تخلص الرئيس
الجزائري عبد العزيز
بوتفليقة من "صداع"
الدستور، عندما تمكن من تمريره بغرفتي
البرلمان، الأحد، دون "أضرار"، لكن السؤال الذي تطرحه الطبقة السياسية بالجزائر هو: دستور جديد وماذا بعد؟
نظريا، حقق الرئيس الجزائري، أمنيات، لم يحملها خطابه السياسي أثناء حملة الدعاية الانتخابية لانتخابات الرئاسة لنيسان/ أبريل من العام 2014 التي زكته لولاية رابعة، ولكن هذه الأمنيات، حملها بحقيبته، عندما ترشح، لأول مرة، لانتخابات الرئاسة العام 1999، وفاز بها.
وكان الرئيس بوتفليقة، ألقى خطابا على الجزائريين، أهم ما أورد فيه: "لا أريد أن أكون ثلاثة أرباع رئيس، وسأعمل على مراجعة جذرية للدستور".
حينها كان بوتفليقة مجرد واحد من ستة مترشحين للرئاسة في بلد أنهكته الحرب الأهلية وبلغ الإرهاب أوجه وشل الاقتصاد وانهارت الدولة. لكن المترشحين الستة انسحبوا جميعا لاعتقادهم أن اللعبة الانتخابية محسومة سلفا وأن الجيش يكون قد اختار مرشحه.
ولم يحقق الرئيس الجزائري حلم "إبعاد" الجيش عن إدارة شؤون البلاد إلا بعد مكوثه بالحكم 17 سنة كاملة، وبوقت تشكك المعارضة السياسية بأن يكون هو من يدير شؤون الدولة.
ويقر المتتبعون للشأن السياسي بالجزائر، أن الرئيس الجزائري، فعلا، أحكم قبضته على مفاصل الدولة، بعد التغييرات التي قام بها على مستوى المؤسسة العسكرية والمخابرات، بعد إحالته، رئيس دائرة الاستعلام والأمن، الفريق محمد لمين مدين، شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، على التقاعد بعد مكوثه بهذا المنصب الحساس ربع قرن حتى صار ينعت بـ"صانع الرؤساء".
وختم بوتفليقة إصلاحاته السياسية، بتعديل الدستور الذي صوت عليه البرلمان بغرفتيه الأحد، رغم مقاطعة نواب المعارضة.
لكن الكثيرين بالحقل السياسي، لا يرون أن تعديل الدستور سيحل المشكلات السياسية والمصاعب الاقتصادية التي تواجهها حكومة الوزير الأول عبد المالك سلال بسبب تدهور أسعار النفط، عصب الاقتصاد الجزائري. وسط تساؤل متكرر: دستور جزائري جديد ثم ماذا؟
وقال الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم، المعارضة أبو جرة سلطاني في تصريح خاص لـ "
عربي21"، إن "الدستور أصبح واقعا وحقيقة يبحث لها أصحابها عن صيغ جديدة للتكيف مع واقع مفروض، سوف تجد له الحكومة ترسانة من مشاريع القوانين التي تعدل ما كانت قد بادرت به في مسمى
الإصلاحات بين 2011 و2015، ويصبح الدستور الجديد دستور الموالاة والمعارضة على حد سواء".
وتابع سلطاني: "من واجب الذين سلكوا الطريق السهل لإقرار الدستور أن يجسدوا طموحات اجتماعية واقتصادية، سوف يفرضها الواقع بين سنتي 2016 و2019، وهي معركة شرسة والخوف هو أن تنزلق بعض الأطراف إلى استخدام أدوات غير ديمقراطية".
وتروج السلطة بالجزائر أن "الدستور الجديد سيفتح عهدا جديدا يؤسس لجمهورية ثانية، بطريق تكريس دولة القانون"، مثلما ذكر الوزير الأول الجزائري عقب التصويت على الدستور، الأحد.
وأفاد الناطق الرسمي للتجمع الوطني الديمقراطي، الموالي للسلطة بالجزائر صديق شهاب، في تصريح لـ "
عربي21"، أن "ورشات كبيرة تنتظرنا تماشيا مع المراجعة الدستورية، ومن الناحية الفكرية سيكون هنالك نقاش سياسي واجتماعي ومجتمعاتي واسع، فالمنظومة الدستورية سجلت نقلة نوعية فيما تعلق بالحريات والحقوق".
وقال مصدر حكومي رفيع بالجزائر، إنه "يرتقب وفقا لمقتضى الدستور الجديد، أن يعلن الوزير الأول عبد المالك سلال استقالة حكومته (مرجح يوم 11 شباط/ فبراير)".
وإن كان لا ينتظر تعديلا واسعا على حكومة سلال، في سياق "تجديد الثقة"، إلا أن اتجاها يشير إلى تدعيم الطاقم الحكومي بـ"وزراء مستشارين"، قد يكون عثمان طرطاق، منسق الرئيس المسؤول الأول عن المديريات الأمنية العامة التي حلت محل "دائرة الاستعلام والأمن" واحدا من هؤلاء.