نشرت صحيفة دي فيلت الألمانية تقريرا نقلت فيه شهادات فارّين من مناطق سيطرة
تنظيم الدولة، وأظهرت من خلالها أن تنظيم الدولة بأسلوبه العنيف والمرعب، حوّل الجميع إلى أعداء له، بما في ذلك بعض السُنّة الذين كانوا يحلمون برفع الظلم عنهم والعيش في رخاء تحت راية هذا التنظيم.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن قيم العدالة والمساواة التي وعد بها تنظيم الدولة في العراق وسوريا تحولت إلى سراب بعد سنتين من إعلانه لخلافته، وكل ما أصبح يشعر به الناس تحت حكمه هو خيبة الأمل والرعب واليأس.
ونقلت الصحيفة شهادة اللاجئ السوري محمد سعد، الذي تحدث عن عمليات التعذيب التي تعرض لها مع رفاق له في السجن؛ حيث تعرضوا للتعليق والضرب، بحضور قيادات دينية لهذا التنظيم، كانت تقدم تبريرات دينية لمعاقبة هؤلاء السجناء "الذين تجرأوا على طرح الأسئلة".
ونقلت الصحيفة عن محمد قوله: "إن تنظيم الدولة أصبح مرتبطا في أذهان الناس بالرعب؛ لأن الوعود التي أغدقها عندما أعلن دولته، صدقها في البداية العديد من السنة الذين ضاقوا ذرعا بالفظاعات التي ارتكبتها في حقهم المليشيات الشيعية والنظام السوري، وظنوا أن هذا التنظيم هو فرصتهم للخلاص من المعاناة والعيش في استقرار وسعادة".
وذكرت الصحيفة أن دعاية التنظيم في المناطق السنية تقوم على التسويق لنظرته للشريعة الإسلامية، والمساواة وكفالة الفقراء، وتوفير الماء والكهرباء المجاني للناس، ولكن ما حصل على أرض الواقع هو أن "جنود الخلافة" نشروا الرعب والقتل حتى في صفوف أقرب المقربين منهم، وقد تحدث الكثير من الفارين من جحيم التنظيم في
سوريا عن خيبة أمل كبرى يشعر بها الجميع دون استثناء.
ونقلت الصحيفة في هذا السياق عن الناشط أبو سالم، من
دير الزور في شرق سوريا، قوله إن "تنظيم الدولة حول الجميع إلى أعداء له. إنه مجرد عصابة إجرامية تحاول أن تقدم نفسها كدولة تتمتع بحكومة ونظام معين، ولكن ما يتحدثون عنه في دعايتهم من تطبيق للشريعة والقيم الإسلامية ليس إلا بروباغاندا؛ فالتنظيم يمارس التعذيب والقتل، وأول ضحاياه هم أهل السنة".
كما نقلت الصحيفة شهادة لاجئة من مدينة تدمر، تدعى فاطمة، عبرت عن خوفها من التصريح باسمها الحقيقي؛ لأنها تخشى من أن أتباع تنظيم الدولة أصبحوا يلاحقون كل من يتجرأ على فضح جرائمهم حتى في خارج سوريا.
وتقول هذه المرأة البالغة من العمر 33 سنة، إن "السكان عانوا الأمرين تحت حكم بشار الأسد، ولم يكونوا يشعرون بالأمن والثقة عندما كان يسيطر على مدينة تدمر؛ لأنه كان يقوم بإخماد كل صوت معارض، ولكن الأمر ازداد سوءا مع تنظيم الدولة، الذي أثبت وجود فرق كبير بين ما يقوله في دعايته وما يحدث على أرض الواقع".
وذكرت الصحيفة في هذا السياق أن وثيقة مكونة من 12 صفحة نشرها التنظيم في إطار دعايته، تتحدث عن نظامه القضائي وعن التسامح والعدالة، كما ادعى التنظيم في هذه الوثيقة أن الشرطة الدينية (الحسبة) تقوم بإنجاز مهامها بكل لطف وبشكل ودي. ولكن كل شهادات الفارين تؤكد أن الأمر كان مخالفا لذلك تماما، كما تقول الصحيفة.
ونقلت الصحيفة في هذا السياق أن شهادات النساء تؤكد أن عناصر الحسبة عندما يرون امرأة لا ترتدي ملابسها بالشكل الذي يفرضونه هم، يتعرض زوجها للجلد. وقد روت امرأة من
الرقة كيف أن جارتها قامت بإخراج صفيحة القمامة من المنزل دون أن تغطي رأسها بالشكل المطلوب، فلمحها أحد عناصر الحسبة، وتعرض زوجها للعقوبة.
كما نقلت الصحيفة عن "أبو مناف"، من دير الزور، قوله إن رجال الدين في مدينته كشفوا للناس عن خطأ النظام القضائي لهذا التنظيم؛ حيث إن عمليات قطع الرؤوس والرجم التي يقوم بها التنظيم لم يكن لها ما يبررها من الناحية الشرعية، ولكن أغلب هؤلاء المعارضين لوحشية التنظيم كان ينتهي بهم الأمر بالتعرض للقتل أو المحاكمة بجرائم لم يرتكبوها.
كما أشار التقرير إلى أن ما جعل الناس يفقدون الثقة في تنظيم الدولة هو أن عناصره كانوا يعيشون في رفاهية، في مقابل بؤس وشقاء السكان المحليين. وتؤكد شهادات اللاجئين أن أغلب الشباب الملتحق بتنظيم الدولة لا يفعل ذلك عن قناعة، بل من أجل الهروب من الفقر، والحصول على الحماية لنفسه ولعائلته داخل التنظيم.
ونقلت الصحيفة في هذا السياق عن اللاجئ حسام، من الرقة، قوله إن "من ينتمي لتنظيم الدولة يشهد تحولا في منزلته الاجتماعية، ويمتلك سيارة فاخرة من سيارات الدفع الرباعي التي يملكها التنظيم، ويأكل في المطاعم الفاخرة".
كما نقلت في هذا السياق أيضا عن الفتاة سحر (26 سنة)، من مدينة الرقة، قولها إن مقاتلي التنظيم كانوا يكسرون أبواب المنازل، ويدخلون على العائلات، ويطلبون "تزويجهم من بناتها"، ورغم أن سحر نجحت في الهروب من سوريا، فإن أختيها الصغيرتين لا تزالان هناك، ولذلك يحرص والدهن على القول دائما إنه ليس لديه أي بنات غير متزوجات.