لم يكن يخطر ببال أبي رامي، أنه وستة من أفراد عائلته، سينتهي بهم المطاف في أحد مراكز الاحتجاز في صربيا، على عكس باقي
اللاجئين الذين أكملوا طريقهم، بسبب عدم سماح السلطات الكرواتية لهم بدخول أراضيها، فقط لأنهم من محافظة
الرقة السورية، كما يقول.
فعائلة أبي رامي تتشارك المصير ذاته مع نحو 150 لاجئا من أبناء الرقة أيضا، تحتجزهم السلطات الصربية في أحد مراكز الاحتجاز، أو ما يعرف بـ"الكامب" بالقرب من الحدود الكرواتية، منذ نحو أسبوع.
ويقول أبو رامي لـ"عربي21": "بعد أن قطعنا آلاف الكيلومترات، وصولا إلى الحدود الصربية الكرواتية تم إعادتنا من قبل السلطات الكرواتية، بعد تفحص أوراقنا الثبوتية، من بطاقات شخصية وجوازات سفر، عن طريق مترجمين مساعدين، وتفاجأنا بأن السبب يعود لكوننا ننتمي لمدينة الرقة التي يسيطر عليها
تنظيم الدولة".
ويضيف: "حاولنا عدة مرات العبور دون جدوى، وفي إحدى المرات اعتصمنا بالقرب من الدور المصطف على بوابة الدخول إلى كرواتيا، لنعبّر عن اعتراضنا على هذا القرار، كوننا مدنيين ولا ننتمي للتنظيم، فقامت الشرطة بضربنا، ما أدى إلى كسر يد ابنتي وجرح أخي وإصابة صديق لنا، ليتم إعادتنا مجددا إلى الكامب في صربيا"، وفق قوله.
وأكد أبو رامي أن منظمات حقوقية وأخرى مختصة بشؤون اللاجئين، إضافة إلى السلطات الصربية، وعدتهم بمناقشة وضعهم مع السلطات الكرواتية، إلا أن ذلك لم يجد نفعا، حيث إنهم ما زالوا محتجزين في صربيا، ومن بينهم نساء وأطفال وكبار سن.
ويأتي تشديد الإجراءات وسط جدل واسع يدور في أروقة الاتحاد الأوروبي حول كيفية التعامل مع الأعداد المتزايدة من اللاجئين، وفي ظل سريان اتفاقية بين الاتحاد الأوربي وتركيا؛ لإغلاق حدودها، ومنع تدفق المزيد من اللاجئين إلى أوروبا.
كما يتم ربط هذه الإجراءات بالتفجيرات التي وقعت في باريس وأنقرة، وازدياد مخاوف الدول الأوروبية من وقوع هجمات مماثلة يقف وراءها تنظيم الدولة.
من جانبه، يؤكد مضر حماد الأسعد، المتحدث الرسمي باسم "الرابطة السورية لحقوق اللاجئين"، وهي رابطة حقوقية تأسست في تركيا وتعنى بشؤون اللاجئين السوريين في دول العالم، وصول شكاوى للرابطة حول العالقين على الحدود الكرواتية، لكنه يشير إلى أن السبب ليس فقط كونهم من أبناء الرقة الخاضعة لسيطرة التنظيم، وإنما بسبب حيازتهم جوازات سفر أو هويات شخصية يشتبه بكونها "مزورة"، بحسب ما نقله عن مصادر في السلطات الكرواتية.
وقال الأسعد لـ"عربي21" إن الدول الأوربية باتت تشدد على إجراءات عبور اللاجئين، لا سيما في دول البلقان (
مقدونيا، صربيا، كرواتيا)، تجاه الأوراق الثبوتية، حيث تجري عمليات تدقيق حول الاشتباه بتزوير الوثائق الرسمية، وخاصة جوازات السفر، بعد وصولها معلومات بأن التنظيم استولى على آلات لطباعة مثل هذه الجوازات، ما جعلهم يشددون على أبناء الرقة بشكل خاص، وفق تقديره.
وأوضح الأسعد أن هذه الدول باتت أيضا تسعى للتأكد من عدم انتماء اللاجئين، القادمين من مناطق سيطرة تنظيم الدولة، للتنظيم أو مبايعته، استنادا للمعلومات الاستخباراتية، بحسب ما نقله عن مصادر أوروبية.
وطالب المتحدث الرسمي باسم الرابطة السورية لحقوق اللاجئين السلطات في كرواتيا ومقدونيا وصربيا، بتسهيل مرور اللاجئين، لكون هذه الدول هي دول عبور فقط، في ظل الظروف الجوية الباردة، مذكرا بالمواثيق والاتفاقيات الدولية بخصوص حقوق اللاجئين.
يشار إلى أن أكثر من 13 ألف لاجئ يحتشدون على الحدود اليونانية المقدونية منذ نحو أسبوع، وتحديدا في مخيم "إيدوميني" المجهز لاستيعاب 1500 شخص فقط، وسط ظروف بالغة السوء، مع انخفاض كبير في درجات الحرارة، ونقص المساعدات الغذائية، وذلك بعد أن قررت مقدونيا مؤخرا إغلاق حدودها أمام اللاجئين القادمين من اليونان، وأقامت أسلاكا شائكة وحواجز أمنية تمتد لعدة كيلومترات، يقوم على حراستها جنود مسلحون، وبانتظار تقرير مصير هؤلاء اللاجئين من قبل الاتحاد الأوروبي.