نشرت صحيفة البايس الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن تحرك
السعودية نحو الخروج من
اليمن، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من فراغ على مستوى السلطة، ورأت أن هذا الفراغ السياسي يهدد استقرار وأمن شبه الجزيرة العربية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد عام تقريبا من التدخل العسكري في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، طغى على النجاح النسبي للرياض في وقف المتمردين
الحوثيين وحلفائهم تقدم تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة داخل المناطق المحررة نظريا.
وقالت الصحيفة إن غياب مشروع مشترك بين مختلف الفصائل المناهضة للحوثيين، التي جمعها فقط المال السعودي، خلق فراغا في السلطة، كما أن هذا الفراغ يهدد استقرار كامل شبه الجزيرة العربية.
ورأت الصحيفة أن المملكة وشركاءها في التحالف، يبحثون في استراتيجية خروج لإنهاء الحملة المثيرة للجدل، في واحد من أفقر البلدان في العالم العربي.
ونقلت الصحيفة عن مصطفى نعمان، نائب وزير الخارجية السابق المتواجد الآن في المنفى، أن الإمكانيات العسكرية للحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح قد تراجعت. كما أنها عانت من خسائر بشرية ضخمة.
وأضافت الصحيفة أن الهاجس السعودي فيما يتعلق بالنفوذ الإيراني في اليمن، كان دون شك من أهم دواعي التدخل العسكري للمملكة في اليمن. وكان أول أهدافها من خلال هذا التدخل، القيام بإصلاحات برئاسة عبد ربه منصور هادي، الذي أزيح من السلطة بعد سيطرة مليشيات الحوثيين.
ونقلت الصحيفة عن آدم بارون، الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قوله إنه "كان هناك نجاح نسبي في وقف الحوثيين؛ فمن الناحية العسكرية خسروا مناطق في تعز وفي وسط البلاد، لكن هذه النتائج كلفت التحالف أكثر مما كان ينتظره".
وحسب هذا الخبير في الشؤون اليمنية، فإن العاصمة صنعاء والمنطقة الحدودية مع السعودية لا زالت تحت سيطرة الحوثيين.
وحسب رأيه، فإن ما يثير انزعاج السعودية هو الفوضى التي انتشرت في المناطق التي القوات الموالية لها، مثل عدن التي تمّ تحريرها منذ ستة أشهر وهي الآن تشهد عمليات ضد تنظيم القاعدة، وهو ما ينطبق على معظم المحافظات الجنوبية للبلاد، وعلى كامل الشريط الساحلي تقريبا.
ورأى بارون أن حالة اليمن الآن أسوأ من العام الماضي. وقال: "بالفعل تمكنت قوات التحالف من طرد الحوثيين، ولكن لا توجد قوة للدولة لتحل محلها. فالخطر الأكبر بالنسبة لليمن وشبه الجزيرة العربية بأسرها، هو الفراغ على مستوى السلطة".
وإلى جانب انعدام الأمن على نطاق واسع، دمرت التفجيرات والمعارك محطات توليد الطاقة، المصانع، المستشفيات والمدارس، كما أصبح السكان في عرضة للخطر.
وأضافت الصحيفة أنه حسب تقديرات وزارة التخطيط اليمنية، انخفض الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد بنسبة 35 في المئة في العام، الماضي ليستقر في معدل 320 دولارا.
وأوردت الصحيفة أنه حسب الأمم المتحدة، خلّف الصراع في اليمن منذ بدء التحالف الذي تقوده السعودية، حوالي ستة آلاف و200 قتيل، نصفهم من المدنيين. كما أن حوالي 2.7 مليون يمني، اضطروا إلى مغادرة منازلهم والنزوح إلى مناطق داخل اليمن أو خارجها، لا سيما السعودية أو الهجرة عبر البحر، فيما لجأ القليل منهم إلى أوروبا.
وقالت الصحيفة إن الخطر يبدو واضحا، فالمتمردون الحوثيون يقومون بالردّ على القصف الجوي للتحالف، بهجمات على الحدود السعودية، وهو ما تسببت في سقوط نحو 100 قتيل داخل المملكة.
وأضافت الصحيفة أنه نوعا ما، مثلت الهدنة التي تم التوصل إليها في منتصف آذار/ مارس، من خلال وساطة من زعماء القبائل في المنطقة (ومن خلال تبادل الأسرى)، علامة أولى تبين أن الرياض تبحث عن سبل لإنهاء الحرب التي لم تعتقد أبدا أنها ستتواصل كثيرا.
ويرى بارون أن هذه الخطوة إيجابية نوعا ما، لكن الوضع يحتاج إلى الدفع بالمسار السياسي إلى الأمام، وأن جميع الأطراف تريد إنهاء الصراع.
وأشار بارون إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي زادا من الضغط على الرياض؛ بسبب القلق من تقدم تنظيم القاعدة. كما أن هناك خشية من المخاطر التي يمكن أن تلحق بشبه الجزيرة العربية، إضافة إلى أن اليمنيين يرون كيف أن بلدهم بدأ يسقط في الهاوية.
وقال مصطفى نعمان إنه يجب أن يقدم الحوثيون وعدا بعدم مهاجمة الحدود السعودية، لتتمكن العملية من التقدم إلى الأمام؛ لذلك ينبغي عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية، على أسلوب اتفاق "الطائف"، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية.
لكن نعمان ينبه إلى أنه في حال التوصل لمصالحة وطنية، يجب علينا تجنب الأخطاء التي رافقت التجربة اللبنانية، مثل السماح لحزب الله بالاحتفاظ بسلاحه.
وأشارت الصحيفة إلى تصريح المتحدث باسم
التحالف العربي، أحمد عسيري، بأن العمليات العسكرية الكبرى للتحالف اقتربت من تحقيق الهدف الذي جاءت من أجله.
لكن بارون الذي تحدث عن غياب حماس الحكومة اليمنية بشأن المفاوضات وعدم تعاونها مع مختلف الفصائل اليمنية، لخص الوضع الحالي بالقول بأنه "من السهل أن نبدأ الحرب، لكن من الصعب إنهاؤها".