علقت صحيفة "إندبندنت" في افتتاحيتها على
محادثات جنيف بالقول إن "الحقيقة المرة حول محادثات السلام السورية في جنيف تؤكد أنه حتى لو انتهت باتفاق شامل بين طرفي النزاع، فلن تتوقف الحرب الأهلية، بل على العكس، فإن حدتها ستزيد".
وتشير الافتتاحية إلى أن طرفين من الأطراف الثلاثة في المعادلة السورية، لم يكونا حاضرين في جنيف، ولا يشاركان في هذه المحادثات، التي ستبدأ من جديد في 25 شباط/ فبراير الحالي، وهما الأكراد وتنظيم الدولة، اللذان يسيطران على ثلثي مناطق
سوريا.
وتؤكد الصحيفة أنه "لن تتم دعوة
تنظيم الدولة للمشاركة، وأنه سيواصل القتال، أما الأكراد فسيواصلون محاربته، كما سيحاول تنظيم الدولة في الوقت ذاته تخريب المحادثات".
وتلفت الافتتاحية إلى العملية الانتحارية في منطقة السيدة زينب جنوب دمشق يوم الأحد، التي قتل فيها 72 شخصا، معلقة بأن رئيس وفد النظام السوري بشار الجعفري دعا يوم الثلاثاء المعارضة لشجب الهجوم، ولم تستجب الأخيرة لطلبه بعد.
وترى الصحيفة أن السبب نابع من طبيعة النزاعات التي "تراكمت معا في داخل النار السورية المشتعلة، وتعد الحرب الطائفية الشيعية - السنية أهم شكل من أشكالها، فمن جهة هناك الحكومة السورية وحلفاؤها الإيرانيون، والسنة الذي يعد تنظيم الدولة الجناح الأكثر عنفا وتطرفا، ويظل في الوقت ذاته أقل الأطراف عداوة للأسد من بين الأعداء المحليين.
وتصف الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، محاولات المبعوث الدولي الخاص لسوريا دي ميستورا بإقناع الأطراف السورية المتحاربة للتحاور في جنيف، كمن كان يريد إعادة توحيد ألمانيا الغربية والشرقية في ذروة الحرب الباردة، "فقد ترحب بالمحاولة لكنك لا تريد المراهنة ماليا على نجاحها".
وتعتقد الصحيفة أن احتمال تحقيق صفقة أصبح أبعد بعدما قرر النظام السوري وحلفاؤه الروس شن عملية عسكرية واسعة في شمال سوريا، ومحاصرة المقاتلين في حلب، وقطع الإمدادات القادمة من تركيا.
وتجد الافتتاحية أن محاولة الجيوش الاستفادة من توقف القتال واتفاقيات وقف إطلاق النار لتقوية موقعها في المفاوضات، أمر يدعو على الأسى، وهو في الوقت ذاته أمر عادي.
وتفيد الصحيفة بأنه لا يمكن المقارنة بين وضع القوات التابعة للنظام والمعارضة، فبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن الحكومة السورية تقوم بمحاصرة 187 ألفا في البلدات والقرى المحاصرة، أما المعارضة المسلحة فتحاصر بلدتين يسكنهما 12 ألفا.
وتعلق الافتتاحية على هدف محادثات السلام، كما أقرتها الأمم المتحدة في كانون الأول/ ديسمبر، بأنها مفاوضات تتم بين ممثلين عن النظام السوري وجماعات المعارضة تقود في النهاية إلى انتخابات وحكومة جديدة، ولكن "أعداء الدم المنقسمين بناء على الطائفة الدينية والساخطين على بعضهم بسبب المذابح التي تعرض لها أبناء جلدتهم، والدمار لوطنهم، لا يمكن أن يجبروا على الجلوس على طاولة واحدة، فهذا عبث تمارسه الأمم المتحدة لا قيمة له".
وترى الصحيفة أنه يجب في النهاية التوصل إلى سلام رغم الغضب العارم؛ لأن ملايين اللاجئين وعائلات الضحايا، الذين يقدر عددهم ببربع مليون، يطالبون به، فهذا النزاع الذي يعد من أكثر النزاعات التي تؤثر على الاستقرار يجب أن يتوقف.
وتدعو الافتتاحية الغرب إلى مواصلة دعمه للجماعات التي دعمها بطريقة مترددة، وانتهاز أي فرصة دبلوماسية والبحث عنها، وإجبار كل من روسيا وإيران لممارسة الضغط على
الأسد؛ لكبح جماح قواته ووقفها بلدة بعد بلدة وحصارا بعد حصار.
وتختم "إندبندنت" افتتاحيتها بالقول: "إذا كانت محادثات جنيف ستترك أثرا، فيجب أن تجعل الحياة محتملة لمن يعيشون في الميدان وحالا".