نشرت صحيفة "ميدل إيست آي" تقريرا حول
الانتخابات الإيرانية ونتائجها، والصراع القائم بين مختلف التيارات التي تنافست على انتخابات مجلس
الخبراء والبرلمان. كما تطرق التقرير إلى ما قد يكون السبب وراء الفوز العريض للإصلاحيين في طهران.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21" إن 43 مليونا من أصل 55 مليون ناخب توجهوا يوم 26 شباط/ فبراير إلى مكاتب الاقتراع، للإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس الخبراء والبرلمان.
وأشارت الصحيفة إلى مهام
البرلمان الأساسية، والتي تتمثل أساسا في التشريع والرقابة، ويتم انتخاب أعضائه لمدة أربع سنوات، أما الـ88 عضوا الذين يشكلون مجلس الخبراء، فيتم انتخابهم لمدة ثماني سنوات.
أحد مهام هذا المجلس هي الإشراف على أعمال المرشد الأعلى وانتخاب خليفته إذا لزم الأمر، وبإمكان مجلس الخبراء إقالة المرشد الأعلى، وذلك حسب
الدستور.
ولفتت الصحيفة إلى أن العملية الانتخابية الأخيرة لا تعدو كونها صراعا بين تيارين، حيث إن الطرف الأول الذي يضم تيار الإصلاحيين والمعتدلين والمحافظين المعتدلين، شكل تحالفا بغاية الوقوف "ضد التطرف". وتم إطلاق اسم "قائمة الأمل" على قائمة المرشحين للبرلمان والتي ساندها التحالف، أما القائمة المرشحة من مجلس الخبراء فكانت تحت اسم "أصدقاء الإعتدال". وكان هذا التحالف تحت رئاسة الرئيس السابق لإيران هاشمي رفسنجاني.
أما الطرف الآخر فهم الأصوليون، وهو الاسم الذي اختاروه لأنفسهم، وكان قائمتهم تحت اسم "تحالف الأصوليين" وضمت المحافظين والمحافظين المتشددين. وقد ترشح "مستقلون" للانتخابات إلا أنهم لم يلقوا اهتماما من الإعلام الإيراني أو العالمي.
وأشارت الصحيفة إلى نتائج انتخابات البرلمان، التي لا زالت لم تحسم بعد، خاصة وأن 64 مقعدا لم يحدد بعد من الفائز بهم. لذلك سيتم تنظيم دورة ثانية من الانتخابات. أما نتائج مجلس الخبراء فقد انتهت بفوز رفسنجاني بالمركز الأول، بتحصله على 2.3 مليون صوت في طهران.
ورغم استبعاد عدد هام من المرشحين الإصلاحيين من قبل مجلس صيانة الدستور، إلا أن الإصلاحيين نجحوا في الحصول على أغلبية الأصوات. أما المتشددين، آية الله محمد يزدي ومحمد تقي مصباح، فقد خسروا مقاعدهم، وفاز مرشحوا "قائمة الأمل" بالـ30 مقعد المخصص لطهران، في انتصار غير مسبوق.
وذكرت الصحيفة أن الصراع بين الحداثة والتشدد في إيران ليس أمرا جديدا، فقد كانت هنالك محاولات لجعل المجتمع الإيراني أكثر حداثة، وذلك خلال فترة حكم الملك بهلوي، لكن بعد قيام الثورة الإسلامية سنة 1979، هيمن المتشددون على الحكم. لكن ذلك لم يكن النهاية، فقد أصبح الصراع أكثر دموية عند ظهور ما يسمى بالحركة الخضراء سنة 2005، والتي كانت ضد تولي محمد أحمدي نجاد الرئاسة ولم تكن مطالبها اقتصادية بقدر ما كانت سياسية.
وتحدثت الصحيفة عن معارضة كل من روحاني ورفسنجاني لقرارات مجلس حماية الدستور، خاصة في الفترة التي سبقت الانتخابات. وفي الحقيقة، يبدو أن الإصلاحيين لم ينسوا ما تعرضوا له خلال فترة حكم نجاد، الذي كان يحظى بدعم المتشددين. لكن القطرة التي أفاضت الكأس هي ما قام به مجلس حماية الدستور من إقصاء واستبعاد لعدد كبير من المرشحين المنتسبين للتيار الإصلاحي. هذا إلى جانب اتهام الإصلاحيين بأن قوائمهم الانتخابية تم اختيارها من قبل المملكة المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن جون كروسنيك، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ستانفرود، قوله إن "عدم قبولك لمرشح واحد أو اثنين كفيل بحثّك على الإدلاء بصوتك"، كما أظهرت نتائج تصويت قام به موقع "تبناك" الإيراني، للإجابة على سؤال "لماذا سأشارك في انتخابات 26 شباط/فبراير؟"، أن 65 بالمائة اختاروا الإجابة بالقول: "لكي لا يتم انتخاب خصومي". ويدل فوز الإصلاحيين بـ30 مقعد في طهران على مشاعر الرفض التي يكنها متساكنو طهران للمتشددين.
ونقلت الصحيفة التفسير الذي قدمه وحيد يمنبور، وهو محلل سياسي إيراني، والذي قال فيه إن أهالي طهران أصبحوا لا يمانعون من الانفتاح على الغرب، وإن كان هذا هو السبب الحقيقي، فمن الغريب أن هذا السيناريو لم يحدث في 2012، عندما فاز المتشددون بالأغلبية. والمتشددون الذين فازوا في 2012 هم أنفسهم الذين خسروا مقاعدهم في 2016.
وفي الختام، أكدت الصحيفة أن فوز الإصلاحيين قد يكون السبب فيه تزايد مشاعر الغضب والكراهية تجاه سياسات المتشددين، وقد أظهر الشعب مرة أخرى أن على الحكومات عدم تجاهل مطالب شعبهم.