في واحدة من أصعب المهام والواجبات؛ وجدت آلاف النساء في
مصر أنفسهن مسؤولات عن ذويهن
المعتقلين في السجون، على خلفية آرائهم السياسية المعارضة للنظام، وتقدمن فجأة صفوف المواجهة للنظام العسكري، وسعين إلى الكشف عن حجم المعاناة والانتهاكات المرتكبة بحق ذويهن من جهة، وللعب دور الأم والزوجة من جهة أخرى.
تقول الدكتورة نهى عبد الله، زوجة نائب رئيس حزب الوسط عصام سلطان، إن "اعتقال زوجي فرض علي نمطا جديدا من الحياة، فلقد كنت مشغولة بالبيت والأولاد عن ممارسة نشاطي السياسي كوني عضوا في الحزب، ولكن الظروف دفعتني إلى أن أكون صوت زوجي المعتقل، حيث إنه لا يُسمح له بالحديث، ويوضع خلف لوح زجاجي يحجب صوته أثناء محاكمته".
وأضافت لـ"
عربي21" أن "الأوضاع داخل السجون غير آدمية، فحقوق الإنسان مهدورة تماما، ولقد نقلنا معاناة المعتقلين إلى الداخل والخارج بكل الوسائل المتاحة؛ بالكلمة والصوت والفعل"، مؤكدة أن سلطات الانقلاب "تجاوزت حدود العقوبة؛ من الحرمان من الحرية، إلى التعذيب والانتهاك والامتهان".
وعن مصدر القوة التي تستمد زوجات المعتقلين منه قدرتهن على مواصلة رحلتهن بين السجن والشارع؛ قالت نهى إن "أي إنسان معرض أن يفقد عزيمته في مواجهة هذا النظام بجبروته، ولكن الله يقذف القوة والعزيمة في صدورنا، ويثبّتنا على إيماننا بقضيتنا، واستبسال أزواجنا وثباتهم وصبرهم".
وأشادت نهى بـ"دور المنظمات
الحقوقية المحلية والدولية، والعديد من الصحف والمواقع والأقلام الحرة التي تهتم بقضايا زوجات المعتقلين، وتؤازرهن، وتكشف انتهاكات النظام بحق ذويهن، وتطالب بالحصول على حقوقهن بزيارتهم، وإدخال الطعام والدواء إليهم".
خيار وحيد
من جهتها؛ قالت مروة أبو زيد، العضوة في مؤسسة الدفاع عن المظلومين، وزوجة المعتقل الصحفي عبدالرحمن دابي، إنه "ليس لدينا خيار آخر غير الدفاع عن أزواجنا من الظلم الواقع عليهم، ومواصلة النضال ضد النظام الانقلابي".
وأضافت لـ"
عربي21": "لا فرق هنا بين الرجل والمرأة، فكلانا نناضل سويا لإسقاط الانقلاب منذ وقوعه وحتى هذه اللحظة، ولن ينتهي هذا الظلم إلا عندما نستطيع القضاء على الظالم نفسه".
وتابعت: "إننا نستمد قوتنا من سلوك طريق الحق، والدفاع عن الدين والوطن، ومن عزائم أزواجنا، وصلابتهم في مواجهة الظلم".
لا استسلام
من جانبها؛ قالت نجلاء طه، زوجة الصحفي هاني صلاح المعتقل في
سجن العقرب، إن النساء قمن بدورهن منذ اعتقال أزواجهن؛ من خلال تلبية احتياجاتهم، ومواجهة النظام في الدفاع عنهم، وكشف الحقائق أمام الرأي العام، والضغط عليه محليا ودوليا.
وأضافت لـ"
عربي21": "بالرغم من أن غياب أزواجنا أثر في كل شيء حولنا، وبات البيت بدون ربان؛ إلا أننا لم نستسلم، وقبلنا التحدي، وشققنا طريقنا وسط المصاعب والمتاعب من أجل تأمين احتياجاتهم، والتهوين عليهم، ونقل معاناتهم للعالم".
وعن الفعاليات التي ينشطن فيها؛ قالت نجلاء: "لم نترك بابا إلا وطرقناه، ولا طريقا إلا وسلكناه، ولا مسؤولا إلا وخاطبناه، ونحن نشارك في جميع الفعاليات الاحتجاجية، والندوات، والمؤتمرات من أجل رفع الظلم عن أزواجنا وأبنائنا".
وأشارت إلى أن تعاون زوجات المعتقلين فيما بينهن، وتواجدهن وأمهات المعتقلين جنبا إلى جنب؛ يشعرهن بالقوة، ويمنحهن عزيمة قوية في مواجهة الظلم وأهله.
الدفاع عن الشرعية
بدورها؛ كشفت المتحدثة باسم "رابطة أهالي المعتقلين بسجن العقرب" آية علاء، عن حجم المسؤولية الملقاة على عاتق زوجات المعتقلين، واستعدادهن للصمود حتى الإفراج عنهم؛ بالرغم من المضايقات الأمنية.
وقالت لـ"
عربي21" إن دور
المرأة برز بقوة منذ ثورة 25 يناير، بوصفها شريكا في الثورة، ولم يقتصر دورها على المنزل أو العمل، بل إنه يتغير وفق مقتضيات الحياة، مؤكدة أن حراكهن يهدف إلى الدفاع عن الشرعية، وليس فقط بسبب اعتقال أزواجهن.
وأضافت آية أنه "منذ تغييب آلاف المعتقلين في السجون؛ فقد نهضت المرأة بقوة لتعبر عن صوت زوجها أو أبيها أو أخيها في جميع الفعاليات، بالإضافة إلى دورها في مناهضة نظام ظالم، والدعوة لتغييره"، مبينة أن "المرأة خرجت عن الأدوار النمطية لها في المجتمع، واضطرت لخوض العديد من التجارب القاسية، وكسر بعض القيود في رحلة الكشف عن الانتهاكات، ونقل الحقائق".