كتب محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "الغارديان" إيان بلاك، عن بدء الاتفاق
النووي الذي تعاملت معه
إيران باعتباره اتفاقا تاريخيا، فيما تنظر إليه
السعودية ودول الخليج بقلق وغضب.
ويقول الكاتب إن رفع الولايات المتحدة العقوبات عن عدوة السعودية هو آخر حلقة من مسلسل عدم الثقة بين البلدين.
ويضيف بلاك أن السعودية لم ترفض رسميا الاتفاق الذي وقعته مجموعة "الخمسة+واحد" مع إيران بتقييد برنامجها النووي، ولكنها راقبت بنوع من القلق والغضب ما رأت فيه الولايات المتحدة محاولة لاسترضاء عدو لا يوثق به على حساب حليف وفيّ للولايات المتحدة.
ويشير التقرير إلى أن المليارات خسرت من البورصة السعودية وبورصات دول الخليج في اللحظة التي أعلن فيها عن عودة الجمهورية الإسلامية إلى سوق النفط العالمي، في وقت يؤثر فيه انخفاض أسعار النفط على السعوديين، وهو ما يجبرهم على القيام باتخاذ إصلاحات اقتصادية غير مسبوقة.
وتذهب الصحيفة إلى أن هناك خشية في السعودية من جرأة إيران، التي ستحصل على المليارات من موارد النفط والاستثمارات، على تكثيف نشاطاتها في منطقة تعاني من الفوضى وعدم الاستقرار.
وينقل الكاتب عن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، قوله: "كل دولة في العالم قلقة حول هذا الموضوع"، وأضاف: "سجل إيران كان دائما حافلا بالحرب والدمار والإرهاب وزعزعة الاستقرار والتدخل في شؤون الدول الأخرى".
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أنه حتى قبل رفع العقوبات عن إيران، فقد بدا عمق العداء وعدم الثقة بين الرياض وطهران، من خلال قرار السعودية إعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر، مشيرا إلى أن إيران ومنظمات حقوق الإنسان شجبت القرار. وعندما هوجمت السفارة السعودية من إيرانيين، مع تحذير إيراني بالعقاب الإلهي، أعلنت الرياض عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وجذب موقف الأخيرة الشيعة في المنطقة الشرقية، الذين يشك بولائهم.
وتلفت الصحيفة إلى أن العلاقات بين البلدين كانت في حالة من التوتر، خاصة عندما استخدمت إيران حادث الحج في العام الماضي للهجوم على السعودية، مستدركة بأن العداء بين البلدين له جذور عميقة، من خلال دعم إيران لحزب الله اللبناني، وبشار الأسد في سوريا، والحكومة التي يسيطر عليها الشيعة في العراق، بالإضافة إلى التأثير على شيعة البحرين واليمن، اللتين تعدان الحديقة الخلفية للسعودية.
ويقول بلاك إن التنافس الإقليمي بين البلدين تتداخل فيه المواقف النمطية والعدائية التاريخية بين العرب والفرس والسنة والشيعة، لافتا إلى أن المخاوف التي يبديها كل طرف تجاه الآخر والطائفية هما أداتان تستخدمان في هذه المنافسة، كما يرى المحلل السياسي جمال خاشقجي.
ويفيد التقرير بأنه في الوقت الذي تتهم فيه إيران السعودية بخلق تنظيم الدولة، وهو اتهام يرفضه السعوديون، يرد هؤلاء بالقول إن تدخل إيران في الأرض العربية فتح مجالا لنشوء الجماعات الجهادية. ويستخدم البلدان اللغة الأخلاقية والتضامن، "فالسعوديون يتحدثون عن الجياع السوريين، وليس الجوع في اليمن" بحسب معلق، "وهو الأمر ذاته بالنسبة للإيرانيين".
وتجد الصحيفة أنه لم يكن مفاجئا أن يستقبل السعوديون الفرحة الدولية برفع العقوبات عن إيران بتذكير ساخر من السعوديين بأن الموضوعات غير النووية لم تتم معالجتها في الاتفاق: الخوف من الحرس الثوري الإيراني الذي يقود العمليات الخارجية.
وينقل الكاتب عن المحلل السعودي محمد اليحيى قوله: "قايض (آية الله علي) خامنئي القنبلة النووية، التي لم يكن يملكها، بشيك مفتوح يتدخل من خلاله الحرس الثوري الجمهوري في المنطقة، وجرد مجموعة الخمسة +واحد من أي نفوذ على إيران".
ويقول بلاك إن "الجبير، الذي يتحدث بفصاحة وطلاقة، لديه فكرة أفضل عندما قال إن على إيران أن تقرر ما إذا أرادت أن تكون ثورة أم دولة. ويرفض السعوديون مفهوم الغرب عن إيران بتحولها إلى دولة ما بعد الثورة الراغبة ببناء علاقلات طبيعية ومعتدلة مع العالم، رغم أنها تحكم من رجال دين".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أنه لأسباب مماثلة لإسرائيل، فإن السعودية تخشى من كون إيران منتعشة وخارجة من العقوبات، كي تمارس سياستها دون قيد في المنطقة، مع أنهما تبالغان في الخطر، والسؤال هنا هو عما إذا كانت مواقفهما المتشددة ستتصبح نبوءة تتحقق.