع هذه الجهات الفاعلة ستستخدم الأسلحة التي حصلت أو استولت عليها خلال الحرب الحالية ضد تنظيم الدولة لخوض حروب الغد ضد بعضها البعض، على حد وصفه.