رصد العلماء للمرة الأولى
موجات الجاذبية، وهي تموجات في المكان والزمان، افترض ألبرت آينشتاين وجودها قبل نحو 100 عام، وذلك في اكتشاف تاريخي أعلن، الخميس، يفتح نافذة جديدة على دراسة الكون.
وقال الباحثون إنهم رصدوا موجات الجاذبية الآتية من ثقبين أسودين بعيدين كانا يدوران بعضهما حول بعض، وقد أخذا يتقاربان في مسار حلزوني حتى ارتطما معا. وقالوا إن الموجات هي نتاج التصادم بين الثقبين الأسودين اللذين تبلغ كتلتهما نحو 30 مثل كتلة الشمس، ويبعدان 1.3 مليار سنة ضوئية عن الأرض.
فما هي موجات الجاذبية؟ وكيف تنبأ بها آينشتاين قبل أكثر من قرن؟ وما هي التقنية التي تم استخدامها لاكتشافها؟
صحيفة "الجارديان" البريطانية جمعت الإجابات الرئيسية عن هذه الأسئلة، في التقرير التالي الذي ترجمته "عربي21":
ما هي موجات الجاذبية؟
موجات الجاذبية هي تموجات في الزمان والمكان، شبيهة بالارتدادات على وجه البحيرة، وتسير بسرعة الضوء.
مثلا، ألق شيئا كبيرا جدا في ثبات الفضاء - مثل اصطدام ثقبين أسوديون أو اندماج نجمين -، وستنتشر موجات الجاذبية عبر كل بعد من الزمان والمكان، وليست عبر المجرة وحسب.
هل تم اكتشافها؟
نعم، بحسب ما أعلن المؤتمر يوم الخميس، باستخدام تقنية "مرصد ليزر موجات الجاذبية التداخلي"، التي تعرف اختصارا بـ "LIGO ليجو".
وتحقق الإنجاز العلمي التاريخي باستخدام مجسي ليزر عملاقين في الولايات المتحدة، أحدهما في لويزيانا والثاني في ولاية واشنطن، وهو ما توج رحلة بحث استمرت عشرات السنين للعثور على تلك الموجات.
واستطاع الجهازان رصد اهتزازات متناهية الصغر من مرور موجات الجاذبية. وبعد رصد إشارة موجات الجاذبية قال العلماء إنهم حولوها إلى موجات صوتية، واستطاعوا الاستماع إلى دوي اندماج الثقبين الأسودين.
كيف رصدت الظاهرة؟
رصدت الظاهرة عندما اصطدم ثقبان أسودان - أحدهما يصل إلى 35 ضعف حجم الشمس - وأصدرا صوتا استمر لـ 20 بالألف من الثانية، ثم التفا أحدهما على الآخر.
بداية، وصول الإشارة كانت علامة على كيفية نهاية النجوم، وعند نهاية العشرين ميلي ثانية، تسارع كل منهما بـ 250 ضعفا للثانية، قبل أن يؤدي الاندماج لثقب أسود مظلم.
لماذا انتظرها العالم؟
لأن العالم الألماني ألبيرت آينشتاين تنبأ بها قبل قرن، وكانت هي الجزئية الوحيدة التي لم تكن مجربة أو مراقبة من كل نظرياته.
كان آينشتاين تنبأ في 1916 بوجود موجات الجاذبية كإحدى نتائج نظرية النسبية العامة التي وضعها، والتي وصفت الجاذبية كتشوه في نسيج المكان والزمان نتج عن وجود المادة، لكن لم يعثر العلماء قبل الآن سوى على أدلة غير مباشرة على وجودها.
لماذا تعتبر هذه النظرية مهمة؟
لأن موجات الجاذبية تجيب عن الأسئلة عن لحظة وجود الكون، إذ إن الفلكيين يرجعون في الزمان، كما يرجعون في المكان، ولرؤية شيء عمره 13 مليار سنة ضوئية، فهم يلتقطون الضوء الذي بدأ رحلته قبل هذه المدة.
ولكن، مهما بلغت دقة المرصد، فلا يستطيع الراصد الفعلي الرجوع إلى أول 400 ألف عام من الكون؛ لأن الضوء سيكون قاتما ومتغيرا.
أما موجات الجاذبية، فهي موجودة منذ البدء، وبإمكانية رصدها يمكن الرجوع للحظة وجود الكون، وهو ما تنبأ العلماء أنه جرى بحسب "
الانفجار العظيم".
هل هذه نهاية الفيزياء؟
على العكس، فهذا الاكتشاف يفتح مزيدا من الأسئلة.
لماذا يتكون الكون من المادة، لا من عدم المادة؟ لماذا يمكننا رؤية 4 بالمئة فقط من الكون، ويبقى الباقي عبارة عن طاقة غامضة؟ لماذا يبدو الكون مستقرا؟ هل هذا كل الكون أم إنه كون من مليارات مليارات الأكوان؟ لماذا وجد أساسا؟
بطبيعة الحال، سيكون تأكيد نظرية آينشتاين نهاية مجموعة من الأسئلة، لكنه سيفتح مجموعة كبيرة جديدة من الألغاز وأسرار الكون.