أعلن مركز
النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب تلقيه قرارا من السلطات
المصرية بإغلاق المقر بسبب مخالفات صحية وممارسة نشاط مخالف للترخيص الممنوح له.
ويعد مركز النديم أحد أهم منظمات
حقوق الإنسان في مصر ويهتم fالدفاع عن ضحايا التعذيب وتوثيق حالات الوفاة والتعذيب والإهمال الطبي في مراكز الاحتجاز، وإعادة تأهيل ضحايا التعذيب بدنيا ونفسيا لتجاوز التجربة القاسية التي مروا بها، كما يساعد أهالي المفقودين والمختفيين قسريا في البحث عن ذويهم في المقرات الأمنية وأماكن الاحتجاز.
وقالت عايدة سيف الدولة، إحدى مؤسسات مركز النديم، إن "رجال الشرطة حضروا أمس الأربعاء إلى مقر المركز وأطلعوها على قرار من وزارة الصحة بضرورة الإغلاق دون توضيح أسباب الغلق أو نوع المخالفة التي ارتبكها العاملون في المركز".
وأضافت سيف الدولة أن محامي المركز تمكن من إقناع رجال الشرطة بتأجيل الإغلاق ومنحهم مهلة حتى يوم الاثنين المقبل لحين مراجعة وزارة الصحة ومعرفة دوافع القرار.
وأبدت سيف الدولة إصرارا واضحا على استمرار المركز في أداء مهمته، قائلة: "سنستمر في عملنا طالما بقينا خارج السجن ولم يتم اعتقالنا، وسيكون من الغباء أن يقرروا إغلاق المركز لأننا نقدم خدمة لا يقدمها أحد غيرنا للمحتاجين".
لسنا مسمطا أو زريبة
وأكد المركز في بيان له، حصلت "
عربي21" على نسحة منه، أن النظام يتعامل مع مركز النديم وفقا لقانون صدر عام 1954 مختص بالرقابة على المحال الصناعية والتجارية والتي تشمل عشرات الفئات من بينها المسامط والزرائب، ولا تتضمن المنشآت الصحية.
وأضاف أنه لا يستبعد أن يكون قرار إغلاق المركز صادرا من قبل الأجهزة الأمنية لسد أي متنفس أمام النشطاء كما ذكر أحد المسؤولين الأمنيين من قبل.
واختتم المركز بيانه بالقول: "لسنا بأفضل ممن يقبعون في السجون بتهم واهية أو رهن الحبس الاحتياطي غير المحدود، أو ممن منعوا من السفر أو احتجزوا في المطارات أو سحبت جوازات سفرهم، ولا أفضل من المنظمات التي أغلقت أو المهددة بالإغلاق في عهد عزت فيه الحرية وتجبر الظلم، إنها محنة يعيشها كل من آمن بشعارات ثورة يناير ورفعها ولازال ينادي بها، عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية لكل البشر، ونحن من بينهم".
وفي تصريحات صحفية، قال خالد مجاهد، الناطق باسم وزارة الصحة، إن قرار إغلاق مركز النديم سببه ممارسة أنشطة مخالفة للنشاط المصرح له به من قبل الحكومة باعتباره "منشأة طبية"، لكنه (مجاهد) رفض الإدلاء بتفاصيل أكثر حول طبيعة النشاط المخالف الذي زاوله المركز.
تفاقم القمع
من جانبها، قالت منظمة العفو الدولية إن إغلاق مركز النديم لحقوق الإنسان يعد بمثابة توسع في الحملة التي ينتهجها نظام عبد الفتاح السيسي قائد الإنقلاب ضد نشطاء حقوق الإنسان في مصر.
وأضاف نائب مدير المنظمة لشؤون الشرق الأوسط "سعيد بومدوحة" في بيان له الأربعاء، تلقت "
عربي21" نسخة منه، أن "مركز النديم يوفر شريان حياة للمئات من ضحايا التعذيب والاختفاء القسري وعائلاتهم"، مشيرا إلى أن "النظام يحاول إغلاقه باعتباره معقلا لحقوق الإنسان وشوكة في خاصرة السلطات لأكثر من 20 عاما".
وطالبت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية بتجميد قرار الإغلاق فورا وإعلان تفسير واضح لهذه الخطوة من جانبها".
وانتقد جمال، عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان هذا القرار، قائلا إن "الدولة البوليسية تستخدم وزارة الصحة ووزارة التأمينات في محاولة لإغلاق مؤسسات حقوقية، مصر دولة مستبدة، وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تحاول فيها الدولة البوليسية إغلاق مركز حقوقي".
وأضاف "عيد"، في تغريدة عبر "تويتر"، "أن من أسباب غلق مؤسسات حقوقية بمصر، عدم وجود طفاية حريق أو عدم التأمين على موظف، أو نشر أخبار انتهاكات لا ترحب الدولة بنشرها، الدولة بدلا من أن تحاول القبض على من عذب الشاب الإيطالي تقوم بإغلاق مركز يحارب التعذيب".
كما استنكر المحامي الحقوقي خالد علي، إغلاق مركز النديم قائلا، عبر "فيسبوك": "إغلاق المركز ليس حلا لمشكلات مصر التي تعاني منها، ولكن الأمر يحتاج إلى حوار مجتمعي، بالإضافة إلى فتح المجال العام للعمل أمام الجميع".
الحصاد المر
وكان مركز النديم قد نشر قبل عدة أيام تقريرا تحت عنوان "الحصاد المر لشهر آب/ أغسطس 2015 في مصر" أكد فيه وقوع 56 حالة وفاة و57 حالة تعذيب و44 حالة إهمال طبي في أماكن الاحتجاز، بالإضافة إلى 38 حالة إخفاء قسري.
كما أدلت ماجدة عدلي، مديرة مركز "النديم"، بتصريحات صحفية قبل أسبوعين قالت فيها إن جزءا كبيرا من ميزانية الدولة يتم تخصيصها لشراء أجهزة التعذيب، مؤكدة أن التعذيب لا يزال ممنهجا ويمارس كروتين يومي في كل أقسام الشرطة بلا استثناء.
وانتقدت بشدة تستر الدولة على المتهمين في جرائم التعذيب، وتوفر لهم حماية من العقاب ما جعل التعذيب يستفحل لأنه جريمة بلا عقاب.