هاجم الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، ناصر بوريطة، الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، واعتبره تطاول على ملك
المغرب، ساعات بعد عقد مجلس الأمن اجتماعا حول التوتر بين المغرب وبين المنظمة الأممية.
وعقد مجلس الأمن جلسة مغلقة لمناقشة التطورات الأخيرة لملف
الصحراء المغربية، بعد تصريحات بان كي مون الذي اعتبر الصحراء منطقة "محتلة"، ورد مغربي بلغ حد تقليص بعثة
الأمم المتحدة بالصحراء.
بان كي مون تطاول على الملك
وقال ناصر بوريطة، في ندوة صحافية عقدها الجمعة في الرباط، إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تطاول على المغرب وعلى الملك.
وتابع بوريطة أن بان كي مون قال بأنه "يمكن أن يلتقي أي شخص آخر عوضا عن الملك محمد السادس، بعدما اعتذر المغرب عن قبول زيارة بان كي مون نظرا لكونها لا تتناسب مع الأجندة الملكية".
وأوضح بوريطة، أن "الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اقترح زيارة المغرب في الفترة ما بين 3 و8 آذار/مارس 2016، غير أن المغرب لم يوافق على هذا المقترح لكونه لا يتلاءم مع الأجندة الملكية".
وأضاف أن "وزير الشؤون الخارجية والتعاون، أكد للأمين العام للأمم المتحدة أن الزيارة مرحب بها لكنها لا تتلاءم مع الأجندة الملكية".
مجلس الأمن
أكد الوزير أن مجلس الأمن تحلى بـ"المسؤولية والرزانة" خلال مناقشته لتطورات الموقف عقب تصريحات الأمين العام الأممي الأخيرة حول قضية الصحراء.
وأوضح أن ما يهم المغرب في اجتماع مجلس الأمن هو "خلاصة النقاشات"، معتبرا أن عدم صدور أي بلاغ أو بيان عن المجلس والاكتفاء بالتأكيد على استمرار اتصالات الدول الأعضاء بهذا الخصوص يدل على "مسؤولية ورزانة".
وأعرب الوزير عن ارتياحه لكون المجلس أخذ بعين الاعتبار كل حيثيات الموقف إذ لم يركز على قرارات المغرب فقط بل أيضا على مسبباتها.
وشدد الوزير على أن ملف قضية الصحراء بيد مجلس الأمن وأن مهمة التسهيل (التي يقوم بها الأمين العام الأممي أو ممثله الشخصي) تتمثل في تطبيق قرارات مجلس الأمن وفي إطار محدداته.
ورغم أن جلسة مجلس الأمن كانت مغلقة، ولم يتسرب منها شيء فإن وزير الخارجية المغربي السابق، سعد الدين العثماني، نشر على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، عن الناطق الرسمي للإدارة الأمريكية قوله إن موقف الأمين العام للأمم المتحدة "بمثابة دعوة لتأجيج الأوضاع".
وتابع الوزير السابق نقلا عن المسؤول الأمريكي: "وهذا ما ترفضه الإدارة تماما، الدول الأعضاء في مجلس الأمن كانت دائما مع إرساء المسار الأممي دون أن تتخذ موقفا منحازا لأي طرف من أطراف النزاع".
رد على بان كي مون
وأوضح بوريطة أن الرد المغربي على انزلاقات الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارته الأخيرة للمنطقة كان "متناسبا مع خطورتها".
وقال بوريطة: "لقد كان هناك تناسب في التعامل مع خطورة انزلاقات الأمين العام بان كي مون"، مضيفا أن الأمر يتعلق بأقل ما يمكن أن يتخذه المغرب بهذا الخصوص.
وأكد الوزير المنتدب أن المغرب "يميز بين الأمم المتحدة والأمين العام بان كي مون"، موضحا أن المغرب "ليس في حاجة لدروس" بخصوص الالتزام مع الأمم المتحدة و"ليس لديه (المغرب) مشكل مع مجلس الأمن أو الأمم المتحدة وإنما مع انزلاقات الأمين العام بان كي مون".
وذكر بأن المملكة المغربية تعد من أكبر المساهمين في بعثات حفظ السلام الأممية عبر العالم، حيث استشهد العديد من جنودها تحت راية المنتظم الدولي، مضيفا أن المغرب قد يكون الدولة الوحيدة التي شاركت في مهمات لحفظ السلام في القارات الأربع.
وأشار في السياق ذاته إلى أن المغرب يرأس المنتدى العالمي لمحاربة الإرهاب ويعتزم تنظيم قمة المناخ " كوب 22" إلى جانب مساهمة المملكة في الأجهزة الرئيسية للأمم المتحدة ومشاركتها في الإنجازات الأممية حول التنمية البشرية.
وشدد بوريطة على أن تعاطي المغرب مع انزلاقات بان كي مون خلال زيارته الأخيرة للمنطقة جاء من منطلق أنها ليست مجرد زلات لسان بل لكونها "تمس جوهر الملف".
أربع مؤاخذات
واستعرض بوريطة أربع مؤاخذات مغربية على بان كي مون، استوجبت التصعيد ضده، وقال إن وصف "احتلال" الذي استخدمه الأمين العام خلال هذه الزيارة، له تبعات سياسية وقانونية، وبالتالي فإن الأمر لا يتعلق بـ"زلة لسان أو خطأ بسيط وكان لا بد من التعامل مع الأمر بصرامة".
أما المؤاخذة الثانية التي كانت للجانب المغربي على الأمين العام الأممي خلال هذه الزيارة فهي انتقاله إلى منطقة "بئر لحلو" انطلاقا من تندوف وليس من الأقاليم الجنوبية، وهو ما قد يوحي بأن هذه المنطقة امتداد لتندوف.
وشدد الوزير المنتدب على أن "المنطقة العازلة، وهي جزء من الصحراء وتحت السيادة المغربية تركت كمجال لتدبير الاستفزازات وأعطيت للأمم المتحدة لتدبير وقف إطلاق النار".
ثالث المؤاخذات تعلق بحديث الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارته الأخيرة للمنطقة عن كون "الاستفتاء" ممكنا، حيث أشار إلى أنه لم تتم الإشارة للاستفتاء من طرف مجلس الأمن منذ 2004 ومن طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ 2007، مؤكدا أن الاستفتاء متجاوز كما يقول ذلك مجلس الأمن والجمعية العامة وتقارير الأمين العام نفسه.
أما المؤاخذة الرابعة للمغرب على تصريحات الأمين العام الأممي فتتعلق بالجانب الإنساني ودعوته لمؤتمر للمانحين، حيث حرص الوزير على التأكيد بأن عقد مؤتمر للمانحين يقتضي معرفة حجم الاحتياجات وبالتالي عدد المحتاجين وهو ما لا يمكن القيام به في غياب إحصاء للساكنة، مذكرا بأن الأمين العام الأممي يطالب هو نفسه بإجراء إحصاء منذ 2009.
بعثة المينورسو
وقال بوريطة إن قرار المغرب بتخفيض المكون المدني للبعثة الأممية، الذي شمل 84 شخصا، لا يمس بولاية المينورسو التي ليس لها أي دور سياسي وتنحصر مهمتها في الجانب العسكري، أي الحفاظ على وقف إطلاق النار.
وتابع أن الجانب المغربي سجل على المكون المدني في البعثة الأممية "انزلاقات يومية" تتمثل في تجاوز اختصاصاته وأخرى في تقاريره المرفوعة إلى نيويورك، معتبرا أن هذه التصرفات هي التي مهدت لـ"المنطق والمصطلحات" الجديدة (في إشارة إلى تصريحات بان كي مون).
وبخصوص وقف المساهمة الطوعية للمغرب لتسهيل مهمة الأمم المتحدة، قال الوزير إن المواطن المغربي "لا يمكن أن يدفع من جيبه لمن يعتبره محتلا".